هل حقاً يجب علينا أن "نقرأ"؟.. بقلم: بسام القاضي

هل حقاً يجب علينا أن "نقرأ"؟.. بقلم: بسام القاضي

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٠ فبراير ٢٠١٧

تراجعت "عادة" القراءة في الكثير من مناطق العالم، وتكاد تختفي في المنطقة العربية! إذ لا تشكل الضغوط الاقتصادية والمعاشية السبب الوحيد لهذا التراجع، بل أيضا الجهل الكبير بما للقراءة من فوائد لشخص القارئ نفسه.
ويعتبر الكثير من الناس أن الحثّ المتواصل على "القراءة" هو أمر مبالغ به، ولا يستدعي كل هذا الاهتمام.
معدل القراءة في المنطقة العربيية بلغ فقط 6 دقائق سنويا للفرد الواحد! حسب تقرير التنمية البشرية 2011. أي تماما ما يعادل ما يقرأه طفل أمريكي في اليوم!
وفيما يصدر نحو 5000 كتاب سنويا في الدول العربية، يصدر 35000 كتاب في اليابان، و85000 كتاب في أمريكا.
ويعد الرقم 1000 نموذجيا لطباعة أي كتاب في الدول العربية (سواء منها المؤلفة من كتّاب عرب أو المترجمة)، يعد الرقم 50.000 هو معدل جيد في الغرب، وتتجاوز بعض الكتب مليون نسخة.
أما "رقميا"، فعدد المدونات العربية لم يتجاوز نسبة 0.7% من مجموع المدونات العالمي.
وطبعا، هذه الأرقام تتعلق بـ"القراءة الطوعية"، أي لا تشمل ما يقرأه الطلاب في مدارسهم وجامعاتهم، ولا ملفات وتقارير العمل.
وبشكل أو بآخر، فشلت جميع المحاولات والحملات التي أطلقت في المنطقة العربية لتغيير هذا الواقع. ويختلف الباحثون في أسباب هذا الفشل.
لكن كاتبة نشرت مقالا ممتعا في "ساسة بوست" عددت فيه 14 سببا "وجيها" للقراءة.
بدأت "نورا عبد الرحمن" مقالها بالسبب الأول: "لِنهرب"! وتحته قالت أن القراءة تمكنك من الهرب من ظروفك و"أحلامك المؤجلة وآمالك المحطمة، وإحساسك بالفشل، وواقعك الأليم...".
وتتابع نورا سببها الثاني: "لنتعمق"، شارحة أن القراءة تساعد على الانتقال من "عالمنا السطحي المجوف" إلى "عالم أعمق". أعمق في الكلمات والمفردات والمفاهيم والمصطلحات، الأمر الذي يساعد على توسيع الفكر وتغيير  نظرتنا لكل ما حولنا.
سبب الكاتبة الثالث هو "لنضحك ونبكي"، إذ قالت فيه: "في صحبة الكتب أو الروايات التي تشبه حالتك، وتلمس مشاعرك، تنساب دموعك أو ضحكاتك حسب ما تكون الرواية، تعيش بداخلها وتشارك أبطالها في حبهم، وحزنهم، وفرحهم، وتشعر بدفء مشاعرهم وصدق إحساسهم".
وتتابع الكاتبة أسبابها لتعد منها "تكوين الدوافع" من خلال ما تحفزه قراءة القصص والسير الذاتية للآشخاص المميزين، و"مقابلة أشخاص" تلتقيهم وتتعرف بهم، بل و"السفر" عبر صفحات الكتب إلى مختلف أصقاع العالم دون أن تغادر مكانك، و"المعرفة" التي تحصل من الاطلاع على المعلومات على آراء الآخرين المبثوثة في الكتب.
الاسترخاء والتعلم والمقارنة والمخيلة والذخيرة اللغوية كانت أيضا من بين الأسباب التي ذكرتها المقالة التي تحثّ على القراءة بصفتها فعلا متعدد الإيجابيات.
وبينما شرحت كيف تجعلنا القراءة "نكبر" عقليا من خلال تحصيل خبرات السابقين المضمنة في الكتب، ختمت "تحريضها على القراءة" بأنها فعل لا بد منه ليصير أي منا "كاتبا" يملك أفكارا ومفردات وأسلوبا وأدوات لا يمكن بدونها أن يصير كاتبا.
لعل "نور عبد الرحمن" قد كتبت في مقالها البسيط والممتع واحدة من أفضل "المرافعات" دفاعا عن القراءة التي يخشى الكثير من المهتمين أن تكون في "طور الانقراض".
ولعل القائمين على حملات الترويج للقراءة يبتعدون قليلا عن "جليد" دوافعهم المتناسبة مع أبراجهم العاجية، ويتعلمون التسويق للقراءة بالكلمات البسيطة الجذابة والممتعة، وأيضا الحقيقية والدقيقة.