فشل الجولة الثانية من «جنيف ـ 2»و الجولة الثالثة في النصف الثاني من آذار..موسكو تحذّر من سيناريو عسكري والوفد السوري يعود إلى دمشق غداً

فشل الجولة الثانية من «جنيف ـ 2»و الجولة الثالثة في النصف الثاني من آذار..موسكو تحذّر من سيناريو عسكري والوفد السوري يعود إلى دمشق غداً

مؤتمر جنيف 2

السبت، ١٥ فبراير ٢٠١٤

جولة ثانية من مؤتمر»جنيف- 2» الخاص بالأزمة السورية، أعلن عن فشلها أمس.
لقاءان منفصلان أجراهما المبعوث الأممي الأخضر الابراهيمي مع كل من الوفدين المفاوضين، ليعلَن بعدها عن فشل الجولة الثانية من دون التوصل الى فسحة أمل.
الابراهيمي الذي فضّل عدم الخوض في تفاصيل مفاوضات يوم أمس ، آثر الغاء مؤتمره الصحافي المسائي، فيما خرج أعضاء الوفدين ليعلنوا صراحة.. الجولة فشلت و بدأ النقاش حول جولة ثالثة من دون حسم احتمالات انطلاقها في ظل الاجواء المشحونة، فيما نقل مصدر سوري من جنيف لـ»البناء» أن الوفد السوري رفض العودة الى جولة ثالثة خلال الشهر الحالي، وأن الحديث يدور حالياً عن امكان انطلاقها في النصف الثاني من شهر آذار المقبل، و أن الوفد السوري يستعد للعودة الى دمشق صباح يوم الأحد غدا ، في وقت اعلن فيه عن عقد جلسة مشتركة اليوم بحضور الابراهيمي وذلك قبل اعلان اختتام أعمال الجولة الحالية.
الى ذلك، يتحضر المبعوث الأممي لرفع تقريره الى الامين العام للأمم المتحدة حول أعمال الجولة «الفاشلة».
استمرار الخلافات
يأتي ذلك في وقت استمر الخلاف الحاد حول أولويات الوفدين لناحية بحث مسألتي «الهيئة الانتقالية» أو مكافحة الارهاب كمنطلق للوصول الى جدول أعمال للمؤتمر. فالوفد السوري طالب بإعلان «الائتلاف» صراحة نبذه للارهاب، واستعداده لمكافحته كشرط للتقدم في المفاوضات و بحث مسألة «الهيئة الانتقالية»، فيما اشترط وفد «الائتلاف» تشكيل «الهيئة» التي ستكون مهمتها الاشراف على مكافحة الارهاب.
الخلافات الحادة في المؤتمر انعكست على الطرفين الراعيين للمؤتمر، فما رشح عن اللقاء الثلاثي الذي عقد اول من امس بين نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف ومساعدة وزير الخارجية الاميركي ويندي تشيرمان بحضور الابراهيمي، كشف عن خلافات حادة و توتر كبير طغى على الاجتماع، في وقت عادت فيه النبرة التصعيدية الى الاجواء.
قلق روسي
إلى ذلك، أعلن وزير الخاريجة الروسي سيرغي لافروف أن موسكو قلقة من المحاولات المستمرة لإيجاد ذريعة من أجل إحباط الحوار السياسي السوري في جنيف.
وأشار لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير في موسكو أمس، الى عودة بعض السياسيين الغربيين الى الحديث عن استخدام القوة في سورية ومحاولات تسييس الأزمة الإنسانية. واعتبر أن هذه المحاولات ترمي الى استفزاز الحكومة السورية كي تخرج من المفاوضات.
وأردف قائلا: «نراقب المحاولات المستمرة لخلق ذرائع من أجل إحباط التسوية السياسية. وطبعا نشعر بقلق، عندما يبدأ رئيسا الولايات المتحدة وفرنسا في مؤتمر صحافي مشترك الحديث من جديد عن أن الأمر قد لا يقتصر على المفاوضات».
الوزير الروسي اعتبر أن فرض المهل الزمنية على مفاوضات جنيف أمر غير بنّاء، مشيراً الى أن استمرار المفاوضات لم يعد له معنى، لأن الحكومة السورية لا تريد أن تتفق مع المعارضة بشأن تشكيلة «الهيئة الانتقالية». وأكد أن موسكو مرتاحة لموقف دمشق التي أكدت استعدادها لبحث بيان جنيف بأكمله و من ضمنه «الهيئة».
الوزير الروسي انتقد موقف «الائتلاف»، مشيراً الى أنه غير مستعد لبحث شيء باستثناء تشكيل «هيئة انتقالية للحكم». مضيفاً « لقد تشكل لدينا انطباع بعد الجولتين الأولى والثانية من المفاوضات بين المعارضة والحكومة، أن الأطراف التي ضمنت مشاركة المعارضة في هذه العملية، ودعت الى أن تتركز المفاوضات على تنفيذ بيان جنيف برمته، كانت في الواقع، تعني بذلك شيئا واحدا فقط، هو تغيير النظام».
واستغرب رفض وفد «الائتلاف» بحث الإصلاحات المستقبلية في سورية وأطر العملية الانتقالية قبل تشكيل «الهيئة»، معتبراً أن هذا الموقف سيأتي بنتائج عكسية. وقال: «إنهم يرفضون، قبل تشكيل الهيئة الانتقالية للحكم، بحث مبادئ التسوية السياسية، على الرغم من أن أي منطق يتطلب أولا التوصل الى اتفاق بشأن معايير الإصلاحات والعملية الانتقالية، وبعد ذلك فقط بدئ تنسيق تشكيلة الهيئات التي ستتولى هذه الإصلاحات». وتابع: «مستعدون لبحث مسائل أخرى، وبالدرجة الأولى مكافحة الإرهاب فقط بعد تشكيل الهيئة الانتقالية».
وقف الانحدار
يأتي ذلك في وقت نقل عن مصدر روسي قوله إن موسكو قد تدعو إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي «لإيقاف الانحدار نحو التصعيد في سورية»، كاشفاً عن وجود معلومات لدى روسيا تفيد بأن واشنطن وباريس تضعان مخططاً لمهاجمة سورية عسكرياً لإيقاف تقدم الجيش السوري.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف إن بلادها تراجع سياستها تجاه سورية باستمرار، و»نحن الآن في وسط إحدى هذه المراجعات لتقويم مواقفنا»، مشيرة الى أن الولايات المتحدة لم تكن تنتظر نتائج باهرة من مباحثات «جنيف-2»، مؤكدة أن لا حل عسكرياً للأزمة السورية على المدى الطويل.
هارف طالبت موسكو بالضغط على الجانب السوري للسير قدماً بالمفاوضات، في وقت نقل عن مصدر غربي قوله أن على «غاتيلوف أن يتذكر أن «جنيف- 1» يتضمن بنداً حول وقف العنف وليس حول مكافحة الارهاب»، وأن «الحديث عن بند يتحدث عن مكافحة الإرهاب في
«جنيف ـ 1» هو تكتيك روسي».
المصدر الغربي قال إن الخطوات الإنسانية مهمة ولكنها لا تحتاج إلى مفاوضات سياسية، و أضاف أن «الائتلاف قدم وثيقة لم يذكر فيها رحيل الأسد وشدد على الحفاظ على مؤسسات الدولة».
المقداد
وكان نائب وزير الخارجية عضو الوفد السوري إلى جنيف فيصل المقداد أعرب عن اسفه لأن «هذه الجولة من المباحثات في جنيف لم تحقق أي تقدم ونحن جئنا إلى جنيف تنفيذاً للموقف السوري للتوصل إلى حل سياسي للأزمة».
وقال في مؤتمر صحافي أعقب لقاء الوفد مع الابراهيمي إن «الطرف الآخر جاء بأجندة غربية غير واقعية وهي ذات بند واحد وتتعامل بشكل انتقائي مع بيان جنيف»، مؤكداً أن الوفد الحكومي جاهز لمناقشة «كل شيء.. ونصر على البدء بوقف العنف ومكافحة الأرهاب»، مشيرا الى أن «الطرف الآخر ينكر وجود مجموعات ارهابية تمنع قوافل المساعدات من الوصول» إلى المناطق المتضررة.
وفي ما يخص العلاقات الثنائية مع روسيا أكد المقداد أن موسكو»لا تمارس على الاطلاق الضغوط علينا، ونحن نتشاور مع الاصدقاء الروس ومواقفنا متطابقة»، مضيفا «علاقاتنا مع روسيا عميقة الجذور، والتنسيق بيننا مستمر وإننا متفقون معها على إنجاح مؤتمر جنيف على أساس بيان جنيف الأول». واعتبر المقداد أن «كل من يحمل السلاح ضد شعبه وحكومته هو ارهابي».
«الائتلاف»
من جهته، أعلن المتحدث باسم وفد «الائتلاف» لؤي صافي أن «المفاوضات تعثرت ووصلنا الى نقطة لا يمكن تخطيها الا بوجود فريق يريد التعاطي مع الحل السياسي» بحسب تعبيره. مشيراً أنه «لم يتم تحديد موعد الجلسة المقبلة، أما بشأن الجولة الثالثة فنحن بانتظار نتائج مشجعة»، نافيا أن يكون وفده قد هدد بالانسحاب من المفاوضات.
ولفت صافي الى أن «موقف روسيا مازال كما هو، ونأمل أن تقنع النظام بالتفاوض حول الحل السياسي»، داعيا موسكو الى عدم استعمال حق النقض ضد اي قرار سيصدر في مجلس الامن حول الشأن الانساني في سورية.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أكد في مقابلة تلفزيونية أن الوفد السوري لا ينوي الانسحاب من المفاوضات، معتبرا ذلك دليلا على عزمها العمل البناء لإيجاد حلول للمسائل العالقة. مشيراً الى أن الوفد الحكومي يريد أن يؤكد وفد «الائتلاف» التزامه أولا بمحاربة الإرهاب في سورية بالتعاون مع الحكومة، ومن ثمة ستكون دمشق مستعدة لبحث المسائل الأخرى، بما فيها مسألة تشكيل «هيئة انتقالية».
وتابع غاتيلوف أن الجميع يعترفون بوجود خطر إرهابي في سورية، إذ ينشط فيها عدد كبير من العناصر الإرهابية والجماعات على غرار «جبهة النصرة» و»القاعدة». وقال «من الطبيعي يجب توحيد جهود جميع الأطراف من أجل مكافحة الإرهاب قبل الشروع في حل المسائل الأخرى».
ونفى غاتيلوف أن تكون المفاوضات السورية في جنيف قد وصلت الى طريق مسدود، مشددا على أنها لم تبدأ بشكل فعلي بعد. وشدد على أن بلاده مستعدة لدعم أي قرار يتوصل إليه الوفدان بالتوافق.
غاتيلوف قال أن الابراهيمي لم يحدد بعد موعد الجولة الثالثة من المفاوضات، وهو يريد استشارة الأمين العام للأمم المتحدة أولا. وقال «نظرا لبروز عواقب على طريق عملية التفاوض، لم يتخذ الابراهيمي بعد قرارا بشأن موعد إجراء الجولة الثالثة».
على صعيد آخر، أعرب المندوب الروسي في مجلس الأمن فيتالي تشوركين عن أمله بنجاح المناقشات حول مشروع قرار لمجلس الأمن بشأن الوضع الإنساني في سورية، متمنيا أن يتضمن القرار صيغة حاسمة في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب.
وأكد تشوركين الذي كان يتحدث عقب جلسة مناقشة للقرارين أن هناك مشروعين لقرار حول الوضع الانساني، وبيانا تقدمت به روسيا حول محاربة الإرهاب. وأضاف :» تجمعنا الحاجة لاتخاذ إجراءات إضافية في ظل وجود وضع انساني صعب ودقيق.. القرار الإنساني سيناقش أولا تبعا لأولويته ونحن نتمنى أن يتضمن صيغة حاسمة بما يخص محاربة الإرهاب». واستدرك قائلا:» هذا لا يعني أننا سنتوقف عن جهودنا لتبنّي بيان رسمي بخصوص محاربة الإرهاب في سورية».
الوضع الميداني
ميدانيا، تابع الجيش السوري عملياته في محيط قرية الزارة في ريف حمص حيث وقعت اشتباكات هي الاشرس من نوعها منذ بداية العمليات، إذ احرز الجيش مدعوما بقوات الدفاع الوطني تقدما على المحورين الجنوبي والغربي وسيطر على نقاط استراتيجية جديدة شرقي وجنوبي برج الزارة الاثري.
اما في ريف حماه ، فقد فرضت قوات الجيش السوري سيطرتها على قرية البويضة واشتبكت مع مجموعات ارهابية في بلدتي كفر زيتا واللطامنة.
وفي ريف دمشق، تابع الجيش عمليته التي بدأها منذ يومين للسيطرة على المناطق المحيطة بيبرود تمهيداً لعزلها ودمر تحصينات للمسلحين في بلدة السحل ومزارع ريما وفليطا، كما قضى على مسلحين في عدرا البلد والعمالية.