إنّه الحب... فكيف نعيشه؟

إنّه الحب... فكيف نعيشه؟

آدم وحواء

الجمعة، ١٧ فبراير ٢٠١٧


«مَن منا لم يعش تلك اللحظات الحالمة؟ مَن منا لم يعد حبيبه بأنه سوف يحبه حتى الموت وإلى الأبد؟ وكم من مرة كان الأبد على بعد دقائق أو ساعات! نقع في الحب بجنون، فيصبح المحبوب اختصاراً للدنيا بأكملها. وبفضل «الحب أعمى»، حبيب قلبنا هو الأجمل والأكثر ذكاءً، هو المحقّ دوماً، وثقتنا به لا حدود لها. على أساس الحب نبني في خيالنا مشاريع مستقبلية. نفضّل مَن نحب على الناس أجمعين، نميّزه، لا نكتفي من مكالمته لساعات وساعات، فيختصر بنظرنا العالم والوجود.
نعبّر عن تفضيلنا لنوع معيّن من الطعام فنقول مثلاً «أحب الدجاج المشوي»، إلّا أننا نلتهم ذاك الدجاج لشدّة شهيتنا له. كما تحب الأم ابنها لدرجة الذوبان والتفاني التام في سبيله. أما أصدقاؤنا فنحبهم أيضاً، ونحب شركاءنا في الحياة، ونحب! ونحب! كما يحملنا الحب على أجنحة السعادة تارةً، ويسبب لنا العذاب والآلام طوراً، لذلك لا بدّ من فهم معنى الحب، علّنا نوفر على أنفسنا بعض الخيبات والصدمات.

ما هو الحب؟

لا نستطيع إعطاء الحب تعريفاً واحداً وثابتاً، فهو يتغيّر مع الزمن والظروف والأوضاع، ولكلّ إنسان تعريفه الخاص له، بحسب تجربته ومشاعره. عندما نحب، نعجب بشخص ما وننجذب له، نرغب بالبقاء إلى جانبه ورؤيته بشكل دائم ومستمر، ليصبح مصدرَ سعادتنا وراحتنا. نغرم به، فنريده لنا، نريد لذّتنا وسعادتنا من خلاله، وهنا كلمة الحب تعني الشهوة.

كلّ يحبّ على ليلاه، فمن الناس مَن يعتبر الحب ميلاً جنسياً للآخر، لإرضاء الحاجات المادية والروحية، عاملاً غريزياً، وميلاً لشيء سار مع ذاك الآخر. والبعض يراه ودّاً وشغفاً وغراماً وعشقاً روحيّاً. من الحاجات النفسية الأساسية للإنسان، أن يحب ويبادله الآخر هذا الحب.

يمرّ الحب بمرحلة الإنجذاب والرغبة والحاجة، لكنه يتخطى كلّ ذلك. فتنمو علاقة مع حاجات الشريك، ميوله وعاداته ومبادئه، التي لا بد من معرفتها ثمّ احترامها. ليس الآخر مجرد إرضاء وتلبية لرغباتنا وطموحاتنا، بل بانفتاحنا عليه يصبح الحبيب.

وقد قيل إنه لو أحببنا شخصاً لجماله، فهي الرغبة، أما إذا أحببناه لماله، فسبب حبنا هو المصلحة المشترَكة، وعندما نحبه بسبب شدّة ذكائه، فنحن نقدّره. أما الحب الحقيقي، فهو عندما لا نعرف سبب حبنا للآخر. الحب شعور قوي ينتابنا عندما نلتقي شخصاً معيّناً دون سواه. هو ليس أن ننظر إلى بعضنا البعض بل إلى هدف واحد يجمعنا معاً.

هو كيمياء بين الأحباب في لحظات اللقاء، ولع قد يسبّب الفرح والسعادة أو الألم والعذاب الدائم. أما التعلق، فمن مواصفات العشق المتبادل. وحالات الحب من طرف واحد، أو البكاء على الأطلال على حبيب غاب، ليست بحب، بل إنها هوس مرضي.

الرغبة هي المحرّك الأساس للحب، ونقطة انطلاقه، لكن هل يستمرّ «حب» يقوم فقط على الرغبة والإنجذاب؟

يجعلنا «الحب الأعمى» نظن بأننا التقينا الإنسان الكامل الصفات، الخالي من العيوب، بينما الواقع أننا نمتلك جميعاً العديد من العيوب والسيّئات والمحدودية، فتتبع فترة الشغف والإنجراف والحب، محطات من اكتشاف حقيقة الآخر، نواقصه التي لم نلحظها من قبل، وقد ينتهي ما بني على الإنجذاب، فقط لا غير.

ويشبه ذلك علاقتنا بلوح الشوكولا اللذيذة التي تنتهي مع إشباع رغبتنا به، أي لا تدوم طويلاً، إلّا أنها لذيذة. يجتاحنا «الحب من النظرة الأولى» حتّى الشغف بالحبيب، ننجرف نحوه بقوة، فيسيطر علينا بالروح والجسد.

ندخل في دوامة من التعلّق والإنجرار، خارجة عن سيطرتنا، فنعترف بأننا «وقعنا في الحب». لكن، لو كان هذا معنى الحب، إذاً هو تملّك واستهلاك للآخر، هو التهامنا له كقطعة حلوى.

أعراض الحب

• نقدّم للمحبوب اهتماماً وعناية وترحيباً مميّزاً.
• يحمرّ وجهنا وقت اللقاء أو حتى عند الكلام عنه.
• نرتبك.
• تتسارع دقات قلوبنا.
• تتعرّق اليدان.
• يظهر علينا الفرح والإنشراح.

كي يدوم الحب

بالإضافة إلى الرغبة والإنجذاب، نحتاج إلى بناء علاقة صلبة، متبادلة، قائمة على الإحترام المتبادل والتعاون والمشاركة مع مَن نحب. أنا أرغب بالآخر وأهتم بسعادته أيضاً. كي يدوم الحب ويتجاوز الصعاب، لا بد من معرفة وفهم الآخر، متخطّين المظهر الخارجي، الجسد والعطر، السيارة وما سوى ذلك. لا بد من معرفة قيمة الآخر ومبادئه، إحترامها والحفاظ عليها.

نحتاج للقدرة على وضع الآخر في المرتبة الأولى، قبل رغباتنا ومصالحنا وأهوائنا، أن نسعى لإسعاد هذا الآخر قبل أنفسنا، وأن نبني معه مستقبلاً متحدّين الصعاب والحواجز. فمع الوقت، تضعف الرغبة والشهوة، إنما يستمرّ الحب القائم على الإحترام، فهم الآخر وحب المشارَكة، مع دوام الإنجذاب والرغبة.

فوائد الحب

يُعتبر الحب علاجاً للتعب والألم والإكتئاب، من خلال مادة السيروتونين التي تؤثر في المزاج، التي تُعرف بهورمون السعادة، خصوصاً أنّ الإكتئاب مرتبط بنقص هذه المادة عند الإنسان. يطيل الحب الأعمار، فهو يزيد نسبة النشاط والطاقة، ويدفع الإنسان إلى الإهتمام بصحته ومظهره من أجل الحبيب. ومجرد شعورنا بأننا محبوبون، يزوّدنا بالرضا والثقة بالنفس، ويخفّف من القلق والتوتّر في حياتنا.

لذلك الجميع في حال بحث دائم لعيش هذه الحالة. كما أنّ المشكلات بين المتحابين، والإختلاف بالرأي والشجار، لا تدلّ على ضعف الحب، بل هي محفِّز لاستمرار العلاقة بشوق وشغف أكبر.