حوار مع الشاعر والناقد رضوان فلاحة

حوار مع الشاعر والناقد رضوان فلاحة

شاعرات وشعراء

الأحد، ٧ أكتوبر ٢٠١٨

خاص بالأزمة

أجرته نبوغ أسعد :

رضوان فلاحة شاعر وناقد في رؤية بنيوية جديدة جمع فيها ثقافات ومتنوعة ورؤى مختلفة ليقدم مالديه بشكل أكثر وعيا ونضجا .. وليسر على طريق الثقافة بنجاح يصل فيه إلى منظومة وطنية صحيحة .

معه كان الحوار التالي :

س1-أنت ناقد وتكتب الشعر هل هنالك علاقة جدلية بينهما أم كيف ترى الحالة ؟

النقد والشعر متلازمتان في ماهية الانبلاج الحسي الجمالي المعرفي في منطوقي الابداعي وهي ليست تبني لضرورة حضور أحدهما دون الآخر فهما في توأمية تجاذب جدلي فكري وجمالي تخصبها اللحظة الانفعالية غير منقطعة وعيا فكريا ومعرفيا .. فالشعر كخطاب رسالي جمالي لا ينفصل عن كونه ناقد للأشياء بتباين وجودها فإن لم يكن النص الشعري يحمل هذا المضمون النقدي حتى لما يؤتى من مفاهيم جمال تتباين كذلك في رؤيتها ومنظورها أي لا يقف عند حدود موضوعة معايرة لها كتكوين صورة تحاكي الفكرة أو فكرة تتضمن الصورة الحسية فاطلاعي النقدي يأتي بمساحة ما يوفره النص الشعري ككائن حي يستجليني لمناخه وفضاءه فأجدني فيه متماهيا لذلك لا أجدني أعامل النص الشعري والادبي بأدوات درسية لربما لها ضرورتها تبعا لنضوج النص أي نضوجه بالمعنى الذي يجعل منه كائنا حيا  فللنقد وظيفة جوهرية كذلك في ترميم واعادة هيكلة التجارب غير الناضجة ،وهنا اقول كما أن هنالك نصا شعريا صناعيا اي يفتقد لماء الابداع فهنالك نصا نقديا صناعيا وانا لا أرى النقد الا ابداعا في دورة تتكامل مع الشعر والأدب .

ما هو الشعر برأيك هناك من يكتب في ظل اختلاف الاشكال الشعرية وهل أنت مع شكل محدد دون آخر ؟

ج2 الشعر هو ماء الحضارة المعرفية بمطلق دلالة الكلمة "ماء "وأبعاد رؤياها.. وهو غايتها الأسمى قيميا فنحن لسنا بصدد التعريف للشعر كخطاب جمالي فحسب والاتفاق عليها صورة وفكرة وموسيقى وحدية التباين أو توازنه فهي ثلاثية بحد ذاتها ذات أبعاد جمالية ومعرفية مفتوحة ابداعيا وأقول ابداعيا كي لا تجد العبثية ضالتها هنا.. وإني لأذكر أن الشاعر والناقد  محمد خالد الخضر  قال لي في حوارية ثقافية إن الشعر كل شيء  ..والعالم ظله .. إن الأشكال الشعرية ولنقل الولادات التي انبلجت من رحم الكينونة الأولى للشعر يجعلها في علاقة عضوية معها وإن تجلت بينائية لا بد أن تكون لها قيمتها المضافة والا فهي شوهة ..أومناط تجربة لم تكتمل أسس تبلورها

هناك أسماء كثيرة وصلت إلى العربية والعالمية في الشعر هل تراها تستحق وغيرها لا يستحق؟

في واقع الأمر إن الأسماء التي وصلت إلى العربية والعالمية باستحقاق القيمة والانتماء بما يمتلكه منجزهم من رسالة جمالية تمكنت من الوصول الى العربية والعالمية لا يعني أن أسماء أخرى لا تستحق ذلك وإن كنت أفصل هنا بين العربية والعالمية فما يحكم حضور هذه الأسماء على الساحة العربية مغاير لما يحكمها على مستوى العالم وذلك أن الخطاب الأدبي والشعري ليس خطاب قيمة جمالية  فحسب انما خطاب يحمل رسالة الإنسان العربي بضميره الجمعي الذي نريده أن يصل إلى العالمية بالاستحقاقين القيمة الجمالية والانتماء

 

س 4 تكثر في أوقاتنا الراهنة حالة التزاحم على الظهور والتسميات وخاصة في مجال تسمية شعر كيف ترى ذلك ؟ وكيف تفسره وهل ما يتزاحم فعلا هو شعر؟

نعم إن هنالك فرطا في التزاحم على الظهور مصاحب لهوس الشهرة الذي وجد ضالته عبر الشابكة الإلكترونية التي لا تخضع لرقابة وسيلة إرسالية لها مفهومها القيمي وان الإنبراء على غير جهة من هذا التزاحم في التداعي للكتابة في العموم والشعر على وجه الخصوص .. يعود لما للشعر من قيمة جمالية عليا استحقها بالأثر المتفرد عبر الحقب حاملا ومحمولا للحضارة المعرفية والمعنوية .. فالشعر كحالة منبرية مغري أكثر من باقي الأجناس الأدبية ولمن هم في مرحلة المراهقة المعرفية وهوس الظهور العبثي  وإن هذا التزاحم في الكم غير الناضج غاية في الخطورة لما يحدثه من شوهة في النوع بضرورة أن الكم هو الفارز للنوع 

في ظل الغزو الالكتروني ماذا سيفعل الشعر في المستقبل ؟

ج 5 إن للشعر والأدب والثقافة حراسها ورسلها الأمنينين عليها ابداعا وبناءا وهم المعنيين بأن تكون بوصلة خطابهم وسلوكهم الثقافي لانتاج مشهد ثقافي يسمو الى القيمة الأسمى للإنسان فكرا ومعرفة وبما أن الفضاء الالكتروني أصبح فضاء تواصل للجميع فعلى المعنيين بالثقافة والأدب وهم ضمن هذا الفضاء الالكتروني كذلك أن يكون لهم دورهم المراقب والموجه والمؤثر ايجابا وألا يبقو مراقبين لما يجري على صفحات التواصل الاجتماعي من تداعي مأزوم بالأنا فما الفضاء الالكتروني الا انعكاس لصورة الواقع في بعض مشاهده ان لم يكن في غالبيتها

هل هناك جنس أدبي يزاحم الشعر؟

ج6 .. إن تراجع الأجناس الأدبية في المشهد الثقافي حالة غير صحية لما تقتضيه السواقي المفتوحة بين الأجناس الأدبية الابداعية  من ضرورة التفاعل بين جميع الأجناس والأشكال الابداعية   .. فحضور المسرح والرواية والقصة والفن التشكيلي .. ضرورة تغني الوعي القيمي للابداع .. وأرى أن الشعر تمكن من الخوض في الأجناس كلها بكيميائية فجرت غير بنائية للنص الشعري كالنص الشعري الحكائي والمسرحي .. س7 -لماذا يختار الأغلبية تسمية شعر وهو لا يمتلكها برغم وجود الأجناس الأدبية الأخرى المهمة ؟

نحن ننتمي إلى العربية الأبجدية التي جرى بمنطوق الألسنة الناطقة بها الشعر في درج الكلام العادي  وفي معطيات الحياة عموما وبذلك يكون العرب الأوائل كلهم شعراء بمفهوم المخالفة للمشهد الراهن فالشعر كان لغة تواصل راقي بين أبناء المجتمع العربي بلسان بيانه الفصيح  لذا وجب التفريق بين الشعرية كحالة ابداعية بالمعطى المنجز لقيمة وبين حضور هذه الثقافة بين أبناء العربية كثقافة اجتماعية وفي وقتنا الراهن ونحن ننتمي الى هذه الثقافة فأي متقن لبحور الشعر يستطيع أن يخاطبك بلغته فهل نقول أنه شاعر وكل عربي متقن لبديع عربيته يستطيع ان يخاطبك بلغة أدبية فهل نقول أنه أديب .. إن مناط الإشكالية ليست فقط بمن يقدم نفسه شعريا انما بمن يعزز هذه الحالة بالتوهيم والإيهام وإن كانت الأغلبية تتجاذبها القيمة العليا للأثر الخالد حضاريا للغة الشعرية فهذا لا يعني أن الأجناس الأدبية الأخرى أقل أهمية انما عدم وجود موهبة حقيقية ترجؤ البعض أو الأغلبية كما جاء سؤالك الى تقديم أنفسهم تحت مسمى الشعرية ..