2015 عام رحيل قامات السينما المصرية

2015 عام رحيل قامات السينما المصرية

سينما

الخميس، ٢٤ ديسمبر ٢٠١٥

شهد عام 2015 رحيل عدد كبير من أهم صناع السينما المصرية، الذين اثروا تاريخها بأعمال لا زالت تعيش بيننا حتى بعد رحيل أجسادهم، وستظل خالدة في ذاكرة الأجيال القادمة، أصبح عام 2015 سنة كبيسة على السينما المصرية منذ بداياته في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، حيث رحلت عن عالمنا سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة في السابع عشر من يناير/كانون الثاني، عن عمر يناهز 84 عاماً، إثر تعرضها لأزمة صحية، بينما أوصت الراحلة زوجها الدكتور محمد عبد الوهاب بعدم إقامة سرادق عزاء لها، شهدت جنازتها حضورا كبيرا من جانب معجبيها وفناني مصر، وهي التي تركت خلفها ميراثا سينمائيا ضخما شيد أحد أعمدة تاريخ صناعة السينما في مصر.

ولدت الفنانة فاتن حمامة في السّابع والعشرين من مايو/آيار عام 1931، بدأت الفاتنة مشوارها الفني وهي في التاسعة من عمرها في فيلم «يوم سعيد» أمام موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب عام 1940، أحبت الفن منذ سن مبكرة جدًا حين اصطحبها والدها إلى السينما، وشاهدت فيلما لآسيا داغر، تمنت أن تكون مكانها على الشاشة، وعندما قرأ والدها إعلانًا في الصحف يطلب فيه المخرج محمد كريم طفلة لتقوم بالتمثيل أمام عبد الوهاب بعث له بصورتها وأعجب بها كريم وقام بتغيير السيناريو لإعطائها دورا أكبر، وقدمت الفيلم، لكن والدها رفض بعد مشاركتها مرة اخرى في السينما بسبب الدراسة، لكن المخرج محمد كريم شجعه وقدمت فيلم «رصاصة في القلب» عام 1941، لتبدأ بعدها انطلاقتها الحقيقية من خلال مشاركتها الفنان يوسف وهبي، التي قدمت معه فيلم «ملاك الرحمة»، ثم فيلم «القناع الأحمر»، بعدها التحقت فاتن حمامة بمعهد التمثيل في دفعته الأولى بعد أن أسسه الأكاديمي والفنان الراحل زكي طليمات.
قدمت الفنانة الراحلة فاتن حمامة ما يزيد عن مائة عمل سينمائي، واعتبرت ثمانية من أفلامها ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، التي تم إعلانها في عام 1996، وشاركت باثنين من أفلامها في «مهرجان كان» السينمائي، وهما فيلما «لك يوم يا ظالم» وفيلم «صراع في الوادي»، ولم تمثل على المسرح إطلاقًا طوال مشوارها الفني، وأرجعت ذلك لرهبتها الشديدة من الوقوف أمام الجمهور، لكنها قدمت للدراما التلفزيونية مسلسلين فقط هما «ضمير أبلة حكمت»، ومسلسل «وجه القمر».
تزوجت الفنانة الراحلة ثلاثة مرات، أولها كان زواجها من المخرج عز الدين ذو الفقار، الذي أنجبت منه ابنتها نادية، ثم انفصلت عنه عام 1954، وتزوجت بعدها بعام من الفنان عمر الشريف وأنجبت ابنهما طارق، لكنهما انفصلا لتتزوج بعد سنوات كثيرة بالطبيب الدكتور محمد عبد الوهاب.

حصلت الفنانة الراحلة على العديد من الجوائز والتكريمات، حيث فازت بجائزة مهرجان طهران عام 1977 عن فيلم «أفواه وأرانب»، وتم اختيارها نجمة القرن العشرين في مهرجان الإسكندرية عام 2001، وحصلت على ميدالية الشرف من قبل الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وحازت على جائزة تقديرية من اتحاد النساء السوفيتي عن فيلم «إمبراطورية ميم» بعد عرضه في مهرجان موسكو السينمائي الدولي، وتم تكريمها بجائزة خاصة من مهرجان دبي السينمائي الدولي عن مجمل مسيرتها الفنية في عام 2009، وحصلت على ميدالية الإستحقاق من ملك المغرب الحسن الثاني، وعلى الجائزة الأولى للمرأة العربية في عام 2001، كما حصلت على وسام المرأة العربية من قبل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وعلى ميدالية الشرف من قبل الرئيس اللبناني السابق إميل لحود، كما فازت بجائزة وزارة الشؤون الإجتماعية لأحسن ممثلة في عام 1952 عن فيلم «أنا الماضي»، بعد عرض فيلمها «أريد حلًا»، تم تعديل قانون الأحوال الشخصية لكي يسمح للمرأة المتزوجة برفع دعوى قضائية من أجل المطالبة بالخلع.
ولم يمض على وفاة فاتن حمامة ستة أشهر حتى لحق بها رفيق دربها الفنان العالمي عمر الشريف، الذي وافته المنية في العاشر من يوليو/تموز عن عمر يناهز الثالثة والثمانين اثر تعرضه لأزمة صحية توفي على إثرها داخل إحدى مستشفيات القاهرة وحيداً وتعرضت جنازته لانتقادات كبيرة إثر غياب النجوم عن الحضور، مما أثار استياء بعض الصحف التي اعتبرت أن الجنازة لا تليق بحجم ومكانة الفنان الراحل عمر الشريف، لكن نقابة المهن السينمائية حاولت تدارك الأمر بعقد سرادق عزاء للفنان الراحل، ومن جانب الدولة بادرت إدارة «مهرجان القاهرة السينمائي» إلى تكريم الفنان الراحل خلال الدورة الماضية للمهرجان، وتم إصدار كتاب عنه، وإقامة احتفالية كبرى بحضور ابنه طارق ومشاركة الفنانة الإيطالية كلوديا كاردينالي التي شاركت الشريف في عدد من الأفلام العالمية، بينما تصدرت صورة الراحلة فاتن حمامة بوستر المهرجان، أما مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية فكان تكريمه الراحلين خاصا جداً حيث اختار المهرجان أحد مشاهد فيلم صراع في الوادي الذي يجمع فاتن والشريف معاً واعتمده البوستر الرسمي للدورة المقبلة التي ستقام في شهر مارس/آذار المقبل، كمبادرة من المهرجان لتكريم الراحلين.

في الحادي عشر من أغسطس/آب 2015 رحل أيضاً الفنان نور الشريف عن عمر يناهز 69 عاما بعد صراع مع المرض، وتحولت جنازة الفنان الراحل إلى مظاهرة حب من جمهوره وزملائه وتلاميذه، الذين اصروا على حمل نعشه بأنفسهم تعبيراً عن حبهم للفنان الراحل الذي أعطى كلا منهم الفرصة في أعماله، أبرزهم كان الفنان حسن الرداد وأحمد صفوت وعمرو يوسف وأحمد رزق وأحمد السقا، وتقدم الجنازة رفيق دربه الفنان عادل إمام.
رحل الفنان نور الشريف تاركاً ميراثا كبيرا من الأعمال التلفزيونية والسينمائية، وكان من الممثلين الذين استطاعوا التنوع وتقديم أدوار مختلفة طوال مشواره الفني، فهو لم يضع نفسه في قالب واحد، لكنه انفتح على الأنواع الفنية كلها، وقدم الكوميديا والأكشن والأعمال الاجتماعية، وخرج من فخ التنميط، الذي وقع فيه بعض الفنانين، فلعب أدوار الشر في فيلم «الطاووس» وفي فيلم زمن حاتم زهران، وتاجر المخدرات في العار، وقدم أيضاً أعمالا كوميدية، مثل دور «شحاتة أبو كف» في فيلم «غريب في بيتي»، وكان دائماً حريصا على تغيير جلده من عمل إلى عمل، وجسد أيضاً شخصيات حقيقية مثل شخصية عمرو ابن العاص، وابن رشد، وشخصية يوسف شاهين وناجي العلي، ويعد فيلم «سواق الأتوبيس»، الذي قدمه مع المخرج الراحل عاطف الطيب من أهم الأعمال التي قدمها الشريف، والتي تتعرض لمرحلة هامة من مراحل التحول السياسي والإجتماعي، الذي شهدته مصر بعد الإنفتاح الإقتصادي في عهد الرئيس أنور السادات، عمل أيضاً مع معظم مخرجي السينما المصرية من مختلف الأجيال، والتي كان أخرها تجربته مع المخرج الشاب أمير رمسيس في فيلم «بتوقيت القاهرة» آخر أعماله السينمائية، والتي ختم بها مشواره الفني قبل وفاته وحصل فيه على جوائز عدة.

حصل الفنان نور الشريف خلال مشواره الفني على العديد من الجوائز والأوسمة، حيث نال جائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم «ليلة ساخنة»، وجائزة مهرجان «نيودلهي» عن فيلم «سواق الأتوبيس»، كما حصل على 4 جوائز عن فيلم «يا رب توبة»، وجائزتين عن فيلم «الشيطان يعظ»، وثلاث جوائز عن فيلم «قطة على نار» من جمعية كتاب ونقاد السينما وجمعية الفيلم.
مخرج الفانتازيا في السينما المصرية، هكذا كان يلقب المخرج الراحل رأفت الميهي الذي توفي في الرابع والعشرين من يوليو/تموز 2015 ، إثر تعرضه لأزمة صحية عن عمر يناهز 75 عامًا، قدَّم خلالها العديد من السيناريوهات للسينما المصرية، حيث يعتبر أحد أهم كتاب السيناريو في جيله، قبل أن يتوجَّه للإخراج والإنتاج السينمائي، ويقدم العديد من الأفلام التي تميز أغلبها بالفانتازيا، مثل أفلام «السادة الرجال» و«سيداتي أنساتي»، و«ست الستات» و«تفاحة» و«الأوفوكاتو» و«سمك لبن تمر هندي»، وقدم الميهي للتلفزيون مسلسلاً واحدا هو «وكالة عطية» عن رواية للكاتب خيري شلبي، كما أسس أكاديمية لتعليم فنون السينما والتلفزيون حملت اسمه، فاز فيلمه، «قليل من الحب كثير من العنف»، بالجائزة الأولى في المهرجان القومي الخامس للأفلام الروائية عام 1995، وحصل فيلم «للحب قصة أخيرة» على جائزة خاصة في مهرجان «كارلو فيفاري».
شهد عام 2015 أيضاً رحيل الفنانة الشابة ميرنا المهندس بعد صراعها مع مرض السرطان، توفيت ميرنا عن عمر 36 عاما في إحدى مستشفيات القاهرة، كما رحل خلال العام نفسه الفنان سعيد طرابيك بعد زواجه بأشهر قليلة من ممثلة مغمورة تدعى سارة طارق، وكانت الزيجة الأكثر شهرة وجدلا في الصحافة المصرية والعربية، نظراً لصغر عمر العروس التي يكبرها بتسعة وثلاثين عاماً، والتي أعلنت بعد وفاته إنها تنتظر منه مولودا.
الفنان علي حسانين، الذي اشتهر بشخصية زرياب في فيلم «آيس كريم في جليم» مع الفنان عمرو دياب، توفي في الثاني عشر من أغسطس/آب عن عمر يناهز السادسة والسبعين، تاركاً أكثر من مئة عمل سينمائي وتلفزيوني، وكان آخر أعماله مسلسل «الصعلوك» إلى جانب الفنان خالد الصاوي، والذي عرض في شهر رمضان الماضي.
الفنانة مديحة سالم، التي اعتزلت الفن في بداية الثمانينات وافتها المنية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، عن عمر يناهز 71 عاما، شاركت الراحلة خلال فترة الستينيات والسبعينات في عدد كبير من الأفلام، من أشهرها «آه من حواء»، «مذكرات تلميذة»، «أم العروسة»، «هي والرجال»، «الراجل دا حيجنني».