يوسف العظمة الميلاد والاستشهاد

يوسف العظمة الميلاد والاستشهاد

شاعرات وشعراء

الأحد، ٢٤ يوليو ٢٠١٦

 إسماعيل مروة

ترجل يوسف الحسن والافتداء
إلى طريق البسالة تقدم
إلى الغد الذي رسمه بروحه
إلى المستقبل الذي أراده
حدد اليوم
رسم المجريات
ملأ حبر دواة التاريخ
دمه كان المداد
رفاقه كانوا الشهود
وأرض الوطن الميدان
في مثل هذا اليوم
في الرابع والعشرين من تموز
أشرقت الشمس
كانت حارة
كانت حنونة
كانت شمس حق
شمس يوم لا كالشموس
شمس يوم لا كالأيام
شمس بطولة كانت
شمس صمود سطعت
في الرابع والعشرين من تموز
أثبت يوسف البطولة بطولته
أثبت في مجالي البطولة قدمه
عرف بداية حياته لا نهايتها
عرف أن اليوم هو يوم مولده
ينسى الناس يوم الميلاد
ويحفظون يوم البطولة
ها هو يوسف العظمة يختار مولده
لم يكن له أن يختار ميلاده
ولا أن يختار لونه
ولا أن يختار موطنه
لكنه اختار يوم مولده
يوم استشهاده
وهناك في ميسلون بدأ الحكاية
كانت مجهولة تلك البقعة
جعلها معلومة
صارت ميسلون ودمشق وقاسيون
صارت والتاريخ على قدم واحدة
صارت والشموخ على مسافة واحدة
صارت ميسلون حاضرة سورية
وصار كل السوريين سكانها
صار اسم ميسلون نكهة حليب والأمهات
ونشيد الأطفال في المهد
وأغنية العاشقين
وسيمفونية الجداول
يوسف صاغ ميسلون حكاية
ويوسف حكى الحسن حكاية
وميسلون والحسن حكاية سورية
هناك عشق يوسف حسن شام
وانداح دمه من القمة إلى زواريب الشام
وتغلغلت الأغنية في الشرايين
كانت ميسلون
وكانت دمشق
حطم فرنسا بموته
مرّغها باستشهاده
وقف قادتها أمامه بإجلال
كرهوه واحترموه
هابوه وحيّوه
عرفوا بطولته وما صدقوا الرحيل
وحين أرادوا التثبت دهشوا
فجسد يوسف العظمة تعملق
تعملق وصار وطناً
وسكن الجبل المحيط بشام
ولم تعد ميسلون إلا العظمة
ترجل يوسف العظمة
فلا غورو بقي موجوداً
ولا فرنسا أرست دعائمها
رحل غورو مذموماً
وفرنسا حملت هزيمتها أمام إرادة السوريين
فذاك معتدٍ
وتلك محتلة
ويوسف العظمة كان رمزاً
وكومة من التراب صارت وطناً
رسم غورو وأخفق
وخط دم يوسف العظمة وصدق
لن يدخلوا دون مقاومة قال
ولم تتوقف المقاومة لحظة
بدأت من رفيقه صالح العلي
وحمل شعلتها يوسف العظمة
وحين غابت ليلى
أسلم شعلته للرفاق
لم يتأخر الأطرش
أسرع من الضوء كان هنانو
والخراط أقسم له
لن تكون تضحيتك ذكرى
من الغوطة
إلى المسيفرة
إلى الشيخ بدر
من القنيطرة
إلى الجولان
إلى حوران
من دير الزور
إلى حلب
إلى الزاوية
إلى رمل البحر
وفي الشام صبت كل أنهر المقاومة
اجتمعت الوجوه كلها
وقدمته عليها
كان وجهه مشرقاً
يوسف العظمة
الراقد في روابي ميسلون
العظمة استشهد ولم يمت
رقد ولم يغب
استراح ليحمي ثغر الشام
يفترّ ثغر العظمة عن ابتسامة
لن تهزم الشام
إن تكاثر الخونة
وإن تكالبت الدنيا
الشام محمية بدم أبنائها
معمّدة بالدم الممزوج
الشام لن تنكص
لن تتراجع
ليلى ضاعت.. لكنها ليست الشام
الشام بكت ليلى
حملت اسمي
لم يضع اسمي في الأوراق
ولم تستكن الشام لمن أراد طمسه
يفترّ ثغر العظمة وهو يرى…
لأجل الشام أنتحر على حدود طهرها
لا يعنيني ما يقولون
انزرعت في ميسلون
أهدي الشام شتلات خضراء
كل تلال سورية أزرعها خضرة
من دمي أسقي سَرْوها
من دمي أعطي خضرتها
حدّد اليوم
الرابع والعشرون من تموز
بقي العظمة مسمراً هناك
دخل المستعمر على جسده
على دمه
على روحه
على خيانة الخونة
على تقاعس المتقاعسين
ورحل المستعمر بلا جذور
ليبقى العظمة أنشودة لا تعرف الشجن
لا تعترف بالحزن
يأتيه شوقي فيغنيه
علي محمود طه يستلهم بطولته
وخليل مردم يقدم التهنئة له
وفود الأرض تقصده على قدميها
قلوب أهل الأرض تهفو بأرواحها
لك الشعر
لك النثر
لا لتكريمك يا سيد البطولة
بل ليتكرم بك الشعر فيصبح أجمل
ويتباهى بك النثر فيغدو معجزاً
صدقت ما عاهدت عليه
قضى المستعمر نحبه
وأنت الذي لم تبدل تبديلا
حدّد الموعد فكان تاريخ بطولة
ويوم استقلال امتد أكثر من عقدين
كنت أول الشهداء
وكل شهيد إليك يهفو
وزغاريد النسوة إليك تصبو
وأغنيات الأطفال إليك تهفو
وحدك يا يوسف لم يبك أحد عليك
بطولتك جعلتك فخاراً
رمزاً.. غاية
لم تمت ليبكيك الناس
كنت وحدك على الدوام
تحرس حدود شام
ترسم ضحكة الأحلام
اليوم نستجد بك يا يوسف
ازرع فينا إباءك
ألهمنا تضحيتك
أمسك بأيدينا إلى حدودك
ارفعنا إلى مستوى لا نعرفه
مهما أوتينا فلن نكون
مهما حاولنا فلن نصل
شتان بين بطل الفطرة
ومن يبحث عن مجد وبطولة
وحدك جاءتك البطولة
رجتك أن تقبلها
وحين قبلتها لم تمت
ولن تموت..
في يوم ميلادك الذي اخترتَ
في يوم بطولتك
نقف أمام الراقد
نخشى النظر في عينيه الصقريتين
نعود تغمرنا نشوة اللقاء
ونكتب بالدواة لك
لكن دمك ينسرب ليقول
بي كنتم، وبي عشتم
ولكم أهدي ما تبقى من دمي
كونوا جديرين
فالشام تستحق
والشام عظمة لا تنال
اطمئنوا.. اعملوا
قاتلوا.. دافعوا
لتكونوا جديرين ببسمة الشام
في يوم ميلادك واستشهادك
نقف كباراً لأنك كنت
عملاقاً لأنك بدأت
وتنداح حكايا البطولة
كلنا في الحب يوسف
كلنا في الافتداء يوسف
كل البطولات بلا أب
ووالد بطولاتنا يوسف العظمة
وميلاده مشهود
وروابي ميسلون لا تطال
الخضرة تكسوها
وحارس الشام يلقي التحية
قبل أن تغيب شمس النهار