جوجل تطور سرًا خليفة لنظام تشغيلها أندرويد

جوجل تطور سرًا خليفة لنظام تشغيلها أندرويد

مدونة م.محمد طعمة

السبت، ٢١ يوليو ٢٠١٨

تعمل مجموعة صغيرة من مهندسي شركة جوجل منذ أكثر من عامين على تطوير نظام تشغيلي جديد يأملون أن يحل في النهاية محل نظام تشغيل الأجهزة المحمولة المهيمن عالميًا أندرويد، ولكن يتعين على هذا الفريق في البداية التغلب على بعض المشاكل الداخلية المتعلقة بكيفية عمل النظام، والذي يعرف باسم فوشيا Fuchsia، حيث تم إنشاء هذا المشروع من الصفر للتغلب على القيود التي يفرضها نظام أندرويد في ظل توافر المزيد من الأجهزة الشخصية وغيرها من الأدوات عبر الإنترنت.
 
وجرى تصميم النظام الجديد ليتعامل بشكل أفضل مع الأوامر الصوتية والتحديثات الأمنية المتكررة، بالإضافة إلى عمله بشكل متماثل عبر مجموعة من الأجهزة المختلفة، بما في ذلك أجهزة الحاسب المحمولة وأجهزة الاستشعار الصغيرة المتصلة بالإنترنت.
 
وكان سوندار بيتشاي Sundar Pichai، الرئيس التنفيذي لشركة جوجل قد أوضح أن جوجل تعد شركة ذكاء اصطناعي في المقام الأول، حيث جرى توجيه الشركة نحو خدمات الذكاء الاصطناعي التي تصل إلى المستهلكين في كل مكان، ومع ذلك فإن نظام تشغيلها الرئيسي، الذي تعتمد عليه العشرات من شركات تصنيع الأجهزة، لم يتماشى مع ذلك.
 
وبدأت جوجل في عام 2016 بنشر التعليمات البرمجية المصدرية عبر الإنترنت بهدوء، وسمحت الشركة لمطوري التطبيقات الخارجيين بتجريب أجزاء من التعليمات البرمجية المصدرية المفتوحة، وناقش أعضاء فريق فوشيا خطة أكبر تتمثل في إنشاء نظام تشغيل واحد قادر على تشغيل جميع أدوات وأجهزة الشركة مثل هواتف بيكسل ومكبرات الصوت المنزلية الذكية، بالإضافة إلى أجهزة الشركات الأخرى التي تعتمد على أندرويد ونظام التشغيل الآخر المسمى كروم.
 
وقال المهندسون إنهم يريدون تضمين فوشيا Fuchsia على الأجهزة المنزلية المتصلة مثل مكبرات الصوت التي يتم التحكم فيها صوتًا، ومن ثم الانتقال إلى الأجهزة الأكبر مثل أجهزة الحواسيب المحمولة في غضون ثلاث سنوات، حيث يطمح الفريق في نهاية المطاف إلى استبدال نظام أندرويد، الذي يتواجد على أكثر من ثلاثة أرباع الهواتف الذكية في العالم، بنظام فوشيا، مع تحديد موعد زمني لتحقيق هذا الهدف.
 
وتوضح المعلومات أن سوندار بيتشاي ونائبه هيروشي لوكهايمر Hiroshi Lockheimer، المسؤول عن نظامي أندرويد وكروم، لم يوقعوا بعد على أي خريطة طريق لفوشيا، معتقدين أنه ينبغي التحرك بحذر عند التعامل مع أي خطة لإصلاح أندرويد، وذلك بسبب دعم نظام التشغيل للعشرات من شركات تصنيع الأجهزة وآلاف المطورين ومليارت الدولارات الإعلانية المحمولة.
 
كما يخضع أندرويد إلى تدقيق متزايد من قبل المنظمين، ويسبب مشاكل قانونية للشركة، مما يعني أن أي تغييرات عليه سوف تتم مراقبتها عن كثب، وكان المنظمون الأوربيون قد فرضوا غرامة قياسية على شركة جوجل بقيمة 5 مليار دولار فيما يتعلق بقضية مكافحة الاحتكار لاستخدام جوجل نظامها المحمول لنشر خدماتها.
 
ويواجه نظام فوشيا بعض الخلافات الشديدة ضمن جوجل حول كيفية تصميمه ونشره، خاصة عندما يتعلق الأمر بخصائص الخصوصية، وتشير الشركة بشكل عام إلى فوشيا كمثال على نهجها الحر في المنتجات الإبداعية، وقال متحدث باسم الشركة: “جوجل ترى هذه التجارب مفتوحة المصدر كاستثمار في الابتكار”، وأوضحت الشركة في عام 2015 أنها ليس لديها خطط لاستبدال نظام التشغيل كروم الخاص بها بنظام أندرويد.
 
ويشكل نظام فوشيا أكثر من مجرد جهد اختباري للشركة، حيث أعرب سوندار بيتشاي عن دعمه للمشروع داخليًا، والذي يعمل عليه الآن أكثر من 100 شخص، بما في ذلك مهندسين مخضرمين مثل ماتياس دوارتي Matias Duarte، وهو مسؤول تنفيذي عن قسم التصميم قاد العديد من المشاريع الرائدة في جوجل.
 
ويركز المشروع على التنافس بشكل أفضل مع نظام تشغيل شركة آبل للاجهزة المحمولة آي أو إس iOS، وبالرغم من أن حصة نظام أندرويد السوقية تبلغ 85 في المئة، إلا أن نظام آبل يمتاز بقوته في مجالات مثل الأداء والخصوصية والأمان والتكامل عبر أجهزة آبل الأخرى.
 
كما أن هناك ميزة رئيسية أخرى تتمثل بقيام معظم مستخدمي هواتف آيفون بتحديث هواتفهم بسرعة عند إطلاق آبل لنسخة جديدة من نظامها التشغيلي، بينما يقوم أقل من 10 في المئة من مستخدمي أندرويد بذلك، بحيث لا تصل النسخة الجديدة من النظام إلا إلى جزء صغير من مستخدمي أندرويد.
 
وتعتمد جوجل على الشركات المصنعة للهواتف من أجل توفير تحديثات نظام التشغيل والتحديثات الأمنية العادية لأجهزة أندرويد، لكن هؤلاء الشركاء لا يمتلكون حافزًا كبيرًا لنشر أحدث نسخة من النظام التشغيلي بشكل يشابه جوجل.
 
ويفضل صانعو الهواتف بيع أجهزة جديدة بدلًا من تحديث الأجهزة القديمة، وحاولت عملاقة البحث معالجة هذه المشكلة في الآونة الأخيرة عبر قيامها في شهر مايو/أيار بتعديل اتفاقيتها مع صانعي أجهزة الهاتف لتطلب منهم توفير التحديثات الأمنية عدة مرات في السنة.
 
وتتواجد بعض الدلائل على أن نظام فوشيا يتضمن إجراءات أمنية أكثر تشددًا، إذ قام المهندسون ببناء مفاتيح مستخدم مشفرة ضمن النظام، وهي أداة خصوصية تضمن حماية المعلومات في كل مرة يتم فيها تحديث النظام.
 
كما تم توظيف أشخاص أصحاب خبرة في هذا المجال مثل نيك كرافليفيتش Nick Kralevich، وهو مهندس الحماية والأمن الرئيسي لنظام أندرويد لمدة تسع سنوات، والذي انتقل للعمل على فوشيا في شهر يناير/كانون الثاني.
 
ويعتبر نظام أندرويد غير مصمم للتعامل مع أنواع التطبيقات المعتمدة على الصوت، والتي تعتبرها جوجل مستقبل الحوسبة، ولذلك يجري تطوير فوشيا بشكل أساسي للتفاعل مع الصوت.
 
كما يعد تصميم النظام الجديد أكثر مرونة من حيث تكيفه مع الأحجام المختلفة للشاشة، وذلك في محاولة للتوافق مع المنتجات الجديدة مثل أجهزة التلفزيون والسيارات والثلاجات، وهي المنتجات التي تحاول جوجل نشر نظامها التشغيلي ضمنها.
 
وينبغي على الشركة حل بعض المشاكل الداخلية المتعلقة بالنظام، حيث تتعارض بعض المبادئ التي يسعى إليها مطورو فوشيا مع نموذج أعمال الشركة، إذ تعتمد نشاطات جوجل الإعلانية على إمكانية استهداف المستخدمين استنادًا إلى موقعهم ونشاطهم، وفي حالة تنفيذ ميزات الخصوصية ضمن فوشيا، فإن ذلك يتعارض مع نموذج الأعمال المتبع، مما يعني وجود صدام بين فريق الإعلان وفريق الهندسة حول ميزات الأمان والخصوصية في نظام التشغيل الوليد.
 
وقد تؤدي عملية الانتقال بعيدًا عن أندرويد وكروم إلى وجود مخاطر أخرى، حيث تعتمد مجموعة ضخمة من المطورين المستقلين وصانعي الأجهزة مثل سامسونج وهواوي وإل جي على نظام أندرويد، وفي الوقت نفسه فإن نظام كروم يعتبر مهمًا للشركة، وذلك تبعًا إلى تشغيله أجهزة الحاسب المحمولة المستندة إلى الويب المسماة كروم بوك المستخدمة ضمن العديد من المدارس والمؤسسات الأخرى، ولا تستطيع جوجل ببساطة إيقاف دعم نظامي التشغيل أندرويد وكروم.
 
كما أن هناك مشكلة أخرى ينبغي حلها، إذ يستند نظاما أندرويد وكروم على نظام التشغيل لينكس، حيث تعد نواة لينكس بمثابة الجزء الأساسي من أنظمة التشغيل الحالية من جوجل، في حين يستخدم فوشيا نواة مختلفة تسمى Zircon، والتي تتجنب بدورها العديد من التقنيات القديمة في لينكس، وهذا الأمر قد يجعل بعض الأجهزة الموجودة غير متوافقة.