مع اقترابها استنفار عائلي وتحضيرات دقيقة للامتحانات.. ورغبـــة التفـــوق تلاحــــق خـــوف الطـــلاب

مع اقترابها استنفار عائلي وتحضيرات دقيقة للامتحانات.. ورغبـــة التفـــوق تلاحــــق خـــوف الطـــلاب

شعوب وعادات

الجمعة، ٦ يناير ٢٠١٧

أُغلقت الأبواب، وبدأت الإنذارات للجيران والأقارب بضرورة التقيّد بفترة الامتحانات، وعدم الإزعاج بالزيارات خلال هذه الفترة، وبدأ اتباع النظام الغذائي المساعد، والمحفّز على الحفظ، وبقاء الذاكرة بحالة من النشاط الكامل، وغيرها من الإيعازات الروتينية التي نجدها عند أهالي الطلبة في هذه الفترة التي تسبق الامتحانات النصفية، وخاصة امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية، لنجد الرعب والخوف متسللاً إلى نفوس كل أفراد هذه العائلة، ويبقى الطالب بحالة من الرعب التام طيلة فترة الامتحانات خوفاً من حصوله على نتائج غير مُرضية ليس له، بل لأهله بعد كل هذا الاستنفار الدراسي الذي تم تخصيصه له للتفاخر أمام الأقارب والجيران بنجاحه وتفوقه.
قيود مضاعفة
وحسب مقولة جميع الاختصاصيين، والتي تصب في عدم وجود أي طفل كسول، بل على العكس تماماً، فإن كل شخص قابل للتعلم، هو قابل للتفوق والتميز، ويأتي ذلك من خلال تنمية عادات دراسية متكاملة مثل النشاط المنظم والالتزام بمواعيد المذاكرة، والارتباط المباشر بما تقدّمه قاعات الدرس فضلاً عن المكان الهادئ، وإضاءة مناسبة، وعدم إجهاد العين، والبعد عن المشتتات، وحسن استثمار الوقت، وممارسة أنشطة رياضية عقب التعب والإجهاد الدراسي مع مراعاة حاجات الجسم من غذاء وطاقة، لذا لن نجد مبرراً للاجتهادات غير الطبيعية التي يخترعها الأهل خلال فترات الامتحان، والتي تزيد من الرعب والخوف في نفوس أبنائهم، وتأتي بنتائج عكسية لما يرغبون هم.

خوف مُضاعف
أسباب كثيرة تخلق الخوف في نفوس الطلاب، خاصة خلال فترة الامتحانات، فالخوف صفة مكتسبة، وليست فطرية، يكتسبها الشخص من البيئة المحيطة به، ومما لا شك فيه أن الخوف اليوم بات جزءاً أساسياً من حياتنا في ظل الظروف السيئة المحيطة بنا، فكيف الحال بأولئك الطلبة الذين يعيشون في هذه الظروف، ويُضاف إليها الظروف الدراسية السيئة التي تدب الرعب في نفوسهم خوفاً من الحصول على نتائج غير مُرضية، ناهيك عن المحيط الأسري الذي يفرض نوعاً من الهلع من الامتحانات والعقوبات القاسية التي ستكون نتيجة حتمية لنتائج الطلبة غير المرضية، وهذا سيزيد الخوف والقلق والتشتت أثناء الدراسة، فتبادل الآباء مع الأبناء الاتهامات والتوبيخ والعتاب، في حال فشل الطالب في الامتحان، سيضاعف شعور القلق لديه، والمطلوب هنا هو تجنب التهديد للطالب، وعدم اتباع أسلوب المقارنة بالطلاب الآخرين كنوع من التحفيز، والمنافسة الإيجابية برأيهم، وذلك لأن الطلاب يتفاوتون بدرجة الذكاء، والقدرة على الاستيعاب، والخوف ليس من الامتحانات بشكل فعلي بقدر ما هو خوف من العواقب المترتبة من النتائج النهائية للامتحانات التي ستحمل بين طياتها عصارة جهد تم بذله خلال عام دراسي كامل، ويرى البعض أن الخوف، أو البعض منه ضروري كي يكون دافعاً يحفز الطالب لبذل المزيد من الجهد في الدراسة، ما سيعود بالنتائج الإيجابية في النهاية على الطالب، ولكن ماذا لو استفحل هذا الخوف والرهبة من الامتحانات، هل سيؤدي إلى النتيجة نفسها في حال تجاوز المستوى المطلوب؟!.

تهويل للامتحانات
إعداد الطالب وتهيئته يجب أن تكون على مدار العام، ليس فقط خلال الفترة الامتحانية من أجل ضبط معنويات الطالب، وجعله يحافظ على هدوئه على مدار السنة، وصولاً لتقديم الامتحان، حسب رأي الدكتورة “رشا شعبان”، علم اجتماع، ونصحت شعبان الأهالي بعدم تهويل الامتحانات للأبناء، وعدم المبالغة في التوقعات والنتائج المطلوبة منه، وتوفير جو عائلي يسوده الحنان، والمودة، والهدوء، والتنشئة الاجتماعية التي تبني الثقة بين أفراد الأسرة، وكذلك الثقة بالنفس، وتعزيز عزيمة الطالب، وثقته بنفسه، وتشجيعه عند حصوله على نتائج جيدة، ورفع معنوياته عند حصوله على نتائج متدنية، وعدم حرمان الطالب نهائياً من الترفيه في أوقات الامتحانات، وتخصيص بعض الوقت لذلك خلال فترة الدراسة، وعدم مقارنة الطالب بزميل أو أخ له متفوق لكي لا يحبطه ذلك، أو يعيق تقدمه، ناهيك عن أن الخوف من الرسوب، أو تحقيق علامة سيئة في الامتحانات يقود إلى رفع التوتر والقلق لدى الطالب قبيل إجراء الامتحان، وفي بعض الأحيان يزداد هذا التوتر، ويقود إلى فقدان التركيز، وإلى أعراض صحية تؤثر على الطالب سلبياً، وهذا بدوره يؤدي إلى نسيان بعض المعلومات، إضافة إلى أن غياب الثقة في نفس الطالب من قدرته على الإجابة عن جميع الأسئلة المطروحة يخلق الخوف في نفسه، لذا لابد من تعزيز قدراته الإيجابية في نفسه، وغرس الإيمان بأنه قادر على اجتياز الامتحان بتفوق، وأن النتيجة ستكون مرضية له ولأهله، لأنه قدم أفضل ما يستطيع، فالخوف من الفشل أمر مطلوب، لكن الكارثة تكمن في الإفراط به.

ميس بركات