نسائم برية لوليد سليمان.. مجموعة نصوص شعرية بأسلوب الومضة

نسائم برية لوليد سليمان.. مجموعة نصوص شعرية بأسلوب الومضة

شاعرات وشعراء

الأحد، ١٢ يونيو ٢٠١٦

“نسائم برية” عنوان مجموعة من النصوص الشعرية للشاعر وليد سليمان يذهب فيها إلى مقاربات معرفية وفكرية بنزعة إنسانية ضمن معمارية فنية تشكلت بأسلوب الومضة الشعرية والبناء الحداثوي من حيث الصورة والإيحاء الدال مع توافر الجرس الموسيقي في أغلب النصوص.
وفي المجموعة يحاكي سليمان في نصه الذي حمل عنوان “تعريف ساذج للشعر” حالة الإلهام المفجرة للنص وتداعيات الانفعال المصاحب للشاعر وما يفرزه من تجارب متباينة ومختلفة بحسب الحالة النفسية والحراك الذهني المتلازم معها فليس للشعر عند سليمان تعريف وتوصيف عام إنما هو خلاصة فكر وثقافة وإبحار في عالم الخيال الذي يكون النص فيقول:
“الشعر يا صديقي .. كقطرة الندى .. على مشارف العلوم .. والشعر يا صديقي .. ارتعاشة جميلة .. تقود للجنون .. والشعر من يحبه .. فليفتح الجيوب دائما .. للقحط والديون”.
ويبني سليمان في نصه “قصائد للدروب والينابيع” صورته الشعرية من لقطات للطبيعة الساحرة في القرى بدلالات شفيفة الإيحاء تنقل جغرافيا الطبيعة إلى مناخ خياله ما يضفي على النص طابعا رومنسيا ينزع إلى الجمال فيقول:
“على وقع خطو الظلال ننام .. على وقع خطو الطيوب .. نفيق على كل سفح تسيل غرابه .. على كل درب تسيل عذوبة .. نحتطب الزرقة من أدغال الأفق .. لا نلقي بالا للبرد .. فمواقدنا ملأى .. من أخشاب البرق”.
وعبر نصوص الومضة الشعرية في المجموعة يتجلى فيها بوح الشاعر النفسي الوجداني “الانفعال والاعتماد على انعكاس الحدث المشهدي وإشارات المنولوج الداخلي” فيقول في نصه “جنون”:
“تعبت كثيرا .. كثيرا تعبت .. صعدت بعيدا .. إلى عمق وجدي .. حفرت عميقا .. نبشت حنينا سحيقا .. وتهت”.
ويستعين وليد سليمان في نصوصه بالإسقاطات في سعي إلى فتح نوافذ جديدة لتجربته الشعرية برمزية متوائمة مع الموضوع الشعري فلا تخرجها إلى ضبابية موغلة كما في نصه “استراحات”:
“آخر السطر .. لاهثة .. تستريح النقطة .. في آخر السطر .. مع أنها لم تشارك .. في سباق .. أيتها القدرات .. من بإمكانه .. أن يضبط حرارة الأصابع .. في تلويحة .. الوداع”.
وينقب وليد سليمان في نصه “للسماوات زرقتها ولي زرقتي” في عوالم اللغة ومسارات المجاز باحثا عن لغة تترابط مع تداعيات إلهامه ليوقظ ما خفي من معان في تشكيل تصويري تمثيلي وانعكاسي يوظفه بجملته الشعرية فيقول:
“إنني أعلن استقالتي من الحياة .. جارا خريفي .. من أذنيه .. باتجاه الهاوية .. معلنا سقوط بيارقي الضالة ..ساهما .. في ثنايات المدى .. ابحث عن سر العطر”.
الشاعر وليد سليمان في مجموعته الشعرية نسائم برية الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب والتي تقع في 180 صفحة من القطع المتوسط يبدو هاجسه الباحث عن كينونة شعرية مختلفة التزم فيها معايير النص الأدبي والشعري المتماسك البنية والذي يحرص على أن يكون مبتكرا جديد الطرح ولا توجد سابقة له.
كما يحرص سليمان أيضا على حضور الموسيقا كتفعيلة متناغمة و متلائمة مع السياق التعبيري للنصوص كون الموسيقا تلعب دورا في التحريض النفسي للمتلقي.