الاستعانة بتقنية الفيديو وإقرار زيادة منتخبات المونديال ليست نهاية المطاف … كرة القدم على حافة تغييرات جنونية قادمة

الاستعانة بتقنية الفيديو وإقرار زيادة منتخبات المونديال ليست نهاية المطاف … كرة القدم على حافة تغييرات جنونية قادمة

الأخبار الرياضيــة

الثلاثاء، ١٨ يوليو ٢٠١٧

خالد عرنوس

في هذا الوقت من كل عام تتوقف نشاطات كرة القدم الرسمية إلا من بعض البطولات هنا وهناك وبعض التصفيات القارية على مستوى الأندية في ظل عودتها أولاً بأول إلى معسكرات الإعداد من أجل الموسم التالي عقب ما قضى معظم اللاعبين إجازاتهم الموسمية ولأن النشاطات شبه غائبة فإننا نقلب في أوراقنا القديمة خاصة أن معظم النشاط هذه الأيام يقتصر على ثرثرة سوق الانتقالات وجعجعتها، ولأننا عشنا تجربة الاستعانة بتقنية الإعادة بالفيديو في بطولة كأس القارات وسط جدل حول نتائجها على واقع اللعبة، ووسط تقارير كثيرة عن تغييرات كثيرة قادمة سيكون لها صدىً واسع بل واقع جديد على المدورة التي خلبت ألباب عشاقها من خلالها بساطتها وسلاستها، فنفرد اليوم هذه المساحة للحديث عن هذه المقترحات التي ستناقش في الربيع القادم من خلال اجتماعات البورد.

حكاية كل جديد
هذه التغييرات أثارت وستثير الكثير من الجدل من أقصى اليمين إلى أقصى الجهة الأخرى، فمن جهة أثنى أصحاب الشأن في الاتحاد الدولي على التجربة التي أقرت بالفعل (هي الاستعانة بالإعادة التلفزيونية) من كل النواحي، فلم يبق مسؤول في المنظمة الدولية إلا وأدلى بدلوه إيجابياً حول التعديلات الجديدة على اعتبار أنها جاءت ببعض الحلول لعدد من مشاكل اللعبة وبشكل تقني بعيد عن اللبس والأهواء، وبالفعل فقد أصلحت هذه التقنية من بعض الأخطاء وإن لم يكن كلها بالطبع، وأسكتت بعض الأصوات المطالبة بتحكيم أكثر عدالة في لعبة اعتمدت طوال تاريخها على بساطتها حتى اعتبرت الأخطاء التحكيمية فيها من صلبها وإحدى حسناتها (السيئة).
بعض المتخصصين في اللعبة من مدربين ولاعبين أعجبته تقنية الاستعانة بالفيديو على الرغم من أنها ستحتم إيقاف اللعب حسب الحالات لأوقات طويلة، حتى إن يواكيم لوف مدرب منتخب ألمانيا أبدى إعجابه بالتجربة على أرض الواقع ومعيباً كما معظم المعترضين على التوقيت الطويل في بعض الأحيان لاتخاذ القرار الصحيح، لكنه قال: إنها تجربة تستحق التمهل ولاسيما أنها جديدة والجماهير لم تتعود عليها.

واقع قائم
وعلى الرغم من انتقادنا لبعض الحالات التي لا يمكن التراجع فيها وتعطيل المباراة لأوقات متفاوتة، ما يضفي بعض الملل على المباريات إلا أنه باعتقادنا أن الأمر لم يعد قابلاً للتراجع، وسنشاهد هذه التقنية في مونديال روسيا 2018 وربما رأيناها في معظم البطولات المحلية الكبرى في دول أوروبا وكأن هذه التعديلات وغيرها جاءت على قياس أغنياء كرة القدم كما هي العادة.
التعديلات التي اعتبرت ثورة في عالم اللعبة لم تكن على صعيد المضمون فقط فهاهو اتحاد (إينفانتينو) يقر زيادة عدد منتخبات المونديال إلى 48 منتخباً على أن تقام النهائيات على مرحلتين لكن مع وعود من الفيفا بأن مدة البطولة ستبقى لشهر كامل وعدد الملاعب ذاتها إلا أن هذه الزيادة سترفع عدد المباريات من 64 إلى 80 مباراة ما يعني مردوداً أكبر على صعيد الواردات المالية، هذا من جهة ومن جهة أخرى فسيتم إرضاء عدد أكبر من المنتخبات الـ211 المنضوية تحت راية المنظمة الدولية، وهو ما اعتبره الاتحاد الأوروبي أن القرار يخدم السياسة لا كرة القدم، وبالطبع فإن الأمر لم يرق لليويفا وأنديته الثرية التي تعد الممول الأكبر للعبة وخاصة أنها تضخ المليارات سنوياً مقابل شراء وبيع اللاعبين ولطالما اعترضت على الروزنامة الدولية، وللعلم فإن زيادة عدد المنتخبات في نهائيات كأس العالم سيبدأ من عام 2026.
ظهر البعير

بالتأكيد فإنها ليست القشة التي ستقصم ظهر كرة القدم في العالم، فكل هذه التعديلات في الشكل والمضمون لن تكون إلا بغرض بعض العمليات التجميلية على كرة القدم في عصر التكنولوجيا والشراكة التلفزيونية وزمن مواقع التواصل الاجتماعي، فالقادم أعظم ويدخل في صلب التغيير الحقيقي للعبة عاشت أكثر من قرن ونصف القرن تحت شعارات خلابة كاللعبة الشعبية الأولى ولعبة البسطاء، حتى إن البعض يعتبرها ديناً جديداً!، لمَ لا وبعض نجومها أضحوا قديسين.
بعد هذه المقدمة سندخل في صلب الموضوع، فالفيفا يخطط لثورة تعديلات على مضمون اللعبة وأولها إن لمس حارس المرمى للكرة المعادة من زميل بيده أو يديه يستوجب عقوبة ركلة جزاء بدلاً من الركلة داخل منطقة الجزاء، وفي حال منع المدافع الكرة من دخول المرمى ستحتسب الحالة هدفاً مباشرة من دون انتظار احتساب ركلة جزاء، وحتى الآن يبدو الأمر طبيعياً وربما هذا التعديل هو الأكثر منطقية.
وفي حالة احتساب ركلة حرة فليس من الضروري تثبيت الكرة على الأرض ويحق للاعب لعبها من الحركة مباشرة وهذا الأمر الغاية منه تسريع اللعبة، وأيضاً هناك مقترح ينص على السماح للاعب بلمس الكرة أكثر من مرة عند الركلات الثابتة والركلات الركنية وربما رمية التماس بحيث ينفذ اللاعب الرمية لنفسه.

مربط الفرس
التعديل الأهم يتعلق بأمرين وهو اقتصار المباراة على 60 دقيقة بدلاً من 90 ومحاولة إلغاء الأوقات الإضافية في حال التعادل ذلك أن التوقيت سيكون أتوماتيكياً من خلال إيقاف الساعة عند خروج الكرة خارج المستطيل أو توقف اللعب لأي سبب من الأسباب على غرار لعبة كرة السلة، بحيث يكون الوقت الملعوب ساعة كاملة، ومرد ذلك أن معدلات اللعب الفعلي لا تتجاوز هذا الزمن في أفضل المباريات وأرفعها على الصعيد الفني.
وربما حينها سيتم تقسيم أشواط المباراة إلى ثلاثة أو أربعة أشواط كما في كرة السلة وهنا بيت القصيد حيث الفكرة الأميركية القديمة المتجددة التي حاول بعض رجال المال المتطفلين على لعبة كرة القدم الترويج لها قبل قرابة عقدين لكنها لم تلق أذاناً مصغية وخاصة أيام الرئيس السابق للفيفا جوزيف بلاتر.

فتش عن المال
في عالم الجريمة هناك مقولة شهيرة فحواها (فتش عن المرأة) تقابلها في عالم كرة القدم (فتش عن المال)، فمنذ زمن غير بعيد تقدمت جهات عديدة مدفوعة من أباطرة الإعلام والإعلان باقتراح لتقسيم مباراة كرة القدم إلى ثلاثة أشوط بغية الاستفادة من أكبر زمن ممكن من الإعلانات التجارية خلال المباريات إرضاء لجشع المحطات التلفزيونية التي تدفع الملايين (بل أصبحت مليارات) مقابل شراء الحقوق الحصرية لبعض البطولات العالمية والقارية، ولذلك لا تجد غضاضة في إعادة تفصيل قوانين اللعبة على قياسها ما دام المشاهد يدفع لمشاهدة فنون كرة اللعبة الشعبية الأولى والمعلن جاهز لضخ ملايين الدولارات من أجل الترويج لبضاعته.
إذاً هو المال أولاً وأخيراً، وما دامت رؤوس الأموال التي تتحكم بميزان كرة القدم فكل شيء جائز في هذا الزمان، وللحق فإن أحداً لم يكن يجرؤ على طرح مثل هذه الأفكار أيام (الفاسد) جوزيف بلاتر، وفي أيام شفافية إينفانتينو يطرح مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم مثل هذه الأفكار التي ستضرب اللعبة في صميمها.

آجلاً أم عاجلاً
التغييرات قادمة على قوانين كرة القدم آجلاً أم عاجلاً وربما تتبدل معالم اللعبة برمتها وقد تكون التعديلات طفيفة لا تمس المواد العشر الأساسية التي صيغت في جامعة كامبريدج قبل أكثر من 170 عاماً، لن ننتظر طويلاً حتى نشهد بوادر التغيير فموعد الاجتماعات التي ستناقش هذه الورقة في آذار (مارس) القادم، والطريف أن هذه الورقة جاءت تحت عنوان (اللعب النظيف)؟!.