حلب.. جوكندا سورية

حلب.. جوكندا سورية

تحليل وآراء

السبت، ٢٤ ديسمبر ٢٠١٦

هنا سجدوا.. وعلى جدرانها بعض من خيالات الشهداء مازال يرقص، وأنين جرحاها الذي صار موسيقى لأغنيات الفرح ما سيبقى يردد، "هنا سجدوا" ولهم وحدهم يحق الفرح لأن دمائهم انتصرت على سكين الذباح، ولهم أن يفخروا أن أرواحهم أزهرت "نصراً من الله وفتح قريب".
في هذه المدينة التي تشبه "جوكندا" الحرب التي تغص بابتسامة فرحها لأنها تعرف أن درب النصر طويل، ما زال الجندي الذي أوصته أمه أن يعود سالما يلملم ما تيسر من متاع ليمضي إلى جبهة جديدة، فالحرب لم تنته، ويحير ما سيقول لأمه لو سألته: (ألم تتعب..؟).
لو تعبت يا أماه لما انتصرت حلب، وإن تعبت يا أماه لن تنتصر إدلب والرقة ودير الزور ودرعا، ولن تسمعي أغنيات الشمس في تدمر ثانية، لو تعبت لن تريني مرة أخرى. تبتسم أمه وتقول في سرها: (كنت أعرف الإجابة).
في أزقة حلب الشرقية، يفتش الرجال في بقايا (أشباه الرجال)، كومات من شعر لحاهم التي كانو يزعمون بها "فحولة" لا تقهر، ولاأثر لبياض قباعتهم التي زعموا أنها قبعات لحماية المدنيين، ويسأل جندي أخاه: "لما هربوا إن لم يكونوا مسلحين..؟".
على زاوية أخرى تجد جنديا يلف سجارته على مهل، عيناه الشاخصتان نحو الطريق المؤدية إلى الريف الغربي لحلب تعد المسافة بالخطوة، يشعل سجارته وينفث دخانها في السماء ليقول: "اختفوا كما سيختفي هذا الدخان.. لكن سنتبعهم حتى الرصاصة الأخيرة"، ويرمق عبارات التهديد بالعودة التي كتبها من خرجوا مكبلين بالذل على متن الباصات ويسأل رفيقه: "لو كنت مسلح.. أكنت ستكتب الشقاء على أطفال وتصطحبهم إلى الجبهة..؟".
لهذه المدينة حراسها، لو وهنوا لماتت كل حكاياتها، لو تعبوا لما رأيت جنديا يلتقط صورة "سيلفي" ويرسلها لزوجته مزهوا بأنه واحد من صناع زمن "ما بعد حلب"، لو وهنوا لتمكن رعاة الموت من الاستمرار في نشره على هذه الأرض، سيدة الأرض.
لا يهم ما يقول المهزومون، ولأنهم مهزومين سيقول أحدهم "انتصرت روسيا في حلب" وسيقول آخر: "انتصرت إيران"، ولعل ثالثهم سيقول" انتصر حزب الله"، لكن الحقيقة تقول: "انتصر رجال الله السوريون وحلفائهم" ولعل الحليف يعرف تماما أنه لم يقدم لهذه الأرض بقدر ما قدم أصحابها، وكذلك يعرف العدو أنه يكذب ليرقع وجهه ببعض من مبررات.
سيأتيك الرجال يا إدلب فتصَّبري ببعض من صلاة، وسيأخذ الرجال ما يستيطعون من خبر وفرح للمحاصرين فيك أيتها العروس الفراتية الموال، وسيأتيك الصادقون بوعدهم يا رقة القلب، وسيكون نصر أخضر كنجمتي العلم، فلله ذرك يا حلب.. أي فرح وأي أمل وهبت السوريين بابتسامتك أيتها "الجوكندا".
عاجل الاخبارية