ثورة مدريد تحاصر برشلونة

ثورة مدريد تحاصر برشلونة

الأخبار الرياضيــة

الجمعة، ١٨ أغسطس ٢٠١٧

ينطلق الموسم الجديد من الدوري الإسباني لكرة القدم اليوم، وسط توقعات بأن تنحصر المنافسة على اللقب بين الغريمين ريال مدريد وبرشلونة. لكن السؤال هو عن مدى قدرة الكاتالوني على الصمود في هذا السباق إزاء أوضاعه الحالية التي انفضحت في «كلاسيكو» كأس السوبر المحلية

حسن زين الدين
 

لا يُنتظر أن يختلف مشهد الموسم الجديد من الدوري الإسباني لكرة القدم الذي ينطلق اليوم عن سابقه عندما انحصرت المنافسة بين الغريمين ريال مدريد وبرشلونة حتى الأمتار الأخيرة قبل أن يحسم الأول النزاع ويحرز اللقب.

إذ رغم أن أتلتيكو مدريد حافظ على تشكيلته بعد عدول نجومه الأساسيين، وفي مقدمهم الفرنسي أنطوان غريزمان والمدرب الأرجنتيني دييغو سيميوني عن الرحيل بعد تلقي الفريق عقوبة من الاتحاد الدولي لكرة القدم بحرمانه التعاقدات، وعدم قيام إشبيلية وفياريال بتعاقدات نوعية، خصوصاً أن النادي الأندلسي تحديداً خسر مدربه الأرجنتيني خورخي سامباولي الذي كان قد بدأ في الموسم الماضي وضع الأسس للنهوض بالفريق وإقحامه في المنافسة، واكتفى بتعاقدات من الصف الثاني، متمثلة بنوليتو وخيسوس نافاس والأرجنتيني إيفر بانيغا، كذلك اكتفى فياريال أيضاً باستعارة الكولومبي كارلوس باكا من ميلان الإيطالي، إلا أنه لا يُنتظر من هذه الفرق الثلاثة - وتحديداً إشبيلية وفياريال - تحقيق المفاجأة، بل أن تكتفي بالتنافس على التأهل إلى دوري أبطال أوروبا، وأن تكون مزعجة لقطبي الكرة الإسبانية فحسب.
غير أن هذا لا يمنع من أن المنافسة بين الريال و«البرسا» قد لا تكون على شاكلة الموسم الماضي، وذلك لأسباب كثيرة يكفي التوقف عند مواجهَتي كأس السوبر المحلية الأخيرة لرسم صورتها.
فببساطة، بدا الفارق كبيراً بين الغريمين لمصلحة الملكي، وهذا لا تدل عليه نتيجة المباراتين 5-1 فقط، بل من خلال الأداء. إذ إن الريال اكتسح خصمه تماماً على أرض الملعب في صورة غير مألوفة في السنوات الأخيرة، حيث بدا الكاتالوني عاجزاً عن مجاراة غريمه طوال 180 دقيقة، وهذا ما يتيح الخروج من السوبر بعناوين عديدة ترتبط بالفريقين واستعدادهما للموسم الجديد.


فمن جهة ريال مدريد، يبدو واضحاً أن الفريق وصل إلى الذروة من خلال الانسجام والتجانس التام بين لاعبيه والثقة العالية التي يتمتعون بها، ومردّها طبعاً توالي الانتصارات، وتحديداً اللقبين الأوروبيين الكبيرين في العامين الأخيرين. هذه النقطة تحيلنا على سوق الانتقالات الضعيف للملكي هذا الصيف، إذ لم يقم بتعاقدات رنانة كما كانت تجري العادة سابقاً، فاكتفى بضم داني سيبايوس والفرنسي ثيو هرنانديز، وهذا طبيعي نظراً إلى وجود «فائض في المخزون» عبر بدلاء على مقعد الاحتياط يعادلون الأساسيين قوة، بل حتى يتفوّق «البديل» على «الأصيل» في بعض الأحيان، وهذه كانت نقطة قوة الريال في الموسم الماضي وما بدا واضحاً في السوبر. إذ رغم غياب النجوم: البرتغالي كريستيانو رونالدو والويلزي غاريث بايل والبرازيلي كاسيميرو وإيسكو (عن الإياب) والكرواتي لوكا مودريتش (عن الذهاب)، فإن قوة الفريق لم تتأثر، بل إن الاحتياطيين ماركو أسينسيو ولوكاس فاسكيز والكرواتي ماركو كوفاسيتش ملأوا الفراغ تماماً، وحتى قدّموا فواصل استعراضية تنمّ عن ثقة عالية وفعالية يكفي اختصارها بالهدفين الرائعين من تسديدتين صاروخيتين مشابهتين لأسينسيو ذهاباً وإياباً لا تَخرجان إلا من قدم لاعب كبير.
الاستقرار. هذه هي الكلمة التي توصّف حال الريال في هذه المرحلة، وهذا ما لم يكن ليتحقق طبعاً، وأكيداً، لولا وجود رجل اسمه زين الدين زيدان يدير الأمور في البيت الملكي ويرتبط بعلاقة متينة ومميزة مع اللاعبين والإدارة، وأثبت أنه على قدر المسؤولية بتحقيقه الألقاب التي وصل عددها إلى 7 في ظرف عام ونصف، مع رقم مذهل يتمثّل بقيادته الريال إلى 68 فوزاً مقابل 15 تعادلاً و7 خسارات فقط في 90 مباراة.
المشهد في هذا الوقت يبدو معاكساً تماماً في برشلونة. الفريق يعاني من غياب الاستقرار وتراجع الثقة. المسألة لا تتوقف على ما بدا واضحاً من النتيجة والأداء في «كلاسيكو» السوبر، بل يمكن القول إن تباشير ذلك تعود إلى الموسم الماضي عندما سحب يوفنتوس الإيطالي البساط من تحت قدميه في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، حيث ظهر بموقف العاجز والمستسلم أمامه رغم «الريمونتادا» الشهيرة أمام باريس سان جيرمان الفرنسي، ومن ثم تلقّى الضربة الثانية بخسارة لقب «الليغا» لمصلحة الريال.
وبطبيعة الحال، فإن الأمور زادت سوءاً هذا الصيف مع الزلزال العنيف الذي ضرب كاتالونيا برحيل النجم البرازيلي نيمار الذي بدا تأثيره واضحاً في مواجهتي السوبر، وهذا ما أحدث ارتباكاً وخللاً في توازن الفريق.
لكن هذا ليس كل شيء، إذ من الواضح أن ثمة تراكماً لأخطاء إدارية على صعيد تعاقدات الفريق أوصلت إلى ما هو عليه الحال الآن، خصوصاً أن «البرسا» دخل منذ نحو عامين في مرحلة تجديد مع بدء ترهُّل صفوفه.
هل برشلونة في أزمة؟ لا يمكن قول ذلك طبعاً، بانتظار ما يُحكى عن قدوم البرازيلي فيليبي كوتينيو من ليفربول الإنكليزي والفرنسي عثمان ديمبيلي من بوروسيا دورتموند الألماني، أو أحدهما على الأقل، إذ من المتوقع في حال حدوث ذلك أن تحصل انتعاشة مطلوبة في هذا الوقت في الفريق، إذ إن «البرسا» بحاجة لدفعة معنوية، فضلاً عن الإضافة الفنية التي بإمكان الاثنين تقديمها بجانب وجود الوافد الجديد البرازيلي الآخر باولينيو في منتصف الملعب.
وبالحديث عن هذا الأمر، فإن دوراً محورياً من المفروض أن يلعبه المدرب الجديد إرنستو فالفيردي للنهوض بالفريق، إذ لا يمكن، بطبيعة الحال، إطلاق الأحكام عليه من «كلاسيكو» السوبر في ظل هذه الظروف.
أمام هذا المشهد، تبدو كفة الميزان في مصلحة الريال. لكن التجارب تؤكد أن غفوة برشلونة لا تطول، وهذا ما يراهن عليه مشجعوه.