“الابن السابع” في الأوبرا.. محاربة الظلام برمزية أسطورية

“الابن السابع” في الأوبرا.. محاربة الظلام برمزية أسطورية

سينما

الاثنين، ٤ أبريل ٢٠١٦

تطرق فيلم “الابن السابع” إلى محاربة قوى الشر بفنية غير مباشرة وكان بين الأفلام الأخيرة التي عُرضت في مهرجان أفلام حديثة جداً –الجزء الأول في الأوبرا، والذي لاقى متابعة كبيرة على مختلف عروضه ليس من قبل شريحة الشباب فقط وإنما من جميع الشرائح، مما يؤكد عودة الجمهور إلى السينما المتألقة، وقد استند المخرج سيرجي بودرف إلى حكايات أسطورية وعوالم افتراضية تدمج بين الفانتازيا والخيال الأسطوري لحكايات الساحرات الشريرات برئاسة ملكتهن “مالكين” وفك ألغازهن، فعكس الفيلم واقع الشر المتمثل بالإرهاب بتكرار مفردات (قوى الظلام) المستخدمة حالياً في مكافحة الإرهاب الذي يضرب العالم، وفي منحى آخر يتناول الفيلم البعد النفسي بتحليل شخصية مالكين بجنوحها نحو الانتقام الذي يقود إلى متاهات الشر المطلق، متكئاً أيضاً على خط عاطفي رومانسي من خلال علاقات عاطفية عميقة تفصح عنها المشاهد الأخيرة وتكون مفاجئة للمشاهد.

الجغرافية السينمائية
اعتمد المخرج على الجغرافية السينمائية في التصوير المفتوح لفضاءات طبيعية مفتوحة صوّرت بين كندا والصين، تشغل مساحة الشاشة من زوايا مختلفة للجبال الشاهقة والأنهار المنحدرة، ليوظّف في لقطات طويلة ومتسلسلة ودون مونتاج تلك المشاهد في الحوارات المحورية بين الابن السابع وارد الذي يحافظ على مكونات الحضارة والتاريخ، وبين غريغوري آخر الفرسان الذي يواجه الصراع المباشر بين مالكين مع جيوشها وبين سكان الأرض، وكان لها دور كبير أيضاً في مشاهد الصراع النهائية واحتدام الاشتباكات.

بين الحلم والواقع
كما عمل المخرج على التماهي بين الحلم والواقع من خلال الكوابيس التي تراود “وارد” وتأخذه إلى عوالم السحرة لنكتشف في النهاية أن والدته من الساحرات، لينطلق المخرج من هذا المحور ويتوصل إلى إن بعض الأشخاص يتم استدراجهم إلى الشر، وهم ليسوا شريرين بالفطرة مثل والدة وارد التي واجهت مالكين فقتلتها، ومثل أليس ابنة أخت مالكين التي ارتبطت مع وارد بقصة حبّ.

المدينة الخشبية
وفي منحى آخر أوجد المخرج مناخ المدينة القديمة بأجوائها الخشبية ومحالها ومنازلها وعرباتها القديمة، لكن اللافت في الفيلم هو غرائبية مكان مقر ملكة الساحرات مالكين الذي يبدو كأنه متحف أو كنيسة قديمة مركزاً على الطراز المعماري الحضاري. لتمضي الأحداث ضمن حبكة درامية محكمة محللاً لغز الصراع الدائر، ويفسر انتقام مالكين من غريغوري التي كانت ترتبط معه بقصة حبّ طويلة لكنه رفض الدخول إلى عوالم السحرة والشر المطلق، فتقتل زوجته بدم بارد كما قال غريغوري في أحد المشاهد، فيسجنها في القلعة سنوات طويلة لكنها تتمكن من الهرب لتنتقم من غريغوري وسكان الأرض.

أنسنة الوحش
أدخل المخرج أيضاً شخصية الوحش القبيح تشاسك بصورة إيجابية وفق مبدأ أنسنة الحيوان ليرافق غريغوري ويحميه من كل شر يحيط به، واعتمد على الحيوانات الطائرة التي بدت مألوفة في الأفلام العالمية. لكن الجديد كان في تحولها المباشر من الأظافر لتتغير صورة الشخصية البشرية وتصبح حيوانات طائرة تهاجم المدينة.

نهاية مفتوحة
في القسم الأخير من الفيلم يصاب وارد في المواجهة مع تشاسك ويلقى القبض على غريغوري بالحبال ليمثل بين يدي  مالكين، وبعد سلسلة من المواجهات يقضي غريغوري عليها بمساعدة وارد الذي تساعده أليس وتنتهي مملكة الشر، لنرى غريغوري يمتطي جواده ويترك منزله لوارد ليتابع حياته كمزارع تاركاً له تشاسك ومصراً رغم كبر سنه على متابعة حياته كفارس، في حين تتوقف الكاميرا عند اللقاء الحزين بين أليس ووارد ويترك المخرج النهاية مفتوحة لقصة الحبّ الحزينة بقول أليس: سنلتقي مجدداً..

ارتفاع صوت الموسيقا
ألّف الموسيقا التصويرية للفيلم الموسيقي ماركو بلترامي ليكون الحضور الأكبر فيها للوتريات في مواضع الحوارية الرومانسية بين أليس ووارد في لقاءاتهما العاطفية، والإيقاعيات الصاخبة لاسيما في مواضع الاقتتال، والأمر اللافت ارتفاع صوت الموسيقا لدرجة كبيرة حتى إنها سيطرت على الصورة البصرية وعلى المشاهدين ليوظّفها المخرج في بعض المواضع عوضاً عن الحوار والسرد عبر (التعليق الصوتي).
ملده شويكاني