“جنيف – 2″.. المواجهة ستظل مفتوحة

“جنيف – 2″.. المواجهة ستظل مفتوحة

مؤتمر جنيف 2

الخميس، ٢٣ يناير ٢٠١٤

يُعقد مؤتمر “جنيف – 2″ في مدينة مونترو السويسرية، بغياب لافت ومستهجن لإيران؛ الدولة الإقليمية الكبرى المؤثرة في تطورات المنطقة، بينما تتمثل دول لا تأثير لها، حتى أن بعضها بالكاد يسمع به المواطن السوري أو العربي العادي كحال اللوكسمبورغ..
قد تطول مدة مؤتمر “جنيف-2″ أو تقصر، لكن السؤال المُلحّ: هل سيتوصل إلى نتيجة حاسمة؟ المثل العربي هنا يدل بوضوح على واقع الحال: “المكتوب يُقرأ من عنوانه”، فالدمية التي تحتل مركز الأمانة العامة للأمم المتحدة واسمها بان كي مون، قد تكون “باربي” فاعلة أكثر منه عالمياً، على الأقل على مستوى اهتمام الأطفال بها، فهل هناك أبشع من تلك المهزلة الدبلوماسية التي شهدها العالم لثلاث أو أربع ساعات؟
ثمة تساؤل هنا لدى كثير من الدبلوماسيين الدوليين الكبار في الأمم المتحدة: كيف وجّه هذا الرجل الدعوة إلى طهران؟ وكيف سحبها؟
ذريعة سحب الدعوة من طهران أنها لم تؤيد “جنيف-1″، لكن هل هناك من يرى الاهتزازات السعودية، وإعلان سعود الفيصل إصرار الرياض على الذهاب بالإرهاب على سورية ولبنان والعراق حتى الرمق الأخير، وهو ما يتعارض مع “جنيف-1″ والشرائع الدولية؟
وماذا عن صرخة رجب طيب أردوغان عن أحفاد السلاجقة، وإبرازه كل تلك الغطرسة الاستعمارية القديمة حيال سورية ومصر، والتي ترجمها أحمد داود أوغلو عن “النيو – عثمانية” لتحقيق أطماعه وأطماع السلجوقي أردوغان.
وبلا مزيد من التفاصيل على المواقف العربية والغربية لمختلف الأطراف المشاركة في سفك الدم السوري، فإن ما يعاني منه الشرق الأوسط من ويلات وحروب داخلية في جزء هام منه، يأتي في سياق الصراع الدائر داخل أروقة مراكز القرار في الإدارة الأميركية، حيث إن الصراعات على أشدها على خلفية الحرب الدائرة على سورية من جهة، وبين رافض لهذه الحرب من جهة ثانية، وداعم للمجموعات الإرهابية المسلحة عبر مختلف الوسائل من جهة ثالثة..
ويبدي بعض الخبراء والمتابعين عن قرب للسياسة الأميركية، خشية من عمليات اغتيال وتفجيرات، لتشكّل مقدمة لأحداث شديدة العنف قد تشهدها عدة ساحات عربية، أبرزها الساحة اللبنانية، وذلك في سياق الخلاف المحتدم في المؤسسات الأميركية، والتي تصل إلى حد الصراع فيما بينها.
أما الأهداف التي عمل لها حلف أعداء سورية في مؤتمر “جنيف-1″، ورفضتها إيران، فيصب في عدة اتجاهات، أبرزها:
- محاولة نشر قوات دولية على الأراضي السورية كمقدمة لتدويل القضية، ثم محاولة خلق كونفدرالية تصب في النهاية في خطة حصار المقاومة في لبنان.
- وبرأي هؤلاء الخبراء الذي يتابعون بدقة وعن قرب التطورات والمواقف الأميركية، أن التجاذب سيستمر والمواجهة ستظل مفتوحة حول وظيفة جنيف، في وقت يسعى البعض، وبينهم الدبلوماسي الجزائري المهزوز الأخضر الابراهيمي، استنساخ تجربة الطائف اللبنانية، لجعل السعودية تشارك بحكم سورية، رغم كل “المآثر” الوهابية في بلاد الأمويين.
وبرأي هؤلاء أن مثل هذه المحاولات ستفشل، لأن سورية وحلفاءها، خصوصاً الروس والصينيين، لن يسمحوا لهذه الألعاب البهلوانية أن تمر، وإذا كان حلف أعداء دمشق يعمل لجعل هذا المؤتمر بلا هوية، إلا أن الوقائع تؤكد أن الحلف الدمشقي معززاً بالنتائج الميدانية للجيش العربي السوري يعمل ليكون هذا المؤتمر بداية حقيقية لمكافحة الإرهاب، ولخلق نظام إقليمي جديد يضمن استقرار المنطقة، ما يجعل الخطوات المقبلة مرهونة بمشاركة إيران، لأنه ببساطة حينما تقدم مجموعة (5+1) في 20 الجاري على وضع اتفاقها مع إيران موضوع التنفيذ، تكون تعترف بدور إيران ومكانتها، التي لا يمكنها بحال من الأحوال تجاهلها.
الصور الأولى التي وصلت من مؤتمر “جنيف-2″ تؤكد أن خطة أميركية – غربية مع السعودية قد رُكِّبت لإبعاد إيران عن المؤتمر، مع خطة لمحاصرة وفد الدولة الوطنية السورية بدأت بالإعلان عن منع باريس لمرور الطائرة السورية التي تقل الوفد من عبور الأجواء الفرنسية، لكن سرعان ما تراجعت سلطة هولاند عن ذلك، بعد أن أبلغت برسائل حازمة من حلفاء الأسد السوري، ثم كانت حالة إقلاق راحة الوفد في مطار أثينا، حينما تمنعت السلطات اليونانية الرسمية عن تزويد الطائرة بالوقود، والتي كانت من شأنها أن تقلب الأمور رأساً على عقب في بلاد الإغريق، لأنها بذلك تصبح كأنها ملحق بتركيا، الخصم التاريخي.. بالإضافة إلى ما تبلغته من رسائل حازمة، فكان الاعتذار من السلطات اليونانية ومن شركة أولمبيك لسورية.
أما بالنسبة لوفد المعارضات السورية، وما رافق تشكيله من انسحابات وتسويات، فقد تأكد ما قاله لهم روبرت فورد في اسطنبول: “اتفقوا على ما تريدون وما تشاؤون.. لكن عليكم أن تحضروا، ولا مجال للجدال”، ما يعني أن المستقبل قد يحمل إنهاء لدور المعارضات و”ائتلافها”، لأن هذا الائتلاف الكاريكاتوري سياسياً في اسطنبول، وعسكرياً في سورية، أقل من بيادق على رقعة الشطرنج، ما يعني أن نوعاً من ائتلاف جديد سيقوم مستقبلاً.
ثمة سؤال هنا: هل هي صدفة أن يقع الانفجار المجرم في الضاحية الجنوبية عشية “جنيف – 2″؟
برأي الخبراء، الحلف الأميركي – السعودي ما يزال لديه التصميم على إدامة العنف في سورية ولبنان والعراق، والمعركة مستمرة، بانتظار الحسم المتوقع في الصراع الأميركي – الأميركي، لأن الإدارة الأميركية على حد تعبير روبرت فورد تريد أن تصل إلى شيء ما قبل انتهاء ولاية باراك أوباما، التي بدأت سنتها الثانية من ولايته الثانية.