الولايات المتحدة تنشر وثائق جديدة عن موقفها خلال حرب تشرين/أوكتوبر 73

الولايات المتحدة تنشر وثائق جديدة عن موقفها خلال حرب تشرين/أوكتوبر 73

الصحف العبرية

الجمعة، ٢٢ يوليو ٢٠١١

كشفت وثائق سرية للخارجية الأميركية عن حرب 1973 نشرتها صحيفة "هآرتس" ان الاستخبارات الاميركية قدرت ان ميزان الاسلحة التقليدية يميل لصالح الدول العربية، ما من شأنه ان يدفع اسرائيل الى التفكير في تهديد هذه الدول باسلحة نووية. وقالت الصحيفة الاسرائيلية:
ان تلك التفصيلات وردت في مستندات تتعلق بالحرب العربية الاسرائيلية عام 1973، وظلت تصنف على انها سرية حتى يوم الخميس حيث قامت الدائرة التاريخية بوزارة الخارجية الاميركية بنشرها في وثائق "العلاقات الخارجية للولايات المتحدة".
وكشفت تلك الوثائق التي يصل عددها إلى 1300 وثيقة عن تفصيلات تتعلق بحرب أوكتوبر/تشرين (او حرب يوم الغفران كما تسميها إسرائيل). ومن الشخصيات البارزة في الوثائق الرئيس الأميركي انذاك ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر، ورئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مئير ووزير الدفاع الاسرائيلي موشيه ديان والرئيس المصري أنور السادات والعاهل الأردني الملك حسين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات. وقد تبادل نيكسون الاراء مع عرفات بصورة سرية عن طريق قائد مجموعة ايلول الاسود واحد مساعدي عرفات الرئيسيين علي حسن سلامه.
ورغم ان القصور السياسي والعسكري والاستخباراتي الاسرائيلي في هذه الحرب اصبحت معروفة، فان نشر المستندات يضيف طبعة رسمية الى حقائق كثيرة مثيرة ومنها المستندات المتعلقة بمواجهة الغموض المتعلق بالاسلحة النووية الاسرائيلية.
وفي 27 تشرين الثاني (نوفمبر)، أي بعد حوالي شهر على الحرب، التقى نيكسون وكيسنجر مع زعماء الكونغرس. وسأل زعيم الاغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ مايك مانفيلد "هل لدى مصر واسرائيل القدرة على انتاج اسلحة نووية؟"
واجاب كيسنجران"لدى اسرائيل القدرة على انتاج عدد قليل منها. وليس مصر. ولا نعتقد ان السوفيات ساعدوهم في انتاجها. وفي استخدام اسرائيل اسلحة نووية، فان السوفات كانوا سيواجهون ذلك وسيكون الوضع خطرا جدا على اسرائيل".
وفي اواخر ايام الحرب في 24 تشرين الاول (اكتوبر) اصدرت وكالة الاستخبارات العسكرية في البنتاغون تقييما سلبيا حول قدرة اسرائيل على الحاق الهزيمة بالجيوش العربية في المستقبل.
وجاء في هذا التقييم ان "مهما خرجت من الصراع الحالي بشكل جيد، فان الاسرائيليين لن يكون لمقدورهم الثقة بتحقيق نصر سريع وحاسم في المستقبل".
وحسب ذلك التقييم فان الجيش الاسرائيلي لم يكن لديه ما يكفي لتأكيد امن اسرائيل في المستقبل. فقد جاء في ذلك التقييم ان " من بين الخيارات: ضمان دولي لحدود اسرائيل، ضمان عسكري اميركي احادي لتلك الحدود، او بيان عام بتصميم اسرائيل على استخدام السلاح النووي لضمان تماسك اراضيها".
وكان اخر الخيارات وفق تقييم البنتاغون يعتمد على الاعتقاد بان "اسرائيل لديها او انها ستحصل قريبا على السلاح النووي"، وان اسرائيل ستسعى الى ردع الهجمات العربية مستقبلا بتهديد استخدام السلاح النووي ضد مواقع مثل القوات العربية والمدن والموانئ والاماكن المقدسة والسد العالي في اسوان. غير ان هذه السياسة الاسرائيلية يمكن ان تثير معارضة على نطاق العالم. وستجد الولايات المتحدة بناء عليه صعوبة كبيرة في تقف الى جانب مثل هذه السياسة الاسرائيلية. من ناحية اخرى، فقد يكون لدى العرب الرغبة في القيام بهجوم رغم التهديد بالردع. فقد يكون لديهم الاعتقاد (1) ان اسرائيل لن تنفذ تهديدها (2) انهم سيحققون الانتصار حتى اذا استخدمت اسرائيل الاسلحة النووية، ربما بمساعدة وسائل غير تقليدية مثل الاسلحة الكيماوية او البيولوجية، أو (3) ان الحصول على فوائد مهمة من نتائج ردود الفعل الدولية في حال تنفيذ اسرائيل لتهديداتها".
وذكر موقع "عرب 48" ان الوثائق تكشف عن أن بعض الخطط العسكرية المصرية والسورية وصلت إلى إسرائيل والولايات المتحدة، إذ تفصل إحدى الوثائق الخطط العسكرية وتقول إن الخطة العسكرية تشمل هجمات ليلية من ثلاث كتائب "لتطهير" الخطوط الأمامية الإسرائيلية في الجولان، وفي اليوم التالي تقوم كتيبة سورية مدرعة باحتلال الجولان بشكل كامل، فيما توفر العراق كتيبتين للدعم وقت الحاجة. كما تشير الوثيقة إلى وصول أسلحة سوفيتية إلى سوريا قبل الحرب بشهرين وتشمل صواريخ أرض - جو ودبابات وطائرات ورادارات متطورة.
أما على الجبهة المصرية، فتشير الوثيقة إلى وصول طائرات مقاتلة من ليبيا والعراق إلى مصر، وقالت إن مصر وسوريا تضغط على الأردن للانضمام إلى القيادة العسكرية المشتركة. وقدرت الوثيقة أن تبادر سوريا إلى الحرب أولاً تلحقها عمليات مصرية على طول قناة السويس.
وتظهر إحدى الوثائق إنه في العشرين من أيار (مايو) 1973 حذر حافظ اسماعيل، مبعوث الرئيس المصري، كيسنجر من الحرب في ظل إنسداد الأفق السياسي وأن الحلول المطروحة تطالب مصر بتقديم تنازلات ضخمة وغير مقبولة، وتساءل إسماعيل خلال لقائه بكيسنجر: "ماذا تبقى لنا سوى العمل العسكري؟".
وقدّرت المخابرات الأميركية المركزية (سي آي إيه) ثلاثة أيام من اللقاء المذكور أن احتمالات التصعيد على الجبهة المصرية - الإسرائيلية خلال الأسابيع المقبلة ضئيلة، واستبعدت حرباً أخرى على غرار حرب 1967 أو حرب الاستنزاف. وقدّرت المخابرات الأميركية أنه بأسوأ الأحوال ستبادر مصر إلى عملية كوماندو محدودة أو قصف مدفعي سيليه رد إسرائيل قوي جداً.
في المقابل، بيّنت وثيقة أخرى أن قسم الأبحاث والتقديرات في الخارجية الأميركية خالف تقديرات المخابرات الأميركية المركزية، وحذر يوم 13 أيار (مايو) من نشوب حرب بمبادرة السادات "لكسر الجمود السياسي". لكن بعد ثلاثة أشهر تراجع رئيس القسم، راي كلاين، عن تقديراته واستبعد نشوب حرب.
وينسب الموقع الى "هآرتس" التي اطلعت على الوثائق، ان نص المحادثات بين نيكسون وكيسنجر تنفي "نظرية المؤامرة" بأن الحرب كانت مؤامرة أميركية بالتنسيق مع أحد الطرفين، الإسرائيلي أو المصري، بهدف كسر الجمود السياسي، إذ تبيّن المحادثات أن نيكسون وكيسنجر قللا من تحذيرات السادات من عملية عسكرية وقررا عدم الضغط على إسرائيل لإحداث اختراق سياسي، إلا بعد إجراء الانتخابات التشريعية في إسرائيل في شهر تشرين الأول (أكتوبر)، وذلك لعدة أسباب منها خشيتهما من ردة الفعل في أوساط اليهود الأميركيين.
وعندما نشبت الحرب، قدّرت المخابرات الأميركية المركزية أن لا تطول عن أسبوع، لعدم جهوزية الطرفين لحرب طويلة، وقدرت أن إسرائيل ستقوم خلال أيام بصد الهجوم السوري على الجولان وبدفع القوات المصرية إلى خلف قناة السويس.
وبيّنت الوثائق أن البنتاغون تجند بشكل كامل لنوفير الدعم العسكري لإسرائيل عبر "جسر جوي"، فيما كشفت وثائق أخرى أن كيسنجر تولى الاتصالات الخارجية الأميركية فيما كان الرئيس نيكسون يواجه فضيحة ووترغيت، وإنه في الحادي عشر من تشرين الأول (أكتوبر) رفض طلب رئيس الوزراء البريطاني، إدوارد هيث، بالتحدث الى نيسكون عبر الهاتف، وبرر ذلك أن الرئيس مشغول فيما الحقيقة كانت هي الرئيس كان ثملاً.