وداع صقر

وداع صقر

شاعرات وشعراء

الأحد، ٦ ديسمبر ٢٠١٥

شعر: محمد خالد الخضر
إلى الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد يوم تأبينه
----
يا حادي العيس إن الأهل قد رحلوا
ما ظل صبر فكيف الآن أحتمل
في خافقي مخرز الهجران يؤلمني
وطعنة في حنايا الروح تكتمل
كم انتظرت على جمر بلا أمل
ما عاد منهم ولا في بارق أمل
مرت هناك خيول كنت أعرفها
وخلفها مرت القطعان والإبل
من ذا أعزي فلا بغداد تدركني
ولا الذين لأرض الشام قد وصلوا
يا عبد يا شاعر الأشجان كم خطرت
ذكرى المعرة في الأحداق تغتسل
فأورقت مثلما شاءت محبتنا
حين التقينا إلى الشريان تتصل
لا تكتئب أنت من شاركتني ألمي
مثلي تحط غريباً ثم تنتقل
وكنت أكبر من أرض ومن شجر
وكنت صقراً على الأوجاع يرتحل
لم تتسعك بلاد وهي شاسعة
كأن وجهك للتاريخ يختزل
وحين جئت إلينا جاء يغمرنا
ضوء رفيف وجاء النخل والجبل
شعرت أن بني عمي أتوا شغفاً
في جانحيك وجاء القوم والأهل
استقبلتك كروم التين باسمة
حتى المعري أتى للحفل يمتثل
كنا نغني ونشدو رغم غصتنا
وحول فرحتنا الأعراب والدول
ترمي بكامل أضغان ونائبة
ما عندها شرف أو عندها خجل
كنا نحذر والرومان ترمقنا
أنت الأيادي بالأحلام تشتعل
ضاقت بك الأرض وهي الآن باكية
كما تضيق بجرحي الأرض والسبل
على مسارين يمضي كل مرتفع
كأنه وجهه بالأرض ينتعل
يسير خلف هواه من يحاصرنا
كما يسير حليف وهو يفتعل
قد صفق الأمس حتى كاد يذهلني
والآن راوغ فإني الآن منذهل
يا صبر أيوب آلامي تمزقني
ماذا أقول وثوب الصبر ينبذل
يستغرب العار من قوم يراقصهم
الثعلبان وبالإذلال يكتحل
ما أوقح العين أن لم تستحي كرماً
وأوقح الوجه ما في مائه خجل
داس الغريب على أغمار بيدرنا
وكل قزم علينا الآن يرتجل
لعلنا لا نرى شيئاً يراودنا
عميان يسكننا الإفلاس والجهل
قم من ضريحك كي نحكي حكايتنا
لا يرتقي بيننا إلا الساقط السفل
أبكيك صرت حزيناً في مواجهة
وليس عيباً بكاك الفارس الرجل