تجارة الماس السرية بين دبي وإسرائيل: زيارات متبادلة.. وجهود المقاطعة تهددها

تجارة الماس السرية بين دبي وإسرائيل: زيارات متبادلة.. وجهود المقاطعة تهددها

الصحف العبرية

السبت، ١٣ يوليو ٢٠١٣

في تحقيق موسع لصحيفة «معاريف» عن تجارة الماس الإسرائيلية في إمارة دبي، تحت عنوان «السلام الاقتصادي»، كشفت النقاب عن تراجع عائدات هذه التجارة بسبب جهود منظمة «مقاطعة، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل» (BDS). وبينت الصحيفة أن العشرات من التجار الإسرائيليين أنشأوا لهم في الإمارة مراكز، وأقاموا علاقات طيبة هناك، لكنها لم تجد نفعاً أمام دعوات المقاطعة الدولية.
وأشار التحقيق إلى أن معرض الماس، الذي يملكه الملياردير الإسرائيلي ليف ليفاييف في دبي يحمل اسم «ليفانت». وليفاييف ليس تاجر الماس الإسرائيلي الوحيد الذي يعمل في دبي، فقد افتتح بني شتاينتس متجراً للمجوهرات هناك. وفضلاً عن ذلك، فإن تجار الماس الإسرائيليين ضيوف دائمون على بورصة الماس في دبي، وبعضهم يدخلها بجوازات سفر إسرائيلية.
وأوضح التحقيق أنه، في المقابل، يزور تجار ماس من دبي إسرائيل ويشاركون في مؤتمرات، بل أعلن هذا الأسبوع أن رئيس بورصة ماس دبي بيتر ماوس سيشارك على رأس وفد من التجار في أسبوع الماس العالمي، الذي سيعقد في إسرائيل في نهاية شهر آب المقبل. وأثار الإعلان عن مشاركة وفد التجار في أسبوع الماس في إسرائيل غضب منظمة «BDS»، التي سارعت للتنديد بالخطوة، الأمر الذي دعا دبي للإعلان أن أي وفد منها لن يزور إسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن مؤرخ صناعة الماس حاييم إبن زوهر، الذي زار دبي مراراً وآخرها قبل شهرين، أنهم «في دبي لا يحبون العلانية. إنهم يعملون بصمت. وأخشى أنه بعد نشر التحقيق لن يأتوا إلى هنا». ويقول ابن زوهر إن «بورصة الماس في دبي تقدم خدمات لـ500 شركة، وهي تشكل مركز التجارة لدول الخليج والعالم العربي. فعبر بورصة دبي يمكننا أن نبيع الماس للعالم العربي ولدول الخليج. كما أن دبي مركز سياحي. وأغنياء الروس ونخبتهم يستجمون هناك. وهم ينفقون أموالا طائلة في التبضع. وصناعة الماس الإسرائيلية تبحث عن أسواق جديدة، إذ تراجعت السوق الأميركية جراء الوضع الاقتصادي، ودبي باتت إحدى الفرص الجديدة إلى جانب الصين وتركيا. وهناك آفاق للعمل بمصالح متبادلة. إذ عندنا الماسات الكبيرة، الأغلى والأندر التي يريدون».
ويقول تاجر الماس الإسرائيلي إيال بديحي، الذي يعمل مع تجار ماس في دبي، إن «هناك فنتازيا المال الطائل. صحيح أن بورصتهم صغيرة، لكنها تتلقى طلبيات من كل دول الخليج والدول العربية. والماسات الكبيرة والغالية يمكن أن تباع هناك. ودبي مثل نيويورك وهونغ كونغ، حيث يشتري أغنياء السعودية والبحرين الماس. وهم يبحثون عن البضائع الكبيرة والجميلة، أحجار بقيراطين وأكثر بألوان جيدة، أي بضاعة نوعية».
وقد زار بديحي دبي ثماني مرات حتى الآن. وهو يقول «إنهم بصمت ومن دون إعلان يسمحون لتجار ماس إسرائيليين بدخول دبي. وهم يريدون المتاجرة مع إسرائيل، لكنهم يخشون ردود فعل الإيرانيين والسوريين واللبنانيين الموجودين هناك بكثرة، لذلك يفضلون عدم الحديث عن علاقاتهم بإسرائيل».
وكانت علاقات بديحي بدبي وحجم تجارته قد تكشفا في دعوى قدمها ضده مصرف «مزراحي» قبل خمس سنوات. وبديحي، الذي يصنف نفسه على أنه تاجر ماس غير كبير، أبرم صفقتين مع تاجر من دبي، أسمته الصحيفة الإسرائيلية حسام قليلات ادلبي، الأولى بمبلغ 221 ألف دولار والثانية بمبلغ 283 ألف دولار. وتاجر الماس دفع عبر شيكات شركة باسمه في هونغ كونغ وعبر شيكات شخصية. وأودع بديحي الشيكات الشخصية في مصرف «مزراحي». وذهبت الشيكات هباء. ولذلك ادعى بديحي على المصرف، وفاز بالدعوى إذا فرضت المحكمة على المصرف دفع تعويض له.
واعتبر بديحي أن إحدى مزايا بورصة دبي أنه لا يتواجد فيها الكثير من التجار الإسرائيليين. ويقول «هذه ميزة كبيرة لي لأن المنافسة أقل. فهناك تجار من كل أرجاء العالم، لكن ليس الكثير من الإسرائيليين. يصعب جداً منافسة الإسرائيليين. مريح لي العمل في مكان لا يكثر فيه الإسرائيليون».
ويصف تجار ماس إسرائيليون يزورون دبي الأجواء هناك باللطيفة، ويشيرون إلى أنهم لم يشعروا أبداً بالخوف ولا بالعداء. وأكد بديحي أنه دخل دبي بجواز سفر إسرائيلي بالتنسيق مع مضيفيه في بورصة الماس. ويشرح «إنهم ينقلونني من المطار وكأنني ديبلوماسي. وأنا أجول هناك بحرية، لكنني لا أشهر إسرائيليتي. عندي بطاقة أعمال مع عنوان في نيويورك، وأتحدث الإنكليزية، وأتلفظ أحياناً بالعربية، لكني أعرف نفسي كأميركي. في بورصة الماس يعرفون أني إسرائيلي. ولا مشكلة لديهم».
من جهته، يقول ابن زوهر «أدرت هناك نقاشاً. كلهم يعرفون اسمي، ولم أقل اني إسرائيلي، وكلهم تظاهر بأني لست إسرائيلياً ولم تكن هناك مشكلة. هم يريدونك، ولا يهم أنك إسرائيلي».
وليس بوسع ليفاييف إخفاء هويته الإسرائيلية. في دبي يعرفون جنسيته الحقيقية. وفي العام 2008، طلب دعاة حقوق إنسان أميركيون من حكومة دبي منع ليفاييف من فتح متجرين هناك بسبب مشاركة شركتي بناء من شركاته في بناء المستوطنات. وبعد عامين، حاولت متاجر ليفاييف إخفاء جنسيته عبر الادعاء أن الماس المبيع في «ليفانت» من مناجم جنوب أفريقية ومصقول في نيويورك. وأكد المتحدث بلسان المتجر ممواجي مويدو أنه «لا صلة لنا بإسرائيل، نحن ماركة أميركية».
ويشير التحقيق المنشور في «معاريف» إلى أن بورصة الماس في دبي أنشئت قبل ثماني سنوات، وحظيت بدعم إسرائيلي من خلف الكواليس. ويضيف أن بورصة دبي ممتنة لبورصة إسرائيل، وقد أعلنت مديرة بورصة دبي نورا جمشير عند افتتاحها، أنه لا مشكلة تنتظر حصول الإسرائيليين على تأشيرة دخول إلى دبي. وأشارت إلى أن تجار الماس الراغبين في دخول دبي يمكنهم إرسال صورة عن جواز السفر ومعلومات عن الرحلة وخلال ثلاثة أيام سيحصلون على التأشيرة. وأضافت أن «كل المطلوب من عضو البورصة الإسرائيلية هو أن يجلب بضاعة معه». ومعروف أن جمشير كانت قد زارت إسرائيل بعد عام ونصف عام على إنشاء بورصة دبي.
وبحسب مصدر مطلع على صناعة الماس، فإن العلاقات طيبة منذ إنشاء بورصة دبي، وأنه «في المواضيع المبدئية هناك تنسيق. وفي المحافل الدولية مواقفنا منسقة وموحدة».
وقبل إنشاء بورصة دبي كانت تجارة الماس ضعيفة وبلغت حوالي خمسة ملايين دولار، لكنها في السنوات الأخيرة بلغت 35 مليار دولار، من بينها ماس إسرائيلي بقيمة 300 مليون دولار.
تجدر الإشارة إلى أن صادرات إسرائيل من الماس تراجعت في النصف الأول من العام 2012 وبلغت حوالي 3,5 مليارات دولار. وكانت إسرائيل قد صدرت ماساً في العام 2007 بقيمة سبعة مليارات دولار.
وبحسب التحقيق، فإن المدير الحالي لبورصة الماس في دبي أحمد بن سليم يفضل رؤية الجانب الأيديولوجي في تجارة الماس بين الدولتين. وهو يعتبر أن «بورصة دبي تشجع على التسامح بين العرب واليهود».
ويتحمس تجار الماس الإسرائيليون للتعاون. ويقول آفي باز «لو كان التجار هم قادة السياسة لأقيم السلام منذ زمن. فنحن نلتقي في أرجاء العالم مع تجار من لبنان ودول عربية أخرى يمكنهم أن يشتروا ماساً فقط عن طريق دولة ثالثة. وعندما يكون بالوسع كسب المال، لا يهم من أين، نحن على استعداد للعمل».
ويشدد ابن زوهر على أن «العلاقات مع الصين واندونيسيا بدأت بواسطة تجارة الماس. فتجار الماس هم سفراء جيدون. أولا يأتي الماس وبعده الديبلوماسية».
لكن الخبير في التجارة مع دول الخليج اسحق جال من «مركز ديان» في جامعة تل أبيب يعتبر أنه «لا ينبغي تعليق الآمال على تجارة الماس كفاتحة لأبواب السلام في المنطقة. فالقصة هنا لا تتعلق بآلاف العاملين، وإنما ببضعة تجار يصلون إلى دبي لبيع بضائعهم، والسلام لن يتحقق ببضعة أكياس فيها حجارة ماس».