ترامب في مواجهة إرهاب الداخل..بقلم: رفعت البدوي

ترامب في مواجهة إرهاب الداخل..بقلم: رفعت البدوي

تحليل وآراء

الاثنين، ١٦ يناير ٢٠١٧

لم يكن مألوفاً وقوف رئيس الولايات المتحدة المنتخب أمام أهل الصحافة موجهاً اللوم وأصابع الاتهام لأجهزة المخابرات الأميركية وبعض المؤسسات الإعلامية الأميركية متهماً إياها بالتواطؤ مع الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها بأنها وراء اختلاق تقارير ملفقة وأخبار كاذبة أدت إلى تسهيل افتعال أحداث ما يسمى الربيع العربي. ترامب لم يكتف بهذا بل واصل إطلاق سهام اتهاماته باتجاه الخارجية الأميركية في عهد «هيلاري كلينتون» معتبراً إياها المسؤولة المباشرة عن نمو تنظيم داعش في المنطقة بالتسليح والتدريب بتمويل من أموال النفط التابعة لبعض الدول العربية.
إن مثل هذا الموقف يعتبر أمراً غير مسبوق في تاريخ رؤساء الولايات المتحدة منذ تأسيسها، وهذا يقودنا للاستنتاج أن نمطاً أميركياً جديداً بطريقه للتنفيذ في التعاطي مع ملفات حساسة كالإرهاب وخصوصاً الذي تشهده بلادنا العربية.
اللافت أن تلك الانتقادات التي أطلقها ترامب جاءت متزامنة مع ما أعلنت عنه جريدة الواشنطن بوست الأميركية بتسليط الضوء على العملية العسكرية البرية التي قامت بها قوات خاصة أميركية في مدينة دير الزور إلى الشرق من سورية بمحاذاة نهر الفرات والتي تعتبر المعقل الرئيسي لتنظيم داعش الإرهابي.
الصحيفة عينها ادعت نجاح القوات الخاصة الأميركية في الإجهاز على عدد من الإرهابيين الخطرين، إضافة إلى اعتقال عدد من القادة الكبار في تنظيم داعش الإرهابي في محاولة دعائية مكشوفة لإظهار إمكانيات أميركا العسكرية والجدية المزيفة في محاربة الإرهاب أينما وجد وفي أي بقعة على وجه البسيطة.
عملية القوات الخاصة الأميركية في دير الزور جاءت مترافقة مع عملية دهس فدائية بطولية في مدينة القدس أسفرت عن مقتل أربعة جنود صهاينة قام بتنفيذها المقاوم البطل (فادي أحمد حمدان القنبر) وهو من سكان المدينة نفسها، ففي العملية الأميركية في دير الزور والتي روجت لها أميركا عبر صحفها ووسائل إعلامها المرتبطة بأجهزة مخابراتها مهللة بنجاح قواتها الخاصة في قتل واعتقال العديد من القادة الميدانيين المطلوبين في تنظيم داعش لم تكن سوى ادعاءات دعائية استخبارية بحتة، بيد أن المعلومات الخاصة من داخل مدينة دير الزور ومن مصادر واسعة الاطلاع تؤكد أن القوات الأميركية التي شاركت بعملية الإنزال المزعومة لم تقم باعتقال أي من المسؤولين العسكريين التابعين للتنظيم، وأن جل ما قامت به القوات الأميركية في دير الزور هو عبارة عن عملية إجلاء لبعض الضباط الكبار من دول عدة تابعة لجنسيات عربية منها سعودية وقطرية وحتى بعض العاملين في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الذين شاركوا بالحرب التي كانت دائرة في عدة مناطق في سورية.
وفي أمر متصل: فإن عملية الدهس الفدائية التي قام بتنفيذها الشهيد البطل الفلسطيني (فادي أحمد حمدان القنبر) لاحظنا أن رئيس وزراء العدو الإسرائيلي سارع لاتهام تنظيم الدولة الإسلامية أي تنظيم داعش في محاولة دعائية مكشوفة الهدف منها تبرئة إسرائيل وأجهزة مخابراتها من تعاونها مع تنظيم داعش وأيضاً للإيحاء للرأي العام بأن إسرائيل باتت الضحية والمستهدفة من تنظيم داعش.
وتأكيداً لعدم صحة ما ورد في صحيفة الوشنطن بوست واتهام نتنياهو لتنظيم داعش فإن موقع بلاك ليستد (Blacklisted) الأميركي كشف في التاسع من الشهر الحالي النقاب عن معلومات بغاية الخطورة تحمل مخططاً أميركياً إسرائيلياً مشتركاً أساسه مؤازرة أميركية بتعزيز قدرة تنظيمات إرهابية في كل من دير الزور والحسكة واستبدال المواجهة المباشرة مع قوات الجيش العربي السوري والحلفاء إلى مواجهة معقدة من نوع آخر تهدف إلى ضرب الركائز الأساسية لمقومات الدولة السورية وهذا ما يفسر إقدام تنظيم داعش على تدمير منشآت النفط والغاز في عدة مناطق في سوريه، إضافة إلى نسف منبع مياه الفيجة الذي يعتبر المغذي الرئيس للعاصمة السورية دمشق بمياه الشرب وتلويث مجرى نهر بردى وضرب منشآت الكهرباء السورية.
إن الغارة الإسرائيلية على مطار المزة العسكري واغتيال المسؤول عن ملف المصالحة الوطنية اللواء أحمد الغضبان لهو دليل واضح على إصرار الإدارة الأميركية وإسرائيل بتقويض انتصار سوريه الإستراتيجي على الإرهاب في حلب ومنع اكتمال المصالحات الوطنية.
يبقى السؤال: هل سينجح ترامب بالقيام بإصلاح وتصحيح عمل أجهزة الولايات المتحدة الأميركية الاستخبارية والإعلامية التي سببت مآسي الوطن العربي ونشهد نمطاً جديداً من التعاطي الأميركي في محاربة الإرهاب أم إن ترامب سيرضخ كما رضخ أسلافه؟
بين نجاح ترامب في مواجهة إرهاب الداخل الأميركي وإصلاح أجهزة إدارته وبين الاستمرار في نمط أسلافه تبقى المنطقة وسورية تحديداً عرضة لتخريب الانتصار العسكري والحل السياسي.

الوطن