رونالدو مغتصِب، غير مغتصِب...فيلم أميركي طويل!

رونالدو مغتصِب، غير مغتصِب...فيلم أميركي طويل!

الأخبار الرياضيــة

السبت، ١٣ أكتوبر ٢٠١٨

في 29 أيلول/سبتمبر الجاري، هزّ خبرٌ صادم الشارع الكروي بأسره. رونالدو المنتقل حديثاً إلى يوفنتوس الإيطالي، وجد نفسه متهماً بفضيحة قد تهدد مسيرته الكروية. كريستيانو «اغتصب» سيدة أميركية. انتشر الخبر كالنار في الهشيم. كيف، متى، أين ولماذا، أسئلة كثيرة طُرحت وعلامات استفهام ارتفعت. الأميركية كاثرين مايورغا أعادت رونالدو إلى واجهة الصحف العالمية، بعدما كانت صفقة انتقاله من ريال مدريد تتصدر المشهد الكروي لفترة طويلة.
بعد 9 سنوات على وقوع حادثة الاعتداء، استفاقت مايورغا وقررت فضح اللاعب البرتغالي. في دعوى من 32 صفحة تقدمت بها، تسرد الأميركية تفاصيل ما تدّعي أنه جرى بينها وبين رونالدو بعد لقائهما مساء 12 حزيران/يونيو 2009 في ملهى «راين» في فندق بالمز في لاس فيغاس. أشارت المدعية إلى أنّ رونالدو دعاها مع أشخاص آخرين لاستكمال الأمسية في جناحه المطل على أجزاء كبيرة من المدينة التي تعرف بأماكن السهر والكازينوهات. وخلال وجودهم في جناح الفندق، دفعها رونالدو إلى غرفة النوم. والبقية تأتي. وبحسب نص الدعوى: «عندما أنهى كريستيانو رونالدو اعتداءه الجنسي بحق المدعية، سمح لها بمغادرة الغرفة بعدما قال لها إنه آسف، وإنه عادة ما يكون رجلاً محترماً». طبعاً، فمن شيم الرجال المحترمين الاعتداء ثم الاعتذار! وأفاد المحامون في الدعوى أنّ مايورغا تقدمت بشكوى في الليلة نفسها أمام الشرطة من دون أن تكشف اسم المعتدي عليها، وأنها خضعت لفحوص في أحد مستشفيات المدينة في أعقاب حادثة تسببت لها بـ «إصابات نفسية وجسدية، وحالة اكتئاب عميقة». وبحسب زعم مايورغا، فإنها قامت بـ «تسوية القضية لقاء دفعة بقيمة 375 ألف دولار أميركي» لئلا تتحدث في الموضوع وذلك بضغط من أشخاص وكّلهم رونالدو. إلا أنّ محاميها اعتبروا أنّ هذا الاتفاق غير نافذ لأنها «كانت في حال غير مؤهلة وتفتقد القدرات العقلية للمشاركة في مفاوضات وتسوية نظراً إلى الإصابات التي تعرضت لها خلال الاعتداء». والمدهش أنه بعد أقل من أسبوع من نشر الخبر، ظهرت ادعاءات جديدة من قبل ثلاث نساء اتّهمن البرتغالي باغتصابهن في وقت سابق، حيث كشفت إحدى النساء أنها تعرضت للاغتصاب بعد حفلة، وتقول أخرى إنّ رونالدو اعتدى عليها جنسياً، بينما ذكرت الثالثة أنها اغتصبت ووقعت على اتفاق عدم إفشاء.
بعد تفشي الخبر، قام البرتغالي بـ«هجمة مرتدة» ونفى بشكل قاطع كل الاتهامات الموجهة إليه، وذلك في تغريدة عبر حسابه الرسمي على تويتر. وقال: «الاغتصاب هو جريمة مشينة وتناقض كل ما أؤمن به. بقدر ما قد أكون تواقاً إلى تبرئة اسمي، أرفض تغذية الاستعراض الإعلامي الذي يخلقه أشخاص يسعون إلى الترويج لأنفسهم على حسابي». ثم تابع: «ضميري المرتاح سيتيح لي تالياً الانتظار بطمأنينة، نتائج أي تحقيق وكل التحقيقات». وتساءل الكثيرون عن سبب صحوة مايورغا المتأخرة وقرارها فضح الاعتداء بعد مرور سنوات طويلة على حدوثه. إلا أنها تعتبر أنها استلهمت هذه الخطوة من حركة #MeToo (أنا أيضاً)، وهو هاشتاغ برز العام الماضي بعد عشرات الاتهامات التي وُجهت للمنتج الفني الأميركي هارفي واينستين بقيامه بانتهاكات جنسية، وانتشر على شبكات التواصل الاجتماعي ليتخطى أسوار هوليوود ويطال قطاعات أخرى. وأدت الادعاءات بالتحرش والاعتداء الجنسي من قبل النساء المتضامنات في هذه الحملة إلى إقالة واستقالة شخصيات شهيرة من عالم الفن والرياضة والإعلام، إلى جانب رجال أعمال نافذين وسياسيين فاعلين في جميع أنحاء البلاد. لكن اللافت في الأمر أنّ الحملة انطلقت منذ عام، فما الذي دفع بالأميركية إلى إفشاء سرها الآن، وفي توقيت يتزامن مع انتقال رونالدو إلى ايطاليا وبروزه الأقوى على الساحة الأوروبية؟ 
عقب الفضيحة، حاول اللاعب الدولي لملمة أوراقه وأصدر محاميه بياناً نارياً أوضح فيه أن المستندات المزعومة التي نشرتها مجلة «دير شبيغل» الألمانية بشأن ما يتعلق بقضية الاغتصاب، عارية تماماً من الصحة وتم تعديلها وفبركتها، قبل بيعها إلى وسائل الإعلام. وكانت المجلة الألمانية هي التي أجرت الحوار مع مايورغا وفضحت فيه ما جرى، إلى جانب نشرها عدداً من الوثائق لإدانة البرتغالي. وجاء في البيان أنّ «رونالدو ينفي كل الاتهامات في تلك الواقعة، وأنّ ما قام خلال السنوات الماضية لا يتماشى بما تتكلمون عنه، الوثائق التي يزعم أنها تحتوي على بيانات من رونالدو وتم تداولها في وسائل الإعلام هي شيء سبب الإشاعات. ليس لها أساس من الصحة». وتابع: «لكني على ثقة بأن ما حدث في عام 2009 بين رونالدو والطرف الآخر كان بموافقتهما وليس إكراهاً من قبل موكلي البرتغالي». وما كان من دير شبيغل إلا بالرد على البيان للدفاع عن مصادرها. فنشر كريستوف وينترباخ محرر المجلة الألمانية رداً مطولاً عبر حسابه الشخصي على تويتر، قائلاً: «لقد رأينا ذلك من قبل، البيان يمثل الطريق المعتاد الذي يتخذه السيد رونالدو ومحاموه في الماضي حين لا ينجحون في القتال ضد تحقيقاتنا». وأضاف: «قصتنا تم التحري عنها بدقة شديدة، ونمتلك مئات الوثائق من عدد من المصادر والتي تؤكد تقاريرنا، وليس لدينا أي سبب يجعلنا لا نصدق أن الوثائق ليست أصلية». 
ولم ينفِ «معسكر» اللاعب حصول علاقة تلك الليلة بين البرتغالي والأميركية. إلا أنّ ما دار بين رونالدو ومايورغا جاء برضى كامل منها، بحسب ما كشفه أحد محاميه. وأشار إلى أنّ رونالدو وافق على القيام بالاتفاق، «لكن المستندات التي من المفترض أن تتضمن تصريحات لرونالدو والتي نشرت في وسائل الإعلام هي من نسج الخيال». إلا أنّ هذا الاتفاق لا يعني الاعتراف أو الإقرار بالاعتداء، فكل ما قام به رونالدو هو الأخذ بالنصائح التي أسداها له مستشاروه لوضع حد لهذه الاتهامات الفاضحة الموجهة ضده والتي تشوه سمعته. حتى الآن، لا أحد يعلم حقيقة ما جرى بين كريستيانو وكاثرين سواهما. يحاول محامو الأخيرة قلب الطاولة على رونالدو وتلطيخ سمعته بالعار، بعدما جعلوه لقمة سائغة بين أقلام النقاد والصحافيين. وإن كان مذنباً، فهو يستحق أكثر من ذلك. فمن المعيب أن يستغل سلطته وقوته كلاعب مشهور للإتيان بفعلٍ مشينٍ كهذا، ثم محاولته الاعتذار وطمس القضية لهو أشدّ وضاعة. من المعروف أنّ البرتغالي يشتهر بمصاحبة الجميلات، ولطالما كان متعدد العلاقات، إلا أنّ ذلك ليس سبباً كافياً للقبول بقصة مايورغا. فللقضية حلقات مفقودة تطرح علامات استفهام كثيرة حول صحة ادعاءات الأميركية. تبعات القضية جاءت متنامية بشكل لم يكن متوقعاً، حيث أثيرت في توقيت ذكي وملائم تماماً بالنسبة لها. يعتبر الكثيرون أنّ ما يحدث ليس إلا حملة تشنّ لتدمير سمعة اللاعب، لا سيما أنّ تحويل وجهته إلى الدوري الايطالي كانت سعياً لتحقيق المجد والعظمة في نادٍ أوروبي ثالث. ولكن حتى الآن، رونالدو بريء حتى تثبت إدانته.
 
 
فضيحة بملايين الدولارات!
مع الشهرة، تأتي المآزق. ومما لا شك فيه أنّ تداعيات الحادثة ستتعدى النزاع القانوني بين رونالدو ومايورغا، لتصل إلى تشويه سمعته وبالتالي تكبيده خسائر بملايين الدولارات. إذا تمت إدانة النجم البرتغالي، فإنه سيخسر الكثير من الرعاة، كما أنه سيتعرض للضرر على مستوى علامته التجارية الخاصة CR7، وهو ما سيكلفه مبالغ طائلة قد تصل إلى مليار باوند. عقود الرعاية الضخمة التي وقعها لاعب يوفنتوس تشمل عقداً طويل الأجل تصل قيمته لعدة ملايين من الدولارات مع شركة نايكي، وعملاق التغذية Herbalife، وTag Heure بالإضافة إلى شركة حقائب السفر الأميركية Tourister. وعقب الفضيحة، عبرت شركة نايكي عن قلقها «إزاء المزاعم المقلقة، وسنستمر في متابعة الوضع من كثب». والشركة مرتبطة بعقد رعاية مدى الحياة مع رونالدو بما يقارب مليار دولار (24 مليون سنوياً)، وهو أحد ثلاثة أشخاص يرتبطون بمثل هذه الأنواع من العقود جنباً إلى جنب مع مايكل جوردان وليبرون جيمس. أما شركة EA Sports للألعاب الإلكترونية، والتي تستخدم النجم البرتغالي كوجه إعلامي، أزالت صوره عن أغلفة مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت: «نحن نراقب الوضع عن كثب، حيث نتوقع من الرياضيين والسفراء التعامل بطريقة تتفق مع قيم EA». إلى جانب ذلك، يحصل رونالدو على الكثير من الأموال من خلال نشره على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ نشر 580 مرة على حساباته الشخصية خلال الـ 12 شهراً الفائتين، وهو ما جعل حجم الرعاية يصل إلى 700 مليون باوند. ولن يكون رونالدو الرياضي الأول الذي يخسر الرعاة في حال إثبات تهمة الاغتصاب، فالأميركي لانس أرمسترونغ، النجم الأسطوري لطواف فرنسا Tour de France، لم تسحب نايكي فقط رعايتها له، وإنما جميع رعاته الآخرين تقريباً بعد فضيحة تعاطيه المنشطات التي هزَّت عالم الدراجات. وقيل حينها إنَّ خسارته وصلت إلى 195 مليون دولار. كما خسر الملاكم مايك تايسون ثروةً هو الآخر عندما تخلَّت عنه بيبسي بعد ظهور مزاعم بإساءته معاملة زوجته السابقة عام 1988.
رونالدو لم يكن الوحيد الذي تضرر بفعل الفضيحة، إذ انعكست اتهامات الاغتصاب على ناديه يوفنتوس، مع تراجع أسهمه في البورصة أمس، غداة إبداء شركات راعية له قلقها من تفاعلات القضية. وعكست بورصة ميلانو أمس غيوم القلق التي بدأت تلوح في سماء تورينو، إذ خسرت أسهم النادي المملوك من عائلة أنييلي 5,07 بالمئة من قيمتها في التداولات. ويأتي ذلك بعدما حققت أسهم الفريق مكاسب تصاعدية منذ انضمام رونالدو إلى صفوفه صيف العام الحالي. وفي أواخر آب/أغسطس الماضي، تخطت القيمة السوقية لأسهم يوفنتوس عتبة المليار يورو للمرة الأولى منذ إدراجه في البورصة، بفضل ما اعتبرته الصحف المحلية «تأثير رونالدو». إلا أنّ هذا التأثير قد يندثر في حال وقع الأسوأ، وأُثبت أنّ البرتغالي مغتصب!
 
ريال مدريد يرفض الزج باسمه في القضية
أصدر نادي ريال مدريد الخميس بياناً مهماً، نأى فيه بنفسه عن قضية الاتهامات بالاغتصاب الموجهة إلى نجمه السابق، حيث أعلن النادي تقديم شكوى ضد صحيفة «كوريو دا مانيا» البرتغالية. وكانت الصحيفة أشارت إلى أن محامي اللاعب البرتغالي سيجتمعون به خلال هذا الأسبوع في مدينة لشبونة، من أجل تنظيم خططهم الدفاعية أمام اتهام موكلهم في قضية اغتصاب مايورغا، ولا يستبعدون أنّ رونالدو تم الضغط عليه من قبل النادي الملكي للتوقيع على الاتفاقية ودفع قرابة 375 ألف دولار لها. وكانت فكرة الريال إجبار رونالدو على إنهاء هذه القضية من أجل تنظيف صورة الصفقة الكبيرة وصورة «المرينغي» قبل مجيئه للنادي الملكي. وجاء في بيان النادي: «ريال مدريد يفيد أنه اتخذ إجراءات قانونية ضد صحيفة كوريو دا مانيا البرتغالية لنشرها معلومات كاذبة بالكامل والتي تؤثر بشكل خطير على صورة نادينا»، مطالباً «بتصحيح كلي». وتابع النادي أنّ لديه «عدم معرفة بأي حقيقة تشير إلى ما تقوله هذه الصحيفة» ويضمن أنه لم يكن قادراً على ممارسة أي تدخل في موضوع لا يعرفه «على الإطلاق». وقال كارلوس رودريغيز مدير الجريدة البرتغالية لإذاعة راديو تي إس إف: «إننا ننتظر الإجراءات التي سيتخذها ريال مدريد وسندافع عن عملنا. تم التحقق من المعلومات بشكل صحيح ونحن على ثقة مطلقة من جودة المعلومات المنشورة». وأوضحت عدة مصادر قريبة من طاقم محاماة رونالدو أنّ «واحدة من الوسائل الرئيسية التي سيستخدمها رونالدو في تبرير توقيعه، هو تعرضه لضغوط من قبل النادي الأبيض، بسبب خوفه على تشوية صورته خاصة بعد توقيع صفقته الكبيرة مع الريال، وزاد قلقه في فترة عطلة الصيف، عندما كان في الولايات المتحدة الأميركية وتم تصويره مع باريس هاملتون». وحسب المصادر، كان رونالدو معارضاً لفكرة توقيع اتفاقية سرية مع مايورغا، حتى تم الضغط عليه من النادي المدريدي.