اليد واحــدة.. بقلم:  د. اسكندر لوقــا

اليد واحــدة.. بقلم: د. اسكندر لوقــا

تحليل وآراء

الاثنين، ١٢ ديسمبر ٢٠١٦

لم يعد مخفياً على أحد أن الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة البريطانية تشكلان طرفاً واحداً فيما يتصل بالعمل السياسي في عموم منطقتنا،  فأمريكا هي بريطانيا وبريطانيا هي أمريكا وذلك بالرغم من كل الاجتهادات والظواهر التي تدل على غير ذلك.
وفي هذا السياق ثمة شهادة بل أكثر من شهادة على هذه الحقيقة، ومن ذلك، على المثال لا الحصر، ما ذكره ذات يوم في عام 1950 مستر إيرنست بيفان وزير خارجية بريطانيا إذ قال بوضوح تام: "إن دور الولايات المتحدة الأمريكية، بعد الحرب العالمية الثانية، يأتي في المركز الأول بين الأدوار التي لعبتها دول الغرب لقيام إسرائيل" .ومن هنا يتضح أن بريطانيا لا تستطيع أن تدعي بأنها وحدها صاحبة "اليد البيـضاء" إن صح التشبيه، في هذا الإنجاز سيئ الذكر.
ولكن الغريب، في هذا الأمر، هو اعتراف الحكومة البريطانية، بأنها ليست وحدها صاحبة هذا العمل المشين في تاريخ المنطقة، بل هي شريكة في صنعه. ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، غالباً ما تؤكد أحداث المنطقة بأن ثمة يداً واحدة وراء كل حدث، وبالتالي ثمة عمل تشاركي بين واشنطن ولندن، فيما يتصل بأي حدث له وزنه وتبعاته هنا أو هناك، سواء في منطقة الشرق الأوسط أم في باقي قارات العالم.
إن ما ذكره بيفان في عام 1950، يمكن ذكره في كل عام بعد هذا التاريخ، لأن ما تعاني منه منطقتنا في الوقت الراهن هو من صنع أمريكي، صاحبة اليد الطولى في خلق عصابات داعش وتوابعه، وبدعم خاص من بريطانيا ، فضلاً عن مؤازرة جادة من بعض العرب وعلى رأسهم السعودية وقطر إلى جانب تركيا.
وبطبيعة الحال، إن عملاً كهذا لا بدَّ أن يلقي على كاهل دولة الكيان الصهيوني بعض الالتزامات، سواء بالنسبة لعلاقتها مع الولايات المتحدة أو مع بريطانيا، ولهذا يلاحظ اليوم ما يشبه تبني هذا الكيان الدخيل فوق أرضنا من هاتين الدولتين، كما يلاحظ ، في الوقت ذاته ، مقدار مقاربته المصالح الأمريكية والبريطانية في المنطقة لمصالح الأطراف المعادية لشعوب منطقتنا، بذرائع مختلفة أهمها الحرص على الإنسان وحقه في العيش بكرامة فوق أرض وطنه.
ومع كل هذا تبقى النيات المخبأة أكثر من أن تكون مجرد نيات سيئة في نفوس الغرب بمجموع دوله وأطرافه لما بين الكيان الصهيوني وبين تلك الدول والأطراف من تعهدات والتزامات مرئية وغير مرئية.
iskandarlouka@yahoo.com