جوائز «مهرجان أبوظبي السينمائي».. سؤال الفوز ومعايير التحكيم

جوائز «مهرجان أبوظبي السينمائي».. سؤال الفوز ومعايير التحكيم

سينما

الاثنين، ٣ نوفمبر ٢٠١٤

يُحرّض فوز فيلمي "ذكريات منقوشة على الحجر" للكوردي العراقي شوكت أمين كوركي و"ذيب" للأردني ناجي أبو نوّار بجائزتي أفضل فيلم من العالم العربي في مسابقتي "الأفلام الروائية الطويلة" و"آفاق جديدة"، على إعادة طرح سؤال الجوائز الممنوحة في المهرجانات العربية والدولية. ذلك أن هذين الفيلمين الجديدين، المُشاركين بالدورة الثامنة (23 تشرين الأول ـ 1 تشرين الثاني 2014) لـ"مهرجان أبوظبي السينمائي"، يظلاّن أقلّ أهمية درامية وجمالية وفنية من أفلام عربية أخرى تمتلك المقوّمات الفعلية للعمل السينمائي، كـ"الوادي" للّبناني غسان سلهب و"الوهرانيّ" للجزائري لياس سالم، الفائزين بجائزتي أفضل مخرج من العالم العربي في المسابقتين نفسيهما، من دون تناسي "حُمّى" للمغربي هشام عيّوش الذي لم يفز بأية جائزة، و"تمبوكتو" للموريتاني عبد الرحمن سيساكو، الحائز تنويهاً خاصاً.
النتائج النهائية تستدعي قراءة نقدية، لاستبعادها ما يعتبره نقّادٌ ومشاهدون أهمّ وأجمل، علماً أن لأعضاء لجان التحكيم آراء مختلفة، وأمزجة لا تتفق وغيرها من الأمزجة النقدية وغير النقدية. لكن اختيار فيلم يفتقد خصوصية فنية وجماليات درامية واشتغالات سينمائية لهذه الجائزة أو لتلك يثير سؤال السبب، الذي يُحيله البعض، غالباً، إلى أهمية الموضوع، فقط لا غير. فـ"ذكريات منقوشة على الحجر" يستعيد إحدى جرائم صدام حسين بحق الأكراد (مجزرة الأنفال)، و"ذيب" يأتي من بلد لا يملك صناعة سينمائية ولا مساراً إنتاجياً متكاملاً لأفلام روائية طويلة. هذا يعني "تغليب" الموضوع على السينما، وتقديم حسابات غير فنية على الفنيّ.
ينطبق الأمر على الفيلمين السوريين "ملكات سورية" لياسمين فضّة و"العودة إلى حمص" لطلال ديركي، المُشاركين في "مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة": للأول جائزة أفضل مخرج من العالم العربي، وللثاني تنويه خاص. الغلبة للموضوع السوري المُعارِض. هذه حالة يُمكن التغاضي عنها لو أن للفيلمين مقوّمات سينمائية وثائقية. فعلى الرغم من كونهما شهادتين بصريتين متعلّقتين بمسائل يومية في ظلّ الخراب السوري الفظيع، إلاّ أنهما غارقان بالعاديّ في التقاط صُور الحياة الفردية لأناس يواجهون الموت والقتل والدمار والعنف. الفيلم الفلسطيني "المطلوبون الـ 18" لعامر الشوملي وبول كووان، الفائز بجائزة أفضل فيلم وثائقي من العالم العربي، مختلفٌ: فوزه متوافق وقيمته السينمائية المرتكزة على ثنائية الوثائقي والتحريك (دمى). فوزه متلائم وأهمية مادته الدرامية أيضاً: استعادة وقائع الحياة اليومية في بلدة بيت ساحور الفلسطينية أثناء "انتفاضة الحجارة"، وتحديداً في العام 1988. علماً أن مسابقة الأفلام الوثائقية متضمّنة أيضاً عناوين عربية مثيرة لنقاش عميق في شؤون السينما والحياة والذاكرة والذات، كـ"الأوديسا العراقية" للسويسري العراقي سمير (جائزة "نيتباك" لأفضل فيلم آسيوي)، و"أم غايب" للمصرية نادين صليب (جائزة "الاتحاد الدولي للنقّاد ـ فيبريسكي").
في مقابل هذا كلّه، تمتلك غالبية الأفلام الأجنبية، الفائزة وغير الفائزة، جماليات مدهشة وصادمة. في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، هناك "لفاياثان" للروسي أندريه زفياكنتسف (اللؤلؤة السوداء وأفضل ممثل للكسيه سيريبرياكوف)، و"تجربة" لمواطنه ألكسندر كوت (لجنة التحكيم الخاصّة)، و"فرصة أخرى" للدانماركية سوزان بيير (أفضل ممثلة لماريا بونفي). في "مسابقة آفاق جديدة"، هناك "العجائب" للإيطالية أليتشه رورواتشر (اللؤلؤة السوداء)، و"دروب الصليب" للألماني ديتريش بروغمان (لجنة التحكيم الخاصّة)، و"سيفاس" للتركي كاآن موجديجه (أفضل ممثل لدوغان إزجه)، و"في مكانها" للكندي ألبرت شين (أفضل ممثلة ليون دا كيونغ). أما "مسابقة الأفلام الوثائقية"، فتضمّنت فيلمين أجنبيين اثنين في لائحة جوائزها: "فيرونغا" للإنكليزي أورلاندو فون آينزيدل (اللؤلؤة السوداء)، و"الهدف المقبل من أجل الفوز" للإنكليزيين أيضاً مايك بريت وستيف جاميسن (لجنة التحكيم).