بين الأولوية العسكرية وتهميش «المعارضين» .. بقلم: سامر علي ضاحي

بين الأولوية العسكرية وتهميش «المعارضين» .. بقلم: سامر علي ضاحي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٣ يناير ٢٠١٧


شهد الأسبوع الماضي تطورات دراماتيكية متسارعة تلت الإعلان الروسي التركي عن محادثات بين الحكومة السورية والمعارضة في العاصمة الكازاخية أستانا، حاول المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا استكمالها بإعلان عن جولة محادثات جديدة في جنيف نهاية الأسبوع الأول من شباط المقبل، ولعل التطور الأهم كان المحادثات التي جرت في أنقرة بين قادة «الفصائل المسلحة» التي لها نفوذ على الأرض أثمرت عن اتفاق لوقف إطلاق النار بات يحكم قطعياً على كل «فصيل» لا يوقعه أنه إرهابي، وإن كان اعتبر مسبقاً أن تنظيمي داعش و«النصرة» إرهابيان لا ينطبق عليهما الاتفاق، رغم ما أثير حول استثناء «النصرة» من بعض الجهات المعارضة.
ويخول الاتفاق قادة «الفصائل» بتشكيل وفد إلى محادثات أستانة التي لم ترسل الدعوات إلى أي جهة كانت، ومع ذلك يمكن التنبؤ بأن أستانا ستكون مخصصة لبحث الترتيبات على الأرض بما يوصل إلى اتفاق شبه نهائي بين الجيش العربي السوري من جهة و«الفصائل المسلحة» من جهة أخرى على أن تترك صياغة اتفاق العملية السياسية النهائي إلى الدبلوماسيين الذين سيلتقون في 8 شباط بجنيف لصياغة رؤية نهائية للحل السياسي لا يبدو أنها ستتجاوز ما يسمى «حكومة وحدة وطنية» وفق ما تتمناه الحكومة السورية لكن من المرجح ألا تثير التفاصيل النهائية رضا الأخيرة.
أما التحدث عن مرحلة اختبار نوايا للاتفاق المعقود في أنقرة برعاية روسية تركية فلا مجال له في ظل تأكيده أن الطرفين التركي والروسي يضمنان الأطراف المتحاربة على الأرض من جهة وينسقان معاً ضد داعش من جهة أخرى لاسيما في مدينة الباب شمالي حلب مع الإعلان عن غارات روسية تشارك في عملية «درع الفرات»، وسط أنباء عن توغل تركي في إدلب يبدو أنه لصياغة وضع مماثل ضد «النصرة».
وبالنظر إلى ما سبق يبدو أن الروس نجحوا بعد أن حيدوا واشنطن عن ترتيبات المراحل النهائية الممهدة لحل الأزمة من جهة ولم يثيروا غضب إيران الكامل من جهة أخرى على اعتبار أن طهران عضو في الاتفاق الثلاثي الذي جرى في موسكو في 20 الشهر الماضي ونتج عنه «وثيقة موسكو» التي تشدد على أن الدول الثلاث ضامنة لاتفاق سوري سوري، ومع ذلك لم يهمل الروس بنية النظام الدولي بعد اتفاق أنقرة فتواصلوا مع واشنطن حوله وأشاروا من تحت الطاولة إلى أن أستانا لن تعقد قبل تبوؤ الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب منصة البيت الأبيض.
وإذا كانت موسكو أطلعت دمشق على اتفاق أنقرة وكان توقيعها مطلوباً حتى لو على مستوى نائب قائد العمليات في الجيش العربي السوري، إلا أن المعارضة على اختلاف مشاربها لا دور لها حتى اليوم بل تحاول اللهاث لدعوة هنا ولدعوة هناك وكما أسلفنا بأنها قد تكون مبعدة كاملاً عن أستانا فإن التسابق بات باتجاه جنيف ليس لمصلحة سورية رغم كل ما يتشدق به المعارضون، لأن معظمهم كانوا مسؤولين في حكومات سابقة، ومجرب المجرب عقله مخرب، إلا أن اللهاث الحقيقي بات اليوم لأن جنيف قد تثمر عن محاصصة حكومية ترمى للمعارضة فيها بعض الوزارات وقد تكون بلا حقائب حتى.
وبمقارنة بسيطة بين أستانا وجنيف يبدو أن القوى المؤثرة في الأزمة السورية لم تضع أولوية محاربة الإرهاب فقط بل أقرت بأن الوضع الميداني يرسم خطوط التفاوض فعملت على تثبيت وقف لإطلاق النار، وبات الحل العسكري ممهداً للحل السياسي حتى وإن أكد الجميع أن لا حل عسكرياً للأزمة السورية.
ورغم محاولة البعض سوق الاتفاق في أنقرة ليسري على حزب اللـه وحلفاء الجيش العربي السوري إلا أن ذلك يتنافى مع ما أوردته الوثائق المسربة حتى الآن عن بنوده، والدليل أن رئيس الدبلوماسية السورية وليد المعلم ورئيس مكتب الأمن الوطني علي مملوك وصلا إلى طهران في اليوم الأخيز من السنة الفائتة حيث جرت متابعة التباحث مع منسق التحالف الروسي السوري الإيراني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني حول الاتفاق وتفاصيله وربما إمكانية متابعة ما سيستجد في أستانا من محادثات عسكرية قد تتناول مستقبل «الفصائل» والتواجد العسكري في سورية رغم أن التواجد إلى جانب الجيش العربي السوري كان وفق القوانين الدولية التي تبيح لكل حكومة الاستعانة بمن تشاء من الدول والقوى ولا تبيح ذلك لغيرها ممن تسميهم «المتمردين» كما يحلو للبعض أن يطلقوا على «الفصائل» المسلحة.

الوطن