قضية اجتماعية : الزواج المبكر والطلاق

قضية اجتماعية : الزواج المبكر والطلاق

شعوب وعادات

الثلاثاء، ٢ أكتوبر ٢٠١٨

ظاهرة تتجلى يوماً بعد يوم وتتضح أكثر فأكثر فمخاطرها وانعكاساتها على المجتمع والعلاقات الاجتماعية، ظاهرة تستحق الوقوف عندها والحديث عنها بحسرة وألم.. إنها ظاهرة الطلاق بين الزوجين, وتشرد الأولاد.
قديماً كان الاهل هم من يخطبون لابنهم, لكن زمان أول تحول, ومع ذلك لاتزال كثيرات يحاولن السيطرة على الابن  الشاب لمنعه من الزواج بفتاة أحبها, لم ترضّ أمه عنها, الطريف والمؤثر معاً, هو الوسائل التي قد تستخدمها أم الشاب أو قريبته, في سبيل إجباره على الزواج وفق مقاييسهن؟
 هذه الحالة مجرد مثال عن آلاف الحالات المماثلة لفتيات أدخلهن أهلهن بيت الزوجية قسراً, وهن لازلن صغيرات, ويندر أن يخطر ببال أحد أن البنت قد تتعرض لصدمة نفسية, نتيجة صغر سنها, ولجهلها وجهل  زوجها بأصول التعامل الإنساني بين الزوجين في بداية حياتهما، فيحصل الطلاق المبكر وما يترتب عليه من تبعات اجتماعية خطيرة.
 
إذا عرف السبب
 إذا بحثت في سجلات المحاكم, لن تجد إلا فيما ندر حالات طلاق بين زوجين كبيرين, إنما نجد معظم حالات الطلاق بين زوجين صغيرين في السن, لم يعرفا  تزايد متطلبات الحياة وتكاليفها , خلال أيام التعارف أو الخطوبة , مما يدفع بأحد الزوجين لممارسة أعمال إضافية أو أساسية  يغلب عليها الطابع الاستهلاكي  من أجل تأمين لقمة العيش، وهذا الواقع يؤدي إلى غياب أحد الزوجين عن البيت فتكثر المشكلات والخلافات التي قد تؤدي إلى الطلاق والذي يكون سببه أحياناً  كثيرة الزواج المبكر.
 أحكي قصة:
  السيدة  (م ـ ع) تقول: أنا أبرر لنفسي.. لكن أحكي القصة كما جرت تماماً, خلافاتي مع زوجي دائمة, هو يكبرني بعشرين عاماً, كنت في العشرين عندما تزوجته خوفاً من أن أبقى عانسة، أو في بيت أخي كخادمة, طوال سنوات زواجنا لم أشعر بالراحة أبداً, وهو لم يكن يفهم.. أو ربما كان يفهم ويحاول أن يثأر لرجولته المفقودة عن طريق إذلالي بالضرب والرقابة المستمرة.. فكان الطلاق بيني وبينه مما أدى إلى ضياع الأولاد وخلافات عائلية واجتماعية دائمة بين الأقارب والأهل من الطرفين.
لئلا تصبح في الطريق
 أنيسة عبد الحميد محمد باحثة اجتماعية تقول في هذا المجال:
 نحن أمام ظاهرة سلبية  يجب الاعتراف بها وإيلاؤها قسطاً هاماً من البحث والنقاش والمعالجة .. إنها ظاهرة الزواج المبكر والذي يؤدي في حالات كثيرة إلى الطلاق.. بسبب عدم النضج والفهم أو الأمية.. أو تزايد متطلبات الحياة  وتكاليفها  خلال السنوات الأولى من الزواج.. ولاننسى الرعب الذي يتهدد المرأة بسبب الزواج المبكر.. وهو أن يتزوج بأخرى, أو أن يطلقها, خاصة إذا لم تحمل، أو تنجب لهُ أولاداً ذكوراً.
 حالياً، أكثر من نصف المتزوجات في مجتمعنا وخاصة المجتمع الريفي, تزوجن في سن صغيرة, وعلمياً, جسم المرأة قبل الـ /18/ عاماً  لايكون مكتمل  النمو, لذلك فهي قد لاتحمل فور زواجها, فغالباً ماتجهض أو يموت الولد بعد ولادته, بسبب ضعفه لأن جسمها غير مهيأ بعد.. لتحمل أعباء الحمل والولادة.
  ومن هنا تبدأ الشرارة الأولى في الخلافات الزوجية وتكبر ثم تكبر  إلى أن تنتهي تلك الخلافات بالطلاق.
 أم أيمن حالياً عمرها /60/ عاماً, كانت دون الرابعة عشرة من العمر عندما  تزوجت, من شاب  يكبرها آنذاك بـ /20/ عاماً.
 أنجبت /11/ ولداً توفي منهم /9/ أولاد بسبب صغر سنها مما سبب الطلاق بين الزوجين وهي الآن نادمة.. بسبب جهلها في البداية وجهل أهلها.
 مشكلة المشكلات:
 (ك) سيدة متعلمة , كانت تحمل طموحات أكبر من الإمكانية المتاحة مع فقر والديها.. عندما تقدم لها عريس ثري, لم يأخذ أحد رأيها, علمت بالقرار, عندما قال لها أبوها إنه لم يعد هناك من داع  للذهاب إلى الجامعة .. فكلها شهر واحد وتتزوج.. لم تجرؤ على الاعتراض.. ابتلعت كل شيء.. وتم  الزفاف، كان ذلك بعد أن تركت دراستها الجامعية.. لكنها لاتستطيع إخفاء كراهيتها  لزوجها, وهو لايستطيع التوقف عن مناكدتها.
 وبعد :
 لنتلفت حولنا  وننظر كم هو عدد من نعرفهم من الذين يحملون معاناة لايجرؤون على البوح بها, أو لايجدون من يسمعهم... فماذا يكون مصيرهم.. التشرد أم الضياع أم الطلاق.