“في وضح الردى أراقص الجبال”.. مجموعة شعرية لهادي دانيال تتخطى المألوف

“في وضح الردى أراقص الجبال”.. مجموعة شعرية لهادي دانيال تتخطى المألوف

شاعرات وشعراء

الأحد، ٢ نوفمبر ٢٠١٤

تحت عنوان “في وضح الردى أراقص الجبال” جاءت المجموعة الشعرية بقلم هادي دانيال لتتخطى المألوف ولتبلغ مستوى الشعر بعد أن جمعت في تعبيرها رؤى شعرية مجنحة تحمل الصورة والعاطفة وتمتلك القدرة والأسلوب.

وتمكن الشاعر دانيال في مجموعته الجديدة من تطويع الموسيقا لتتآلف مع الألفاظ ولتعمل على موضوع شعري متوازن ومتكامل البنية يتحرك بحبكته إلى نتيجة يذهب بها الشاعر إلى فكرته المنشودة.

ويحمل الشاعر في مواضيعه قصص الوطن وتداعيات المجتمع والألم الذي يعيشه الإنسان بشكل رمزي يطمح من خلاله لاختراق السائد حتى ينجز القصيدة المبتكرة التي لا تشبه ما قبلها .. كما جاء في قصيدته “جسد تائه في الهواء” التي يقول فيها..

من لي بامرأة كالنهر

بها تنحل فراشات ونسائم

يتقذف من الذروة شهبا من نور .. يحف بنحل ينتقل بين نبات الورد

يشف كبلور الكأس عن الصهباء.

وتحتوي مجموعة دانيال شيئاً من الرثاء الذي خص به أمه حيث اختلف النص بشكل جذري عن الرثاء المألوف وجاء بدلالة عميقة تخاطب الإنسان بما تتركه الأم عند ولدها الذي خلفته يتيماً بين أنياب الألم وغربة الشوق فيقول في قصيدته “حمامة الرخام”..

ها قد تجرأت علي أخيراً أيها الحق .. وبرشقة من نبالك الخفية جندلتني طفلاً يتيماً في عامه السادس والخمسين .. كن رفيقاً بخضرة الزيتون في عينيها .

وتظهر الروح الوطنية جامحة في المجموعة فتتحدى غربة الشاعر وتنثر العبير على جذوات الحنين وتحاول أن تشكو الأسى على المسافات البعيدة بعد أن سطت الغربة على نفس الشاعر فليس بمقدوره إلا أن يتألم ويرسل بحمائم الحب لتعود له بشيء من الأهل أو بخبر عن الربوع فتأتي القصيدة عبر تلك المكونات لتعكس
ما يفعله الوطن بأبنائه الغرباء فيقول في قصيدته “أصغي إلى صدى خطايا في الشوارع البعيدة”..

ها أنا ذا أجلس في المقهى الجزائري .. أرسل الحمائم صوب بلدي أرشف قهوتي وأنفخ الهموم في نرجيلتي .. كي لا يضيع وقتنا سدى.

ويكره الشاعر أن يموت في بلاد الغربة مهما كانت تلك البلاد قريبة من قلبه ومهما كان سعيداً في العيش على ربوعها لأنه يعتبر أن الجسد يجب أن يدفن في تراب الوطن حيث يحفظ كرامة الإنسان حيا كان أم ميتا فيطلب من الموت أن يوءجل موعده حتى يعود إلى الوطن ويقول في قصيدته “إن كنت نبيلا يا موت”..

وحدي .. وحدي .. إني في تونس يا موت .. تونس موحشة وأنا وحدي خذ جيشك عني .. حتى زوجك من أفردت سرائرها بنوافذ حبري .. كي لا تذبل يائسة بين ذراعيك.

وتتجلى دمشق في نصوص المجموعة لتكون في بنية شعره نسيجاً زمنياً يستمر إلى المستقبل لما تشكل هذه المدينة عنده من حالة وطنية يرى من خلالها سورية بجمالها وحضورها التاريخي فتغلب العاطفة على كل المكونات فيقول في قصيدة “دمشقنا” التي اعتبرها رمز النصر وخذلان المتآمرين ..

وبابتسامة مشرقة تنهض هذه المدينة الملكة .. نافضة عن ثوبها الكاكي .. ما ألحقه كابوس طائر من غابر العصور .. وعندما ينبلج الصباح من خوذات جيشنا .. ينكسر التتار عن عتباته.

ويخرج الشاعر في كثير من مواطن نصوصه عن الموسيقا الشعرية محاولا أن يعوض بالتعبير الأكثر دلالة إلا أن النص المموسق ينبغي أن يحافظ على وحدته الموسيقية حتى تبقى ذائقة المتلقي متابعة لحركة القصيدة .

يذكر أن الكتاب من منشورات دار بيرق يقع في 212 صفحة من القطع المتوسط .