بعد الخروج المشرف لمنتخبنا من تصفيات مونديال روسيا 2018 … اتركوا النسور تحلق عالياً فالسماء ما زالت تنتظرها

بعد الخروج المشرف لمنتخبنا من تصفيات مونديال روسيا 2018 … اتركوا النسور تحلق عالياً فالسماء ما زالت تنتظرها

الأخبار الرياضيــة

الأحد، ٢٢ أكتوبر ٢٠١٧

بقلم: أيمـن جـاده

عندما أتحدث عن منتخب سورية الوطني لكرة القدم فإنني أتحدث عن شيء يخصني، عن كيان يمثلني، عن ألوان تفرحني، وعن أشخاص أتابعهم منذ عشرات السنين، تغيرت أسماؤهم، ووجوههم، لكن قلوبهم وعزيمتهم وطموحاتهم لم تتغير بالطبع، لأنها تنتمي إلى المكان العزيز والعريق نفسه الذي يسكن قلبي، ويشغل عقلي، ويملأ نفسي.
إذاً فأنا لا أتحدث بهدف كسب شعبية أو تسجيل نقاط، ولا مصلحة لي بالتماس غير الصدق في هذا الشأن، وهو شأن جدي جداً بالفعل، وليس متعلقاً بـ«مجرد لعبة».. وكل واحد منكم يعرف كم أنه جدي، لأن كل ما جرى في السنوات العجاف التي أتمنى أنها انقضت أو كادت، لم يجمع قلوب السوريين ويلهب مشاعرهم كما فعل هدف لامس شباك إيران أو أستراليا، إنها كرة القدم الساحرة التي ترسم بالأقدام أمجاداً تبقى راسخة على مر الأزمان، ومن يشك في ذلك أحله إلى التاريخ الكروي الذي جعل من ماسح أحذية، أو مدمن، أو متسول (مع الاحترام للجميع).. أساطير خالدة تلهج بذكر أسمائها أجيال وراء أجيال وتعقد بينها المقارنات لا بسبب اختراع علمي، أو اكتشاف طبي نادر، بل بسبب هدف أو لمحة تمتع الناظر.
على أي حال، لماذا اخترت أن أتكلم الآن وقد مضت أيام على مباراة الخروج المشرف أمام أستراليا من أبعد ما وصل إليه المنتخب في محاولة التأهل، إنما أفعل ذلك الآن لكي تكون النفوس قد هدأت، والأعصاب قد بردت، والأفكار انتظمت..
فما أريد قوله ينتمي إلى المستقبل لا إلى الماضي، وإلى الأفراح لا إلى الجراح.. ولأن الموضوع يخص الوطن وجزءاً عزيزاً من الوطن.. حرصت أن يكون النشر عبر منبر صحيفة «الوطن» الغراء وخصوصاً أن لي معها ذكرى طيبة عبر حوار شفاف عام 2010 ولي فيها زملاء أعزاء..
لن أتحدث عن أسباب الخروج، ولا عن «ترتيبات» هذا الخروج، وإنما عن المكاسب التي تحققت والمزايا التي تراكمت، والفوائد التي يمكن أن نجنيها إن عرفنا كيف نبني على ما تحقق، والعثرات أين كانت، وكيف يمكن أن نتجنبها وأن نستفيد منها في المستقبل.

بين الأمل والعمل

قبل انطلاق التصفيات الآسيوية النهائية أشفق الكثيرون على المنتخب السوري من مجموعة تضم إيران العريقة (تصنيفها العالمي كان 37) وكوريا الجنوبية (تصنيفها 47) وهي رابعة العالم ٢٠٠٢ وأكثر الآسيويين تأهلاً للمونديال، وأوزبكستان الطموحة (تصنيفها 49) وقطر المتطورة بطلة الخليج (تصنيفها 85) والصين العملاقة (تصنيفها 78) التي باتت من أكثر دول العالم إنفاقاً على كرة القدم، وعلى احترافها واستقطاب نجومها على صعيد اللعب كما التدريب، في حين سورية تعاني الظروف التي يعرفها الجميع وتلعب كل مبارياتها خارج أرضها، وهي لم يسبق لها أن بلغت مرحلة متقدمة في تصفيات كأس العالم إلا مرة قبل ثلاثين عاماً، ناهيكم عن التأهل إلى النهائيات، أو مجرد الاقتراب منها وكان المنتخب السوري في التصنيف العالمي للفيفا في المركز 114 (بعدما كان تصنيفه قبل عامين من بدء التصفيات 152)، أي إنه كان أقل فرق مجموعته بوضوح، وكان الأمل على لسان مسؤول رياضي ينحصر في مطالبة المنتخب ومدربه قبيل انطلاق رحلة التصفيات النهائية بمحاولة الصمود وعدم التعرض لخسائر قاسية حفاظاً على سمعة الكرة السورية، وكان المتفائل من الجمهور يتابع منتخب بلده على أمل تحقيق بعض النتائج الإيجابية كمنفذ إلى الفرح، لكن أحداً لم يتوقع أو ينتظر كل هذا الفرح الذي حملته أجنحة النسور ووصلت إليه، كما أن أحداً من أكثر المتفائلين لم يتوقع لهذا المنتخب أن يفعل ما فعل أو أن يصل حيث وصل، أمام منتخبات أفضل تحضيراً وأكثر إمكانيات وأعلى تصنيفاً، فماذا حقق العمل؟ العمل الذي تم بصمت وهدوء، من دون ضجة أو تصريحات، ومن دون تبجح أو مفاخرة.. العمل الذي ذهب أبعد من الأمل وكانت النتيجة الفوز على الصين في عقر دارها بهدف، ثم التعادل معها في «ملعبنا» المحايد 2/2 وتبادل الفوز مع أوزبكستان بهدف واحد، والتعادل السلبي مع كوريا والخسارة بهدف، والفوز على قطر 3/1 بعد الخسارة بهدف والتعادل مع إيران سلبياً و2/2 والتعادل مع أستراليا 1/1 ثم الخسارة 1/2 بعد وقت إضافي، أي بعد انتهاء المباراة الثانية بنتيجة الذهاب نفسها، وأن تتعادل مرتين خارج ملعبك وخلال خمسة أيام مع حامل كأس آسيا والمتأهل إلى كأس العالم أربع مرات والذي عاد لتوه من كأس القارات بعد البلاء الحسن فيها، وفريقك منقوص ومنهك، وكل الظروف تقف ضده فهذا لم يتحقق مصادفة، أو بضربة حظ وإنما يعني أن عملاً كبيراً قد تم في هذا المنتخب حتى بات بالفعل من بين كبار القارة.
لقد قبل الفريق في شباكه في التصفيات الأولى التي لم تضم من الأقوياء غير اليابان 11هدفاً في 8 مباريات، وقبل 11 هدفاً أيضاً في التصفيات النهائية والملحق ولكن أمام مجموعة من أقوى منتخبات القارة وخلال 12 مباراة وسجل عليها 11 هدفاً أيضاً، بحيث أصبح الفريق قادراً على مقارعة أقوى منتخبات آسيا ومنها من فاز بكأس القارة ومنها من تأهل لكأس العالم مراراً وتكراراً، مقارعة الند للند، وهو لم يخسر أي مباراة في التصفيات النهائية بفارق يزيد على هدف وحيد، بعدما كان قد خسر بالثلاثة والخمسة في التصفيات التمهيدية أمام اليابان!

التطور والمثابرة
بين التصفيات التمهيدية والتصفيات النهائية حدث تطور ملحوظ وفي أكثر من ناحية، بفضل العمل الجدي والعزيمة والإصرار والمثابرة، فقد تطور الانضباط الدفاعي للفريق ما ساعد المنتخب على ألا يتقبل في شباكه أكثر من هدفين في المباراة ثلاث مرات، وهدف وحيد تكرر في خمس مناسبات، وحافظ على نظافة شباكه في أربع مناسبات، والحصانة الدفاعية هي المفتاح الأول للنجاح في المنافسات الدولية والمستويات العليا، والحديث عن التحسن الدفاعي يشمل بالتأكيد التألق في حراسة المرمى.
كما تطور أداء خط الوسط في المهام الثلاث.. مساعدة الدفاع، والربط بين الخطوط، والإسناد الهجومي.
كما تحسنت روح الفريق بشكل ملحوظ، وتطورت شخصيته لتصبح أقوى من قبل وأكثر ثقة واستقراراً، وفي الثلث الأخير من التصفيات النهائية جاء تعزيز صفوف المقدمة بالدفعة الأخيرة من النجوم المحترفين الذين انضموا للمنتخب، فكان تحسن الأداء الهجومي بدرجة ملحوظة حيث سجل الفريق 7 أهداف في آخر 4 مباريات مقابل 4 أهداف في أول ثماني مباريات.
وإلى جانب ذلك كانت هناك ملاحظات إيجابية أخرى مثل المحبة الواضحة بين جميع عناصر المنتخب، حيث تشعر أنهم جميعاً على قلب رجل واحد من اللاعبين الأساسيين إلى البدلاء وصولاً للجهاز الفني، كما أن التصريحات المتزنة والهادئة للمدرب سواء قبل المباريات الحاسمة، أو بعد الانتصارات والنتائج الإيجابية، من دون تفاخر أو شكوى.. كل ذلك شكل حالة استثنائية لم أعرفها من قبل في التاريخ الكروي السوري وخصوصاً عندما نعرف الصعوبات التي واجهت هذه المجموعة الشجاعة من الرياضيين.

انتصارات من رحم المعاناة
هل نحتاج لكي نراجع معاً أوجه المعاناة، على مستوى الوطن أو منتخبه؟ لابأس أن نتذكر معاً أن السنوات العجاف قسمت الدوري إلى مجموعتين وجمعت المباريات أحياناً في ملعب أو اثنين، وأجبرت العديد من اللاعبين المميزين على أن يرحلوا لكي يحترفوا في أصقاع الأرض بين شرق وغرب وشمال وجنوب، ثم نأتي للمنتخب.. تجميعه مشكلة، وتدريبه معضلة، وملعبه خارج أرضه بآلاف الكيلومترات، وفي المقابل منافسون محنكون، مستعدون، ومدججون بكل الإمكانات التي يحتاجها أي منتخب يطمح لبلوغ كأس العالم، وفي ظرف سنة واحدة تغير كل شيء من دون أي مقدمات منطقية أو عوامل مساعدة، ثلاثة أشياء فقط هي التي تغيرت: لاعبون متضامنون ومتفانون ممن بدؤوا أو أكملوا التصفيات، ومدرب حكيم ومتزن، وروح طموح متوثبة.. هذه هي «الخلطة السحرية» لتحقيق ما يمكن وصفه بسهولة بأنه يشبه الإعجاز.. فعندما يقول النجم الأسترالي المخضرم تيم كاهيل عن فوز بلاده في الوقت الإضافي إنه «الأهم في تاريخها» وهي بطلة آسيا والمتأهلة لكأس العالم أربع مرات من قبل، وعندما يقول لي رود خوليت النجم والمدرب الهولندي الشهير «هذا المنتخب السوري يشبه المنتخبات الأوروبية».. فإن هذا يعني الكثير بالفعل.
فريق لم يلعب طوال هذه الفترة أي مباراة تحضيرية وهذه حالة نادرة لم أعرفها من قبل، وفريق لم تكتمل عناصره إلا في المباريات الأخيرة وهي في حقيقة الأمر لم تكتمل إلا نادراً، فعندما جاء المحترفون أصيب آخرون أو تعرضوا للإيقاف.. وبالتالي فريق يلعب المباراة الحاسمة في ملعب منافسه منقوصاً خمسة أساسيين ومع ذلك يفرض عليه التعادل، كل هذا يفوق التوقعات وحتى الأمنيات، وهنا دعوني أكرر تعليقاتي على ما حدث في الملحق الآسيوي:
1- لماذا وضع الجدول سلفاً ومن دون قرعة لمصلحة ثالث المجموعة الثانية، بحيث تجري المباراة الحاسمة على أرضه.؟ وخصوصاً أن عدم السماح لمنتخب سورية باللعب على أرضه يجعل من المنطقي والعادل أن تكون المباراة الثانية على «ملعبه»، أو أن تجرى قرعة لتحديد ذلك على الأقل.
2- في الملحق العالمي سوف يتكرر الأمر نفسه مرة أخرى بحيث ستلعب أستراليا المباراة الثانية والحاسمة مع هندوراس مرة أخرى في سيدني ومن دون قرعة، ما يجعل الحديث عن «مصادفة بريئة» مستبعداً.
3- إن انضمام أستراليا أصلاً للقارة الآسيوية كان خطأ مؤثراً وخصوصاً على عرب آسيا، ولعل هذا القرار كان إحدى خطايا رئيس الاتحاد الآسيوي السابق.
4- لماذا في حالة الذهاب والإياب يستفيد الفريق الذي لعب المباراة الثانية على أرضه من مزية إضافية أخرى وهي أن يلعب الوقت الإضافي على أرضه وبين جماهيره، فإن لم تكفه ساعة ونصف الساعة ليتأهل، نمنحه نصف ساعة أخرى ليفعل ذلك وأمام فريق لا يلعب أصلاً على أرضه، وإنما يلعب مرة على أرض محايدة ومرة على أرض المنافس!
5- وإذا أضفنا الغيابات الخمسة مع تبديلين اضطراريين وبطاقة حمراء في الوقت الإضافي الذي ما كان يجب اللجوء إليه وإنما الذهاب مباشرة لركلات الترجيح لوجدنا كم كانت الظروف معاكسة لهذا المنتخب المظلوم.
6- أما الحديث عن تبليل أرض الملعب بالماء قبيل انطلاق المباراة واستعمال لاعبي أستراليا أحذية مزودة بالبراغي المعدنية ما أدى لانزلاقات متكررة تعرض لها لاعبونا فقط لأنهم استخدموا الأحذية البلاستيكية المخصصة للعشب الجاف فهذا يدخل في إطار أن تصفيات كأس العالم هي أشبه بالحرب وأن الحرب خدعة وما هذا إلا أحد أسلحتها العديدة فهو أمر لا مجال للاعتراض عليه، لكنه درس إداري إضافي لنا!
كما أن إصابة الحكم الأوزبكي رفشان ماتوف بشد عضلي واستبداله بمواطنه الحكم الرابع تانتشيف الأقل خبرة ومستوى، وبالتالي فإن بعض القرارات لربما كانت ستختلف لو استمر ماتوف، فهو يدخل في إطار سوء الحظ لا أكثر.
تصنيف الفيفا لفرق المجموعة الثانية والملحق

إيران 34 (تقدمت 3 مراكز خلال سنة).
أستراليا 43 (تقدمت مركزين).
الصين 57 (تقدمت 21 مركزاً).
كوريا الجنوبية 62 (تراجعت 15 مركزاً).
أوزبكستان 76 (تراجعت 27 مركزاً).
سورية 77 (75 قبل مباراتي الملحق وهو التصنيف الأعلى في تاريخها) أي إنها تقدمت 39 مركزاً خلال سنة واحدة فقط.
قطر 97 (تراجعت 12 مركزاً).
أي إن المنتخب السوري قفز خلال سنة واحدة 39 مركزاً في تصنيف الفيفا وهي خطوة عملاقة من النادر أن نجدها في تغيرات هذا التصنيف ما يجعله أكثر المنتخبات الآسيوية تطوراً خلال هذه السنة رغم عدم تأهله، وعلى سبيل المثال كان الفارق بين سورية وكوريا الجنوبية قبل بدء التصفيات 67 مركزاً لمصلحة الكوريين وأصبح الآن 15 مركزاً، وكان الفارق بين سورية وأوزبكستان قبل بدء التصفيات 65 مركزاً لفائدة أوزبكستان وأصبح الآن مركزاً واحداً.. كما أن أدنى تصنيف للمنتخب السوري كان 152 في خريف 2014، أي إنه قفز في ظرف ثلاث سنوات 77 مركزاً ليتوصل إلى أعلى تصنيف في تاريخه، وهي إحدى أكبر القفزات التي حققها أي منتخب في تاريخ تصنيف الفيفا.

ماذا عن المستقبل؟
بطبيعة الحال فإن المستقبل في علم الغيب، والله وحده يعلم ما الذي سيحمله، ولكن إذا سألنا ماذا نفعل لكي نساعد نسور قاسيون على الاستمرار في التحليق عبر السماء المفتوحة أمام الطامحين بلا حدود.. واستناداً إلى التجربة الثرية التي حملتها الشهور الـ12 الماضية يمكن القول إن الحفاظ على هذا المنتخب وفتح الباب أمام تطويره واستمرار تحليقه عالياً يتطلب التركيز على النقاط التالية:
الحفاظ على المدرب الوطني المميز أيمن حكيم، على الأقل حتى نهاية عقده مع نهاية كأس أمم آسيا 2019، إن لم أقل حتى نهاية كأس العالم 2022 أو تصفياتها على الأقل، لأن العمل الذي قام به هذا الرجل مع الصعوبات المحيطة يجب تثمينه عالياً، وإن إحراز المنتخب 6 أهداف من أصل 11 في الشوط الثاني ومنها 5 في الدقائق الأخيرة لهو إحدى الإشارات الإيجابية على عمل المدرب ولا يمكن أن تعزى مثل هذه الأرقام للمصادفة، ويجب تدعيم عمل هذا المدرب بتوفير احتياجاته كافة، مثل استكمال دعوة المحترفين وتسهيل سفره لمراقبة هؤلاء المحترفين مع أنديتهم، وتأمين المباريات التحضيرية مع منتخبات وأندية جيدة المستوى، ومعسكرات تحضيرية ملائمة.
أما الحديث عن مدرب أجنبي في هذا التوقيت فهو خطأ قاتل، لأن المدرب الأجنبي حتى يتم التعاقد معه ويستقر ستكون دورة المتوسط قد انتهت، وإلى أن يحفظ أسماء اللاعبين ويعرفهم جيداً ويفهموا أفكاره، ستكون كأس آسيا قد بدأت، وحتى نعرف إن كان سينجح أم لا، لربما يكون الثمن الإخفاق في تصفيات كأس العالم 2022، ثم إن الحديث عن مدرب «عالمي» يبدو ضرباً من السذاجة، لأن أي اسم محترم في عالم كرة القدم لن يرضى براتب يقل عن نصف مليون دولار شهرياً مع شروط أخرى عديدة سيعرفها من يتفاوض معه، علماً بأن النجاح ليس مضموناً مع أي اسم لمجرد أنه «أجنبي».. فلو خصصنا أقل بكثير من هذا الراتب للمدرب الوطني وفريق عمله الذي يجب أن يتطور مع تطوير صلاحيات المدرب ستكون خطوة مضمونة العواقب أكثر بكثير من قفزة نحو المجهول قد تحد من تحليق النسور نحو آفاق رحبة تبدو في المتناول.. وأود أن أضيف هنا أن اتخاذ قرار بتغيير المدرب الوطني الناجح بآخر أجنبي غير مضمون كائناً من كان، في الوقت الذي قد نجد فيه تقديراً وربما تكريماً دولياً لهذا المدرب الوطني سيكون أمراً محرجاً بالفعل!
استكمال وتسهيل انضمام كل المحترفين المميزين مع الحفاظ على اللاعبين الناشطين محلياً وتقديم الدعم الكافي لهم مادياً ومعنوياً، ولو لم يتأخر ضم الكوكبة الأخيرة من المهاجمين المحترفين لربما تأهل المنتخب إلى روسيا 2018 مبكراً وبصورة مباشرة، وبالتالي فإن ضم كل النجوم سيضمن لنا بلوغ مصاف النجوم في السماء.
السعي لإنجاز اتفاق مبكر لاختيار الملعب البديل للمنتخب، ريثما يستعيد حق اللعب على أرضه وبين جمهوره في أقرب فرصة ممكنة إن شاء الله، ولعل اختيار ملعب عربي يبدو أكثر دعماً للاعبين، فعندما يلعب المنتخب في بيروت أو عمان، أو في مدينة خليجية فإنه سيحصل على مزية المساندة الجماهيرية الأكبر إضافة لقرب المسافة وعدم اختلاف التوقيت أو حتى المناخ.
توفير شركة راعية للمنتخب تساهم في تقديم الدعم المادي واللوجستي الذي يخفف العبء عن اتحاد الكرة ويقرب المنتخب مما تتمتع به المنتخبات المتقدمة عربياً وعالمياً.
الحرص على عقد اتفاقات مبكرة لإقامة مباريات ودية مناسبة ومعسكرات تحضيرية، بمقابلة منتخبات وأندية من مستويات ملائمة لخطة التحضير قبل كل منافسة واستحقاق.
حرص اتحاد كرة القدم على دراسة قرعة وجداول المباريات في كل منافسة يشارك فيها، وذلك بهدف تقديم الاعتراض المدروس وفي الوقت المناسب إذا دعت الحاجة، لمحاولة تجنب الوقوع في مطب يشبه المطب الأسترالي، ولو اضطر الأمر للاستعانة بالخبرات الفنية والقانونية المميزة، ولدينا في سورية بعض الخبرات المرموقة على المستوى الدولي يمكن الاستعانة بها في هذا الجانب مثل العميد فاروق بوظو، وثمة حالات مشابهة وقع فيها التغيير رغم القرعة، عندما تم الاعتراض بمنطقية وقوة.
عدم طرح أو إثارة انتقادات لا مبرر لها ولا طائل منها، مثل الحديث عن خيارات المدرب أو مردود بعض اللاعبين، أو سوى ذلك مما يحبط ويعوق، وينقص ولا يزيد، بل فلننظر للمستقبل بتفاؤل وطموح، ولندعم هذه الحالة المفرحة التي أنارت قلوبنا بالأمل رغم كل الصعاب، وفي هذا الجانب يبدو دور الإعلام مهماً وفاعلاً.
كلام كثير قيل ومازال يمكن أن يقال، ورأيي أظنه صواباً ولكنه قد يحتمل الخطأ، وبالتالي فهو اجتهاد أحببت أن أدلي به ولا أتركه حبيس الصدر، بما تسمح به هذه العجالة.
وأتمنى لنسور قاسيون المزيد من التحليق كما أتمنى ألا يتسبب أحد بقصقصة أجنحتها المشرعة بقرار خاطئ قد يصدر عن نية حسنة، فمازالت السماء رحبة وما زالت تنتظر النسور القادرة على التحليق عالياً وبعيداً، سواء في ألعاب البحر الأبيض المتوسط 2018، أم في كأس أمم آسيا 2019، أو في تصفيات وحتى نهائيات كأس العالم 2022 بمشيئة الله.