الأستانة يمهّد لجنيف.. دمشق تحدد بشجاعة خطوط التسوية

الأستانة يمهّد لجنيف.. دمشق تحدد بشجاعة خطوط التسوية

تحليل وآراء

الخميس، ١٩ يناير ٢٠١٧

عباس ضاهر
استعداد سوري لكل الاحتمالات السياسة والعسكرية، يُمكن رصد ذلك في الميدان من أرياف حلب إلى محيط تدمر أو وادي بردى في ريف دمشق، ولم يعد التراجع في قاموس الجيش السوري رغم تطورات دير الزُّور التي فرضت تقدماً نسبياً لتنظيم "داعش" في الأيام الماضية، لكن الهجوم تكسّر أمام دفاعات الجيش السوري، هنا بدا أن التنظيم الإرهابي يريد فرض نفسه رقماً صعباً بعد تحول حلب؛ لاستمالة كل المهزومين الذين كانوا يقاتلون في صفوف جبهة النصرة، علماً أن هناك بُعداً آخر في خطة "داعش" يتعلق بالهجوم عليه في الموصل.
عادة يلجأ التنظيم لمساحات آمنة في الصحراء والأرياف فهو يريد الحفاظ على قاطع ديرالزور - الرقة بعد صعوباته في الموصل، والمهم بالنسبة إليه بادية الشام والصحراء العراقية الغربية، نقطة ضعف التنظيم هجوم الكل عليه، فأراد نقل المعركة إلى ساحات عدوه الأخطر أي الجيش السوري، خصوصاً أن سقوط الموصل كما هو محتمل لديه، يحتاج لتعزيز الجبهة السورية فأتى هجوم دير الزور لتأخير حملة الجيش السوري على الشرق بدءاً من تدمر.
كلها محطات ميدانية لن تجعل الجيش السوري يتراجع عن خطته التي وضعها تحت عنوان ترجمته الأسابيع الماضية: الانتصار في أي هجوم مهما يكن.
يعود كل الفضل إلى نتائج معركة حلب التي شكلت تحولاً استراتيجياً، فقد أسقطت التقسيم، ومشاريع الفدرلة، وسورية المفيدة، وأعادت الفئات المترددة إلى حضن الدولة، وأعادت أيضاً الثقة بالدولة السورية، وأظهرت معافاة الجيش السوري بعد سنوات ست من الحرب العنيفة المفتوحة على مختلف الجبهات، وأثبتت معركة حلب صوابية القرارات التي اتخذتها القيادة السورية بعد صمود طويل.
كل ذلك أوصل إلى مؤتمر الأستانة، وتأتي أهمية هذا المؤتمر بأنه يكرس الدور الروسي في المنطقة ويحفظ للثلاثي التركي - الإيراني- الروسي مكانة أساسية في التسوية، بينما يحوّل الأميركي إلى ضيف شرف على طاولة المفاوضات بعد ما كان اللاعب الأساسي في الساحة السورية.
أظهر مؤتمر الأستانة المرتقب إضعافاً للدور الخليجي، وشكل توطئة لجنيف3 وفق المعادلة الجديدة التي ترسخت بعد حلب، وكأن هناك فريقاً أو محوراً انتصر ويخفي إعلان الانتصار، ومحوراً هُزِم ولا يريد إعلان الهزيمة.
قد لا يصل المؤتمر إلى حد أحداث تحول في المفاوضات والمطلوب تعزيز وقف النار لا أكثر، وتحقيق أهداف بالجملة تصب في مصلحة الدولة السورية، فك ارتباط مجموعات مسلحة ببعضها البعض، باعتبار أن هناك من يشارك وهناك من يرفض، هذه القضية مهمة جداً؛ لأنها تأتي ترجمة للقرار الدولي 2254، والذي قضى بفرز الفصائل وقتال المعتدلين للإرهابيين.
سرّع المؤتمر من صدور تناقضات بين الكتل السياسية الداعمة للمعارضة فالنصرة تعيش أزمة حقيقية فإما الالتحاق بالتركي، أو الارتباط بالقاعدة والإخوان المسلمون، الذين يراهن عليهم رجب طيب أردوغان لاستصلاح مجموعاتهم يتخبطون في خياراتهم، وتحاول أنقرة إقناعهم بالربح بالسياسة ما خسروه في العسكر، لذلك جاء هجوم أيمن الظواهري على الإخوان.
لازال التركي يلعب لعبته ضد دمشق، رغم معرفة موسكو التي تريد الاستثمار بالأتراك ولو بالحد الأدنى من النتائج لإضعاف الدور الأميركي وإبعاد دول الخليج، هذا ما يحصل الآن رغم الحديث عن موافقة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب على الخطوات الروسية في سورية.
بجميع الأحوال كل الاحتمالات واردة لكن المؤكد أن سورية ستستثمر انتصاراتها، وستوسع دوائر الأمان في الميدان من تدمر إلى السخنة، ومن ريف حلبي إلى ريف دمشقي،  ومن هنا جاء تحذير حلفاء دمشق بأنهم سيكونون بالمرصاد في وجه أي محاولة هجوم على المصلحة السورية في زمن الهدنة والمفاوضات.
عاجل الاخبارية