تختلف الآراء فيها تربية الحيوانات الأليفة.. منافسة اجتماعية في حلبة البرستيج.. أم تجارة رابحة؟؟

تختلف الآراء فيها تربية الحيوانات الأليفة.. منافسة اجتماعية في حلبة البرستيج.. أم تجارة رابحة؟؟

شعوب وعادات

السبت، ٤ مارس ٢٠١٧

إحدى الثقافات الجديدة التي باتت تجتاح مجتمعاتنا، وبدت تظهر بشكل لافت في السنوات الأخيرة هي تربية الحيوانات الأليفة، إذ بدأت بالانتشار بشكل لافت؛ والتبرير جاهزٌ، كونها تمتلك صفات خاصّةً غير متواجدة عند الجنس البشري، باعتبارها تتصف بالروعة بأشكال وطبائع وألوان وسلوكيات مختلفة وما إلى ذلك، فالبعض يقتنيها، إمّا من باب العطف، والمحبة، أو لغاية الهواية، والتفاخر بها، والبعض الآخر ربّما للمتاجرة بها، وكسب الربح من خلالها، بالرغم أن المألوف تواجد بعضها خارج المنزل لا داخله، إلّا أنّ حبّ البعض لها راح بهم لدرجة أنّه نسي أنّ هذه الكائنات خلقت للعيش في رحاب الطبيعة لا على وسادات نومنا، وعلى موائد طعامنا، لأن الحكمة توجب ذلك.
حب وهواية
من الضروري وجود حيوان أليف في المنزل؛ في رأي صفاء مهنا، كونه  يضفي نوعاً من الحركة والنشاط، ولا ضير من كون قطّتها المدللة تنام معها في الفراش، كونها تطعمها ما هو مخصّص للقطط، وبالتالي لا خوف من انتقال أي أمراض، وترى فيها تسليةً، وقضاء وقتٍ ممتعٍ عندما تداعبها، وتطعمها، فالحيوان برأيها كالطفل يحبّ من يهتم به، ويرعى شؤونه، وتضيف: إنّها لا تتخيل حياتها دون قطّتها.
ولأم محمد حكاية أخرى، فهي تقضي معظم وقتها وحيدة في المنزل بسبب انشغال أولادها بالعمل، وبالتالي ترى أنه لا بد من وجود حيوان أليف كي لا تشعر بالوحدة، وتجد في قطتها لولي فسحة جيدة ووقتاً ممتعاً بعيداً عن اللقاءات مع نسوة الحارة والانشغال بالأحاديث التي لا تقدّم ولا تُؤخر.

مبررات حاضرة
بالنسبة لكلّ المربّين يرون فوائد عديدة في التربية، منهم من يرى فيهم وسيلة للدفاع عن المنزل والحراسة، وهذا غالباً في المزارع، والمنازل المنعزلة، ومنهم من يرى فيها وسيلة لجذب المعجبين، وهذا ما يحصل لدى العديد من الشبان في جولاتهم المسائية في الحدائق، والطرقات العامة، والبعض راح إلى أهمية وجود حيوانات في المنزل، وخاصّةً القطط والطيور، كونها وسيلة جيّدة لإضفاء حيوية، وحركة في المنزل، إضافةّ إلى ما أسماه البعض بالحسنات التي يكسبونها من الاعتناء بالحيوان، والاهتمام به، فالحيوان كائنٌ ضعيفٌ، ويحتاج لمن يرعاه، ويهتم به، كما يرى البعض أنّها تملأ أوقات الفراغ، ومنها العاطفي، والأسري، والاجتماعي، وهذا ما أكّده البعض بقولهم: الظروف الصعبة، والأزمات بين الناس تؤدّي إلى زيادة الاهتمام بالحيوانات الأليفة من حولنا، والابتعاد قدر الإمكان عن أناس تتكشف لنا نواياهم مع مرور الأيام، ونتفاجأ بتصرفاتهم غير المبررة تجاهنا.
الانترنيت وسيلة
من اللافت وجود صفحات عديدة على الفيسبوك تهتم بتربية الحيوانات، والتسويق لها، ويمكن من خلالها تبادل الخبرات، والمشورة حول كيفية تقييم الحالة الصحية للكلاب، أو القطط، أو حتى معرفة فيما إذا كانوا يشتكون من أمر ما، إضافة للترويج، والبيع، والسمسرة، وتقييم الأسعار، ومعرفة الأنواع، وسبل وكيفية الاهتمام والاعتناء، وتعتبر هذه الصفحات مرجعاً هامّاً للمربين، باعتبارها تضعهم بصورة الأسعار، والأطعمة المناسبة لكلّ عمر، ولكل نوع، وعدد الوجبات اللازمة لكل منها خلال فترة نموها، بالإضافة لكونها وسيلة للبيع والشراء، أو حتى تبني البعض منها من قبل من يهتمون بفعل الخير، وكسب الأجر، والثواب، إضافة للدلالة على مواقع العيادات البيطرية، واللقاحات اللازمة.

دراية صحية
وفي رأي الطبيب البيطري بشر عوض: إنّ الحيوان ضروري في بعض الحالات، وإن كان لابدّ من وجوده في المنزل، لا ضير من معرفة الطعام المناسب، واللقاحات اللازمة لتكون التربية صحيحة وصحية، ولا خوف من الحيوان طالما نعرف كيف نتعامل معه، ونراعي الشروط الصحية لمكان تواجده، وتدريبه على قضاء حوائجه، والاهتمام بالنظافة، واللقاحات، لافتاً إلى انتشار أكثر من عيادة، وعلى مساحات جغرافية واسعة وشاملة للاهتمام بهذه الحيوانات سواء أكانت الطيور أم الحيوانات اللاحمة، مضيفاً أنّ اللقاحات تتنوع بين الكلاب، والقطط، منها ما هو سباعي، ومنها ما هو ثلاثي، وهوضروري لمكافحة مجرثومة التكسوبلازما التي تتسبب بتشكل أكياس المياه على المبايض عند النساء، وربّما تشوهات الأجنة، أو الإجهاض المبكّر مؤكّداً على ضرورة إيلاء هذا الجانب الأهمية القصوى، ومراعاة إعطاء الحيوان إن لزم الأمر لتربيته ضمن المنزل اللقاحات المناسبة تفادياً لأية أمراض محتملة. ولفت عوض إلى أن اللقاحات على تنوعها متوفّرة، وتعتبر أسعارها رمزية، وغير مكلفة كونها لا تتعدّى الأربعمائة ليرة مابين المعاينة، واللقاح فيما يتعلّق باللقاحات الدورية، في حين يتجاوز أكثر من الألف بقليل للقاحات السنوية، وخاصّةً فيما يتعلّق بلقاح الكلاب، مبيناً أن دور العيادة لا يقتصر على إعطاء اللّقاحات، وبعض العلاجات، وإنما يتعداها إلى التوعية، والمشورة فيما يتعلّق بهذه الحيوانات، والشروط الواجب اتباعها في التربية، إضافةً لدور العيادة في تأمين الإكسسوارات، والملحقات، والتي من الضروري إلى حدّ ما تواجدها في المنزل من حيث التُربة المخصصة لقضاء حوائج الحيوانات، ونوعية الطعام المعلّب كالدراي فود، بالإضافة لبعض العمليات في حالات معينة التي قد تضطر إليها هذه الحيوانات.

مصدر للرزق
تربية الحيوان أخذت أبعاداً أخرى غير التسلية، والهواية، وأصبحت مصدراً للرزق، وهذا ما أكّده سامر أحمد، صاحب محل لبيع الطيور في المزة بقوله: إنّه من الطبيعي وجود محال تعتني بتربية الطيور، وتهتم بالتّجارة، والبيع، ولا ضير من كونها تجارة باعتبارها ظاهرة موجودة، ومن الواجب أن يكون هناك من يهتمّ بتكاثر الأنواع الجيدة، والحفاظ على النسل العريق، وإكثاره باعتباره مطلوباً، ومرغوباً لدى العديد من دول الجوار، وخاصّةً فيما يتعلّق بطيور الكنار، والحسون، والبلبل، وهذا يُعدّ مصدراً جيداً للدخل، كما يُعدّ تجارةً رائجةً نتميز بها كسوريين نتيجة الأصناف المتنوعة التي تزخر، وتجود بها طبيعتنا، ولا توجد في البلدان المجاورة، إضافةً لكوننا نقدم كل ما يلزم من الأقفاص، والطعام المناسب لكلّ نوع، والأهم أنّنا نقدّم خدمة، ونوفر عناء البحث للمهتمّين بالتربية من خلال تواجد أصنافٍ عديدةٍ، ومتنوعةٍ في المحال المنتشرة ضمن دمشق، والمناطق الأخرى.

نتعلم منهم!!
فيما ترى الدكتورة رشا شعبان اختصاص علم اجتماع: أنّه لابدّ من أن نعترف، ونقرّ بأنّ تربية الحيوانات الأليفة هي ظاهرة حضارية، وحالة إيجابية، وليست سلبية، وهي حالة تحتاج لجهدٍ، وصبرٍ، وخاصّةً أنّ ذهنية المجتمع العربي ليست مُهيأة للتعامل مع هكذا ظاهرة؛ لأنها لا تنظر إليها كحالة إنسانية، موضحة أنه بقدر ما يستطيع الإنسان أن يتعامل مع الحيوان الأليف، سيكون لديه مستوى عال من الرقي والإنسانية، وبالتالي فهو إنسان يحمل قيماً إنسانية عالية، مشددة على أن الوجود الحيواني لا يغني عن التواصل مع البشر، وإلا سيعد ذلك هروباً من المجتمع، وشعوراً بالخيبة والخذلان.
وتضيف د. شعبان بأن وجود حيوان في المنزل يعلّم الأطفال التعاون، والاهتمام، والتنظيم بالوقت، كون الحيوان بحاجة إلى الاعتناء المستمر من حيث أوقات الطعام، والنظافة، وهذا يُعد حافزاً للطفل لتعلّم التنظيم، والإحساس بالمسؤولية، وينمّي بعض القيم لديهم كالعاطفة، والمحبة، والتعاون، والصبر، والتسامح، وأهمها العطاء، لأنه يتعلّم أن يعطي، وليس أن يأخذ، باعتباره سيبذل جهداً في إدارة شؤون الحيوان الذي يقتنيه، واستشهدت بقولها: إنه في هذه الظروف التي نمر بها، بات الحيوان أكثر رحمة من بعض البشر الذين لم يرتقوا بعد إلى درجة الحيوانات، فالحيوان إن اضطر كي يقتل، يقتل ليأكل، ولا يقتل لمجرد التسلية، أو حباً بالقتل، وإراقة الدماء، وختمت المختصة مستشهدة بمقولة: “كلب صديق خير من صديق كلب”!.

رفض مبرر
رغم كل ما سبق، إلا أن الغالبية يرون أن الحيوانات، وبسبب سلوكها الغرائزي، تنقل الأمراض، والأوساخ، والقاذورات، والفضلات، والمضايقات، والإزعاجات إلى المنزل المتواجدة فيه، والجوار، لأن هذه المخلوقات تؤدي وظيفتها بشكل غريزي، برأي المهندس محمد حسن، رئيس تحرير مجلة الموارد: إن الحكمة تقتضي أن نحب من يصافينا الود من أبناء جنسنا، واسم (اللطف) لا يقوم إلا بين الأفراد العقلاء!.

للشرع رأيه
يشير مدير أوقاف ريف دمشق الدكتور خضر شحرور إلى أن الشرع أجاز تربية الحيوانات الأليفة، بشرط أن تُرعَى ويُعتَنَى بها، ولا تُترَك حتى تموت، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة عُذّبَت في هِرّة سجنتها حتى ماتت، فدخلت بها النار، لا هي أطعمتها وسقتها، إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، رواه البخاري ومسلم، ويضيف د. خضر: وقال أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلُقاً ، وكان لي أخ يُقال له “أبو عمير”، قال: أحسبه “فطيم”، وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير ما فعل النغير؟! نَغْر كان يلعب به.. رواه البخاري ومسلم.
أما الكلاب، فبحسب مدير أوقاف ريف دمشق، لا تجوز تربيتها في البيوت، ويَجوز أن تُربّى للماشية، وحراسة الزرع، ونحو ذلك مما أباحته الشريعة، كما أن اقتناء الكلب لغير الحاجة لا يجوز، لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اتخذ كلباً إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع انتُقص من أجره كل يوم قيراط، فالمأذون في اتخاذه نصاً هو كلب الصيد، والزرع، والماشية، وإذا علمت أن الراجح هو جواز اتخاذ الكلب للحراسة، فاعلم أن ضابط ذلك هو وجود الحاجة، ولا يجوز بعدمها!.
دريد علي سلوم