الشاعرة «وفاء دلا» في تجربة شعريّة متجددة

الشاعرة «وفاء دلا» في تجربة شعريّة متجددة

شاعرات وشعراء

الأربعاء، ٣٠ مارس ٢٠١٦

عبر 33 قصيدة كان ديوان «غصون الريح»، جاءت تحمل بين كلماتها الأمل، والوجع، والحبّ، واللقاء، والدموع، والانتظار، والزمن، والأمنية، والمزيد من المشاعر المحفوفة باللغة الزمانيّة، وصورة المكان. ويلفتنا في هذه القصائد لغة انسجامٍ بين العنوان والمضمون؛ فلكلّ عنوانٍ خاصيّة اتصاله القويّ مع ما أراده نسجُ القصيدة، ومن أمثلة ذلك «مبخرة الترانيم» وما جاء فيها من كلامٍ يحمل عطره بين: «شقائق النعمان»، و«الريحان»، و«الغيم المعطر»، و«السندس»، و«الإيقاع المزهر»، وغيرها من الكلمات والتراكيب التي استُخدمت في مكانها المناسب، فباتت صورة مؤلّفة من صورٍ كثيرةٍ متآلفة مع بعضها.
وفي قصيدة «دمشق أسطورتي» تقول:
كيف أوزّع فيك الكلمات
والزهور.. من ألوان التّيه
والعطر الأكثر رعباً يرشّني بالغمام
دمشق
يا نشيدي الخرافي يا أرقي المبرح
سنديانةٌ أنت في فم العاصفة
وروح بيضاء تذيب الفناء
والليل.. يرعف تحت قدميك
ويرتشف المدى…
دمشق… نجمة تهاوت في دمي
وجمرةٌ في المطر.. وفي الشجر
ولوعةٌ في البشر.. وفي الحجر.
للحبّ والوطن حضورهما المزدوج والمنفرد في قصائد « وفاء دلا »، فهما لغة خدم بعضها الآخر، وكثيرة جاءت هذه اللغة بتناغم جميل في ديوان «غصون الريح»، كما في: «بكاء الياسمين»، و«وطني حزين»، و«أنا والبنفسج»، و«دموع الحريّة»، و«ميناء وطن»، و«دمشق تستجير»، و«دمشق أسطورتي»، و«ملحمة دمشقيّة»، وغيرها، ومن قصيدة «ميناء وطن» نختار:
متأخراً يقذفني حلمي
يفاجئني بالانشطار…
ينقلني وأنا مبعثرة..
إلى شواطئ غريبةٍ
وميناء هادئ
قالوا لي:
إنّه عاشقٌ لليمام
الآهل بالشوق والجنان
والفائض بالدفء والحنان
إنّه فارس أحلام العذارى…
من ملاحظات القارئ للقصائد أيضاً نجد المزج بين دمشق الوطن، وحضارتها، وبين امتداداتها إلى البلاد شرقاً وغرباً، فهناك إشارة للأندلس، ولبغداد، وللمغرب العربي، وللأبجدية، وسان بطرس بورغ وقاسيون، والكثير من العبارات التي تغنّت فيها الشاعرة بحبّها للشام وجمال تاريخها رمزاً، وبوحاً، وتصريحاً.
ويقول الدكتور «الطاهر الهمامي» من تونس في الشاعرة «وفاء دلا»: «تنأى الشاعرة عن ذاتها الفردية، فتلتزم همّاً جماعيّاً، وتفتح النصّ على الشأن العام…. وفاء دلا صورة أنيقة لصوت نسائي واع واعد يمتلك مؤهلات الأثر المتميز، ولا يعوزه أن يحقق ما يصبو إليه، وينتظر منه».
أمّا الدكتور «أحمد الودرني» من تونس أيضاً فيضيف عنها: «جاست الشاعرة دروب الدلالة بحثاً عن خبئ المعاني وزرعت مألوف الصور وقد فاضت أنوثتها الغدقة على قصائدها حتى لكأنّهنّ غيدٌ حسان يرفلن في مجازٍ بديع الألوان تشنّفه إيقاعاتٌ شجيّةٌ تشدّ الأذن والفهم في آن. وفاء دلا يمامة دمشقيّة شدت عذب الألحان وعزفت بفرادة ملحمة المعنى على أوتار النار، هي مزنة هتون تؤذن بغيثٍ قادمٍ من شرق النبوءات».
وفاء دلا
شاعرة سوريّة من محافظة حماة – السلمية، بدأت رحلة الكتابة منذ أواسط الثمانينات، عملت في الصحافة السوريّة والعربيّة، في رصيدها مئات القصائد والمقالات والنصوص والقصة وقصص الأطفال والدراسات الأدبية، شاركت في مهرجانات أدبيّة محليّة وعربيّة ودوليّة، نالت العديد من الجوائز.