تركناهم للعالم الافتراضي.. فكيـف نعيـدهم لواقعهـم؟!

تركناهم للعالم الافتراضي.. فكيـف نعيـدهم لواقعهـم؟!

شعوب وعادات

الجمعة، ١٨ يناير ٢٠١٩

الطفل عالم متكامل بحد ذاته يقوم بكل وظائفه السيكولوجية والحيوية بشكل أولي، لذا يتأثر بكل نسمة قد تهب وتثير تغيراً ما في محيطه، ومن ثم نفسه، فهو صفحة بيضاء تنتظر من يأتي ويكتب على أسطرها الفارغة، فتأتي هذه الوسائل التي تدعى بوسائل الاتصال (الافتراضية) لتملأ هذا الفراغ ظاهرياً، وتخلق فراغاً عميقاً أشد منه سوءاً، وتثقل كاهله لتجعله يعيش في عالم خيالي لا يرى نفسه في ثناياه، بالإضافة للوسائل والسبل لحل المشاكل الناجمة عن سيطرة وسطوة الحاسوب على أطفالنا، حتى الصغار منهم، وذلك بصورة مزدوجة تزيل سيطرة هذه الحواسب، وتعبئة الفراغ الناجم عن إزالة هذه السيطرة على عقول أطفالنا بحثهم على تفعيل المطالعة، ما يحقق لهم المتعة (الفائدة، والتسلية) من خلال المجتمع، والأسرة، والمدرسة، إذ من المناسب تسجيل الأطفال، وحثهم على الذهاب للنوادي التي تعنى بترسيخ ثقافة الطفل، وتحريض مواهبه الكامنة والمتصلة بالمطالعة، كالشعر والقصص القصيرة، ولابد من أن يمارس الأهل في المنزل دوراً إيجابياً بتشجيع بنيهم على المطالعة ليكون شأنها في ذلك شأن باقي النشاطات النافعة والمفيدة كالرياضة والرسم، لئلا تكون المطالعة نشاطاً يتعلق بثلة بسيطة من البنين، بل أن يكون لها امتداد واسع يشمل طيفه أكبر عدد ممكن من الأطفال في المجتمع، فالأسرة كنواة أولى تكوّن أفراد المجتمع عليها ألا تكتفي بالموقف السلبي بالترقب من بعيد، أو الحث اللفظي وحسب، بل لابد لها من أن تزرع بذرة حب المعرفة للإجابة عن الأسئلة الطبيعية التي يشعر الطفل بحاجته للإجابة عنها، وأن تلعب الدور الأكثر فعالية من حيث النقاش الهادىء والمتزن والفعال لئلا يضطر الطفل للجوء للحاسوب كوسيلة للهروب من واقعه المحسوس والملموس بأن يشعر بالاهتمام الخاص به، فيكون مع أسرته جزءاً من هذا الكل، وليس كشخص غريب لا يعرف أقرانه إلا بالمقدار الذي يريدون هم أن يعرفوه، كما في الحاسوب.
 
المدرسة بيتنا الثاني
هذا ليس شعاراً وحسب، بل حقيقة جلية وواضحة وضوح الشمس، فبالحد الأدنى المدة الزمنية التي يقضيها الطفل في المدرسة قد تفوق التي يقضيها في البيت، لذا فللمدارس دور في توعية الأطفال لخطر الإسراف في استخدام الأجهزة الالكترونية، وأن تتكاتف مع الأسرة لحماية الأطفال من أضرار الالكترونيات صحياً ونفسياً، ويجب أن تكون هناك جدية في كبح جماح الالكترون، وإعادة الأطفال إلى واقعهم بعيداً عن الواقع الافتراضي الذي قد يشوه مستقبلهم بفيروسات الحداثة غير المدروسة.
 
أهل الاختصاص
المرشدة الاجتماعية مها المحمد ترى أن تعامل الأطفال مع الأجهزة الالكترونية يتيح لهم التزود بالكثير من المعرفة والعلم فيما لو تم استخدامها بشكل صحيح، ولكن الخطأ الأكبر في استخدام هذه الأجهزة يعود إلى الأهالي بعدم حضورهم الدائم بين الأطفال، والحرية المبالغ بها التي يمنحونها لهم، وخاصة أن الطفل يولد ولديه شخصية، وطباع خاصة، ويكمّل ما ينقصه من محيطه، وبذلك يبدأ بتكوين شخصيته الأساسية، ولكن الخلل يبدأ هنا بمجتمعنا، لأن أهالي هذا الجيل الجديد يمارسون مراهقتهم على حساب حياة أطفالهم بإعطائهم الأجهزة الالكترونية دون مراقبة، وتركهم يقعون في غياهب التعلّق المفرط بالعالم الافتراضي!.