عندما يتسلل الملل إلى حياتك الزوجية… كيف تتصرف؟ … هل يمثل الهروب حلاً أم يكون بالبحث عن آليات جديدة ؟

عندما يتسلل الملل إلى حياتك الزوجية… كيف تتصرف؟ … هل يمثل الهروب حلاً أم يكون بالبحث عن آليات جديدة ؟

آدم وحواء

الخميس، ٢٤ أغسطس ٢٠١٧

هبة الله الغلاييني
ليس من حقنا أن نلوم رجلاً يستيقظ من نومه في أحد الأيام ليجد نفسه لم يعد يحب زوجته، فماذا يفعل؟ أيهرب منها إلى عمله أو هوايته؟ أو يتحجج بلقاء أصدقائه؟ أو ربما إلى امرأة أخرى؟ أو يحاول أن يعيدها إلى صورة المرأة التي أحب؟ وهل يجدد مشاعره تجاهها؟… كيف؟ هذا ما يجيب عنه أزواج عاشوا هذه التجربة وحاولوا أن يتخلصوا من الملل الزوجي.

«لقد وجدت مخرجاً لبرودة مشاعري تجاه زوجتي، وأنا سعيد بالحل الذي وصلت إليه»، بهذه الجملة يعترف «سامح محمد» وهو أستاذ رياضيات، متزوج منذ 12 عاماً، فيكمل حديثه قائلاً: «منذ سنوات شعرت بملل في علاقتي الزوجية، وتحول إلى برود عاطفي كبير وكأن هناك من وضع مشاعري في ثلاجة ونسيها، لكني لم أفكر بالطلاق أو الانفصال لحظة واحدة، لأنني شديد التعلق بأولادي الثلاثة، وغير مستعد لتعريضهم لأي أذية», يطلق سامح تنهيدة كبيرة ويتابع: «بت أعتبر بيتي فندقاً أعود إليه لأنام أو لأرى أولادي وألعب معهم، بقية اليوم أقضيه في المدرسة ومنها إلى حصص الدروس الخصوصية.
أتنقل من منزل تلميذ إلى آخر، لأنتهي مساء في المقهى مع أصدقائي حتى ينال مني التعب وأعود إلى منزلي وأنام, لم أعد أحب زوجتي ولا شك في أنها تدرك الأمر، لكنها تسكت عن تصرفاتي خوفاً من أن أخرج من البيت ولا أعود».
ويختم قائلاً: «أنا مرتاح للأسلوب الذي أتبعه لأنه لا يعرض الأولاد لأزمات نفسية، فهم لا يدركون ولا يفهمون الانفصال العاطفي الذي أعيشه مع أمهم تحت سقف واحد».
وقد يتبنى «عامر ناصيف» مندوب شركة، متزوج منذ 14 عاماً وله 3 أولاد» الأسلوب نفسه، في حال شعر يوماً ببرودة عواطفه تجاه زوجته يعترف: «من أجل أولادي أفعل المستحيل لا بل أضحي بحياتي، هذا بالطبع إذا كان لدى زوجتي القبول المطلوب لإنجاح علاقتنا»، من دون تردد يصرح عامر بعفوية: «سأتنازل وأضحي لأجدد مشاعري تجاهها وأحيي علاقتنا من جديد، وبالطريقة التي ترغب فيها وترتاح إليها وتحبها وترضيها، المهم أن تعود إلى علاقتنا الطيبة وننقذ زواجنا وأسرتنا» يكمل: «أما إذا لم يكن لدى زوجتي الاستعداد والقبول، فلن أتردد في الهروب إلى عملي، لأقضي فيه معظم نهاري وأتجنب المشكلات معها، ومن ثم أعود إلى أسرتي كضيف شرف خفيف، ففي النهاية هي تبقى أم أولادي».
يتحدث «عبدالله الحفار»، متزوج منذ 26 عاماً، وله خمسة أولاد، عن تجربة شخصية، ويخبر: «عشت منذ عامين حالة برود عاطفي تجاه زوجتي، فاتفقت معها على أن ننفض غبار الروتين عن علاقتنا، ونترك أولادنا ونسافر وحدنا في إجازة نجدد خلالها مشاعرنا، ونتخلص من هذا البرود الذي هدد زواجنا، وبالفعل كان قراراً صائباً جعلنا نعيش مجدداً شهر عسل رائعاً، أقسمنا على تجديده، كلما شعرنا بالحاجة إليه».
ينظر عبد الله بحنان وحب إلى زوجته التي تقف خلفه مستمعة بصمت، ويعلق: «يجب أن نحرر زواجنا من الشوائب والطفيليات المزعجة، ولا نترك فرصة للحياة وضغوطها أن تقمع مشاعرنا وتغلفها بالفتور، كل ما علينا فعله هو استنهاضها من كبوتها لتتجدد وتحيينا، وتثبت دفء حماسة الحب والغرام فينا» هي تجربة عابرة لكنها كبيرة في معناها ومردودها، لذا، يتمنى عبد الله من كل الأزواج الذين يشعرون بعواصف تهب بحياتهم العاطفية أن يتبنوها ويجربوها، مؤكداً أن نجاح حياته الزوجية خير دليل على فعاليتها.
يرفض «أحمد العلبي» متزوج منذ ثمانية أعوام وله ولد وبنت، هو الآخر، الهروب من زوجة لم يعد يحبها، إلى عمل أو تسلية أو خلافه، ويؤكد قائلاً: «أبقى إلى جانب زوجتي وأتحدى معها كل ما يهدد علاقتنا، ربما أشعر ببرودة العواطف تجاهها، فأنا مثل غيري من البشر أحب وأكره، وتبرد مشاعري وتأخذني مشاغل الدنيا وأمور كثيرة، لكنها بالتأكيد لن تكون أكثر من غيمة صيف عابرة، وسوف أحسن التصرف معها».
أما كيف ينوي أحمد أن يتصرف مع غيمة الصيف هذه؟ فيقول: «آخذ زوجتي في إجازة نكون فيها وحدنا، ونتحدث بصراحة عن مشاعرنا، ونستعيد ما كان يسعدنا ويجمعنا، ولا أعود وإياها إلى المنزل قبل أن تكون أمورنا قد عادت سمناً على عسل». ويعقب: «أعتبر هذه الإجازة مساحة حرية يطلق العنان فيها لكل ما نخزنه في القلب، نتشاجر ونصرخ ونتقاتل بشراسة حتى تصل الأمور إلى قمة الخلاف، ثم نعود بعدها إلى الأرض أكثر صلابة وتمسكاً أحدنا بالآخر». ويضيف: «من الضروري أن نتواصل ونتصافى ولا نخفي ما في القلب، كي لا يكبر الموضوع ونعجز عن حله أو الالتقاء مجدداً».
بما أن لكل شخص رأيه وأسلوبه في التعامل مع الظروف التي تصيبه، يعترف «أمجد هدايا»، متزوج منذ ثلاث سنوات وله ولد وحيد، بالقول: «إذا استيقظت يوماً ووجدت نفسي لا أحب زوجتي سوف ألجأ إلى حل من اثنين، أصحبها في إجازة لأجدد علاقتي بها، أو آخذ إجازة أقضيها بمفردي مع نفسي كي أشحن مشاعري تجاه زوجتي وأعود إليها مشتاقاً، المهم أن أكسر الروتين الذي أوصلني إلى حالة الفتور في مشاعري تجاهها». يتابع أمجد ويلفت: «لست من النوع الذي يستسلم بسهولة، وخصوصاً أنني أحب زوجتي كثيراً ولن أسمح لمشاعري أن تخذلني في علاقتي معها». ويكمل: «سوف أترك كل شيء وأتفرغ لتقويم حالتي وسبب انتكاستي العاطفية، ولن أتراجع قبل أن أضخ الحياة والحماسة إلى زواجي مجدداً، ستكون لي مع زوجتي جلسة استثنائية ونارية، موجهة فيها السهام إلى بعضنا بعضاً، لكي يصاب الداء في مقتل وتعود المياه إلى مجاريها بيننا».
يقول «أسامة موصللي»، متزوج منذ خمس سنوات ونصف السنة وله ولد وحيد: «أساعدها لتكون المرأة التي عشقتها وتزوجتها وسيكون شعوري غريباً جداً لأنني أعشق زوجتي وأعتبرها حياتي ودنياي، لكن لو سلمت جدلاً وافترضت أن حبي أصيب بوعكة، فسوف أعاجل بمداواته فوراً وبشتى الطرق المتاحة لي، والتي أعرف أنها سترضي حبيبتي». ويتابع أسامة: «أعمل أولاً على كسر الجليد بيننا من خلال السفر معاً، أو الخروج من البيت، المهم ألا أبتعد عنها قيد أنملة، وأحاول أن أساعدها على العودة إلى المرأة التي أغرمت بها، أطلب منها ذلك بشكل مباشر دون لف ولا دوران» ومن ناحية ثانية يرى أسامة أنه «من غير المنصف إلقاء اللوم على الزوجة وحدها» ويقر: «إذا كانت المشكلة تتعلق بي فلن يغفو لي جفن قبل حلها، صحيح أن حدوث المشكلات أمر وارد في الزواج لكن حكمة الزوجين وتفاهمهما والمودة التي تجمعهما هي الأساس الذي يؤسسان عليه الاستمرارية والبقاء معاً».
وأخيراً نقول: إن الحياة الزوجية حياة ديناميكية تتأثر بالظروف المحيطة بها ومع مرور الوقت هناك رجال يعانون الرتابة في حياتهم الزوجية، تؤدي في نهاية الأمر إلى برود المشاعر تجاه الزوجة، فيعيشون معاناة كبيرة، إلى درجة أنهم يشعرون وكأنهم يعيشون في فندق لا في بيت أسري، لذلك من الضروري جداً للزوج وكخطوة أولى أن يتواصل مع الزوجة أو أحد المقربين إليها إذا أمكن، أو يتوجه إلى طبيب نفسي أو أصحاب اختصاص في مساعدة الأزواج ليقيموا حالته، ربما هو يعاني ضغوطاً نفسية أو مادية أو اجتماعية أو مهنية أثرت فيه بشكل سلبي وأوصلته إلى مرحلة الاكتئاب، فينسحب من المحيط الذي هو فيه من دون أن يطلب الدعم. وهنا يكون من المفيد جداً تدخل استشاري أسري يعالج المشكلة ويساعد الزوج على البدء من جديد، انطلاقاً من حقيقة أن هذه الحالة ليست قطعاً، نهاية العلاقة الزوجية، لأنه قادر بقليل من الجهد والإصرار على إحياء مشاعره من جديد.