صعوبة الحياة… في ظلّ غوارديولا

صعوبة الحياة… في ظلّ غوارديولا

الأخبار الرياضيــة

الاثنين، ١٩ فبراير ٢٠١٨

عندما وصل إلى «أولد ترافورد» صيف العام 2016، اعتبر المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو نفسه «ذي هابي ون» (أي السعيد) بعد أن حقق الحلم الذي لطالما دغدغ مخيلته وتمثّل في تدريب فريق مانشستر يونايتد الإنكليزي لكرة القدم.
لكن يبدو بأن المزاج قد اختلف تماماً، اليوم، خصوصاً أن صورة مورينيو تحوّلت إلى مدرب سريع الغضب، شارد الذهن، متسرِّع في الإدلاء بردود قاسية على الانتقادات، بينها تلك الصادرة عن اللاعب السابق لـ «الشياطين الحمر» بول سكولز، أو في صبّ الزيت على النار المشتعلة أصلاً بينه وبين مدرب تشلسي اللندني، الإيطالي أنتونيو كونتي.

ما السر في ذلك؟
تبدو الإجابة في المتناول. فقد أثبتت الوقائع منذ انطلاق الموسم بأن ثمة من تجاوز مورينيو وفكره وعبقريته، وبأسلوب حظي بإعجاب كل متابع للكرة العالمية: مانشستر سيتي بقيادة المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا.
لقد بات مسلماً به بأن هالة «بيب» هي المهيمنة على أجواء الكرة الإنكليزية، وأن مورينيو هو ذاك الرجل المغتاظ في الظل.
لا شك في أن اللحظة التي عكست هذا الواقع تتمثل في تصريح أدلى به «مو» وجاء فيه أن «الـ 300 مليون جنيه إسترليني (338.292 مليون يورو) التي صرفتُها في سوق الانتقالات لم تكن كافية لمنافسة مانشستر سيتي».
كان ذلك مضحكاً، وهدفاً لسخرية واسعة، كما أنه لم يرُقْ للقيّمين على مانشستر يونايتد أنفسهم.
صحيح أن «يونايتد» صرف أموالاً أقل مقارنة بـ «سيتي» لكن الفارق لم يكن كبيراً بين القطبين على هذا الصعيد. الفارق الحقيقي تمثل في الكيفية التي جرى فيها استثمار تلك الأموال.
فقد سبق لمورينيو أن حطم الرقم القياسي على صعيد الانتقالات عندما ضم بول بوغبا من يوفنتوس الإيطالي مقابل 105 ملايين يورو قبل أن يدفع حوالي 85 مليوناً للحصول على خدمات البلجيكي روميلو لوكاكاو من إيفرتون الإنكليزي.
في المقابل «تسوّق» غوارديولا بذكاء وحصل على أسماء يافعة ومواهب لم تحصل على فرصة لفرض نفسها مثل البرازيلي غابريال جيزوس، الألماني ليروي ساني وجون ستونز.
لقد خاطر «بيب» عندما نحا هذا المنحنى في سوق الانتقالات، بيد أن نجاح هذه العناصر أثبت بأن المسألة لم تنحصر في كونها مجرد صفقات بل جاءت من باب فلسفي يفتح الصراع بين ما هو براغماتي وما هو مثالي.
ولا شك في أن الواقع الذي يرمز إلى هذا الاختلاف يتمثل في التعادل السلبي الذي عاد به مانشستر يونايتد من ليفربول مطلع الموسم، إذ لم يكن هناك أي مؤشر على أن الفريق الضيف يميل إلى المخاطرة التي تؤدي، بطبيعة الحال، إلى فرض نوع من الإثارة على أسلوبه وهو ما تألق فيه مانشستر سيتي بشكل خاص واستحوذ بفضله على إعجاب المتابعين.
بعد المباراة أمام ليفربول، قال مورينيو: «هناك الترفيه الذي يقدَّم للمشجعين، وهناك مباراة قوية تقدَّم للناس الذين يقرأون كرة القدم بصورة مختلفة. بالنسبة لي، كان الشوط الثاني عبارة عن مباراة شطرنج لكن الخصم لم يفتح لي الباب لأفوز».
هذا هو مورينيو الذي اعتاد أن يستحضر العذر على عدم الفوز ويركز فيه على التكتيك المتبع من الخصم، ويكاد لا يقرّ بتاتاً بالأداء العقيم الذي يقدمه لاعبوه.
كانت ردة الفعل الذهنية للمدرب البرتغالي ناجحة جداً في مسيرته، وعندما يصيب فيها فإنه يستحق استحسان الجميع.
غير أنها تسبب له، اليوم، الكثير من المشاكل لأن مانشستر يونايتد يبدو هزيلاً خلف مانشستر سيتي على مستوى ترتيب الدوري والفارق النقطي بينهما، وخصوصاً لجهة الأداء الذي لا يقارن بين القطبين.
عندما اتصل القيّمون على «يونايتد» بمورينيو طالبين منه تولي دفة قيادة الفريق، أكد لهم بأنه الرجل المناسب لدخول صراع جدي مع غوارديولا الذي كان لتوه قد وصل إلى «سيتي».
الثنائي عاش صراعاً كبيراً عندما تواجد مورينيو على رأس الإدارة الفنية لريال مدريد وغوارديولا على رأس الإدارة الفنية لبرشلونة. في تلك الحقبة، توج البرتغالي بلقب الدوري المحلي في موسمه الثاني مع «الملكي».
الموسم الراهن هو الثاني للرجلين في مدينة مانشستر، وحتى اللحظة لم يظهر ذاك الصراع المنتظر بينهما، لذا عاد مورينيو لينتهج أسلوباً معروفاً عنه: البحث عن أعداء لمهاجمتهم وتحويل الأنظار إلى ذلك.
كان سكولز هدفاً «أحمق» بالنسبة إلى مورينيو خصوصاً أنه واحد من الرموز التي يعتز بها مانشستر يونايتد ورجل معروف عنه الأمانة والصدق، وعندما يدلي بتعليقات كمحلل على شاشات التلفزة، فبإمكان المشاهد أن يكون واثقاً من كلامه النزيه، وتحديداً انتقاده لبوغبا عقب إحدى المباريات.
وهنا ردّ مورينيو كاشفاً عن عدد الألقاب التي حققها كمدرب، ومشيراً إلى أن سكولز سيكون مدرباً ناجحاً في حال توج بربع هذه الألقاب.
كانت مجرد فورة تافهة تعكس انعداماً كبيراً على مستوى الثقة بالنفس.
سبق لغوارديولا أن قال يوماً بأن مورينيو «قائد غرفة المؤتمرات الصحافية»، ولكن بعد هجومه اللفظي على كونتي، رد الأخير متسائلاً عما إذا كان مدرب ماشستر يونايتد يعاني من «خرف الشيخوخة».
توهَّج مورينيو في الموسم الماضي بثلاثية الدرع الخيرية، كأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة وكأس «يوروبا ليغ» فضلاً عن التأهل إلى دوري أبطال أوروبا بيد أن ما هو مطلوب منه يتعدى ذلك بكثير.
وفي ظل استسلامه أمام غوارديولا على جبهة الدوري المحلي التي تعتبر الهدف المركزي بالنسبة إلى ملاك «يونايتد»، واستمراره في معمعة الصراع على كأس إنكلترا ودوري أبطال أوروبا، فإنه يبقى مرشحاً لإضافة أهداف جديدة إلى قائمة الشخصيات التي يهاجم بهدف ترقيع عجزه، في وقت يستمر فيه «بيب» بإبهار الجميع بفلسفته الجريئة وقدرته على الاستمرار محارباً على الجبهات الأربع.
***

هذا هو مورينيو الذي اعتاد استحضار العذر على عدم الفوز والتركيز فيه على التكتيك المتبع من الخصم