الأزمة السورية على أعتاب ذكراها السابعة: هل انتصرت سورية الأسد؟

الأزمة السورية على أعتاب ذكراها السابعة: هل انتصرت سورية الأسد؟

تحليل وآراء

السبت، ١١ مارس ٢٠١٧

بعد أيام وتحديداً في 16 آذار الجاري، تدخل الحرب السورية ذكراها السابعة. وبينما يسعى الكثيرون لإطلاق التقييمات التي تصب في صالح السياسات الكبرى، نجد أنه لا بد من تقديم قراءةٍ موضوعية حول الأزمة، بطريقةٍ تُراعي الواقع. وهنا سنُجيب على الأسئلة التالية: ما هو وضع ما تُسمى بالمعارضة السورية ولماذا تنتقل نحو مزيدٍ من التشرذم والإفلاس؟ وكيف يمكن تقييم أمريكا عرَّابة سياسات الأطراف المعادية للدولة السورية؟ ولماذا تُعتبر الدولة السورية وحلفاؤها صاحبة الإنتصار الأكبر؟

ما يُسمى بالمعارضة: نحو مزيدٍ من التشرذم والإفلاس

لا شك أن آخر ما انتهت اليه أمور الحل السياسي، هي الإنتقال من جينيف الى آستانة في منتصف الشهر الحالي حينها تصادف الذكرى السابعة للحرب على سوريا. لكن وضع ما تُسمى بالمعارضة، يتجه نحو مزيدٍ من التشرذم. وهنا نُشير للتالي من حقائق، فيما يتعلق بالمعارضين:

أولاً: إن الإنتقال من جينيف الى آستانة، لا يعني تقدماً فيما يخص الطرف المعارض. بل ما تزال هذه الأطراف بأجنحتها المتشعبة، عسكرياً وسياسياً، تعيش أوقاتاً عصيبة، تضعها في موقع الضعف وليس القوة. حيث بقيت منصة الإئتلاف والمنصات الأخرى، متمسكة بسقفها القديم من المطالب، كونها لا تملك أي أوراق جديدة.

ثانياً: تعترف أبواق المعارضة وخصوصاً وفد الرياض بإنتصار الرئيس الأسد ضمناً. فهي من خلال مضيها قُدماً في المطالبة بما يُسمى الإنتقال السياسي، تُدرك أن التطورات الميدانية العسكرية والمعادلات الجديدة المحلية والإقليمية والدولية لن تدعم الإطاحة بالرئيس الأسد. مما يدفعها للمطالبة بذلك، إيماناً منها أن الذهاب الى أي انتخابات لن يقودها لهزيمة النظام وبالتالي تسعى لإستخدام الضغوط الدولية لتحقيق ذلك.

ثالثاً: يبدو واضحاً تراجع أو انعدام الأوراق الميدانية بيد المعارضة العسكرية. وهو ما يجعلها غير قادرة على إجبار وفد الحكومة السورية تحديداً لتقديم أي تنازلات. كما أن الهدنة التي تمّ التوافق عليها  في أستانة بعد انتصار الجيش السوري في حلب، جعلت من الصعب على وفد المعارضة العسكرية الإدعاء بأي انتصارات لإستخدامها في التفاوض.

إذن، من الواضح أن المعارضة السورية تتجه نحو الإفلاس. إفلاسٌ تُعلنه السقوف الثابتة لها، وعدم وجود المرونة في الخطاب التفاوضي. وذلك يعود لأسبابٍ عديدة، أهمها تناقض المصالح بين الداعمين الإقليميين، وفقدان الأوراق الميدانية.

أمريكا تستمر في سياستها: براغماتيةُ تسعى للتقسيم!

إن أصل المشكلة ورأس حربة صانعي الأزمة هو اللاعب الأمريكي، حيث يحتضن تحت عباءته كافة الأطراف التي تقف في الخط المعادي للدولة السورية وحلفائها. وهو ما يجري على الرغم من وجود تناقضات كبيرة فيما بينهم، نتيجةً للواقع المُعقَّد الذي باتت تتصف به الأزمة. سنحاول هنا تقييم سلوك الطرف الأمريكي الذي بات واضحاً أنه ما يزال يسعى للتقسيم، دون امتلاكه القدرة الفعلية على ذلك حتى الآن. وهنا نُشير للتالي.

أولاً: لقد أعطى ترامب العديد من الإشارات المتناقضة فيما يخص الملف السوري. حيث أعلن مراتٍ عديدة نيته للتعاون مع روسيا لإيجاد حلٍ للأزمة. لكن يبدو أن تعرضه للضغوط الداخلية الأمريكية  ووجود حملة ضده وضعته في خانة العمالة، جعل من الصعب عليه المضي في تفاهمٍ يتخطى الخطوط الحمراء للعداء التاريخي بين موسكو و واشنطن.

ثانياً: بدأ التحول في الخطاب الأمريكي من موقع المُتفرج الى موقع المشارك، من خلال اقتراح واشنطن للمناطق الآمنة. وهو ما يعني محاولة بناء واقعٍ مؤهلٍ للتقسيم. فرحت تركيا حين ظنت أن ترامب قد يكون وافق على ما كان يرفضه سلفه الديمقراطي. سارعت أنقرة للتواصل مع قطر والسعودية لقطف اتفاقٍ قد يصب في مصلحة الخيار الأمريكي، وبدأ إطلاق النار بإتجاه إيران. ليعود ويصطدم أردوغان بخطوط حمراء أمريكية رافضة للمس بالأكراد. فيما سيطرت القوات السورية على مناطق كانت في حوزتهم، مما أعاد الطموح التركي الى نقطة الصفر.

ثالثاً: تبيَّن خلال الفترة الحالية أن أمريكا تنوي تسليم المناطق الآمنة للمعارضة في حال نحجت خطتها. وهو ما يعني تقسيم سوريا ضمن حسابات أمريكية لن تكون في صالح تركيا. فيما قد يكون  للأكراد الذين ينسقون مع كلٍ من أمريكا والدولة السورية، قسمٌ من الأراضي خاص بهم.

إذن، يبدو واضحاً أن أمريكا تلعب على خيوط الواقع السوري، في محاولةٍ لإيجاد أرضية لها ولو عبر أطراف حلفاء. وهو ما لا يمكن أن يحسمه إلا الميدان السوري وتطوراته المُتسارعة. فيما يبدو واضحاً أن الطموح التركي بات أكبر ويُناقض مصالح الأطراف الروسية والسورية والأمريكية.

الدولة السورية وحلفاؤها: صناعة المعادلات الصعبة!

خلال الفترة الحالية استطاع الجيش السوري الإمساك بمعادلات الميدان بشكلٍ أكبر. كل ذلك بفضل المكاسب الميدانية التي صنعها الجيش السوري وحلفاؤه وتحديداً حزب الله وإيران. وهنا نُشير للتالي:

أولاً: أصبح بقاء الرئيس بشار الأسد ضرورة. فالغرب كما الحلفاء باتو يُدركون أن الجيش السوري ضرورة للقضاء على الإرهاب الذي بات يُهدد العالم. وباتو مُقتنعين أيضاً بأن هذا الجيش هو كغيره من الجيوش الأيديولوجية، يعمل وفق الولاء للقيادة. وهو ما يعني أن بقاء الرئيس الأسد، بات من ضمن الأولويات المستقبلية. مما ضرب أحد أهم ركائز الحرب الإعلامية والسياسية التي بُنيت عليها آمال ورهانات الأطراف الغربية وبعض العربية. ليكون الرئيس الأسد بالنتيجة شريكاً في صناعة المعادلات الصعبة.

ثانياً: باتت إيران وحلفاؤها في محور المقاومة، حاجة إقليمية ودولية للوصول لأي حلٍ سياسي للأزمة السورية. بالإضافة الى أن دورهم في القضاء على الجماعات الإرهابية في سوريا، جعل منهم أساساً في الحرب الدائرة للقضاء على الإرهاب دولياً. وهنا فإنه وعلى الرغم من أن أمريكا ما تزال تسعى وبقوة لإضعاف قدرة هذا المحور، إلا أنها باتت مقتنعة بضرورة التعاطي معه على قاعدة إيجاد التوازنات وإدارة نتائج الأزمة التي تناقض مصالحها بأقل الخسائر.

ثالثاً: أدركت روسيا زيف ادعاءات أمريكا وصدق ادعاءات إيران فيما يخص قراءة وفهم الواقع السوري. مما جعل الحلف الإيراني الروسي أبعد من الأزمة السورية وأكبر من جغرافيتها. وهو ما  يُعتبر من نتائج الفترة الحالية، خصوصاً في ظل محاولاتٍ أمريكية لفك هذا التحالف الإستراتيجي.

إذن، يبدو واضحاً أن الدولة السورية وحلفاءها باتوا عرَّابي السياسات وصانعي المعادلات المستقبلية التي تخص الأزمة السورية. وهو الأمر الذي يبدأ من الإيمان الغربي بالحاجة الى بشار الأسد، ويمر بما يُحققه الجيش السوري وحلفاؤه في الميدان، وصولاً الى تثبيت التحالف الإستراتيجي بين روسيا وإيران.

كلام الختام

إن حال الإرباك التي تعيشها واشنطن وحلفاؤها، يُساوي وضع القوة الذي يسود الدولة السورية وحلفاءها. ومرةً جديدة تنجح سوريا الأسد بالصمود والإنتصار وتسقط طموحات الكثيرين للسنة السابعة على التوالي. وفيما يبقى المستقبل رهن التطورات الميدانية، يجب القول أن سياسة الأفخاخ التي تسير بها واشنطن وتسعى لإشراك روسيا فيها على الأراضي السورية، قد لا تكون في صالح الشعب السوري بل إن صالحه الوحيد هو في وحدة الأراضي السورية وقوة دولته وجيشه.

  الوقت