تغليف السلب بالإيجاب...بقلم: سامر يحيى

تغليف السلب بالإيجاب...بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الجمعة، ٧ أبريل ٢٠١٧

بناء البشر قبل الحجر، تطوير الأداء الحكومي، إعادة الهيكلة، منع الهدر وضغط النفقات..... شعارات كثيرة تستخدم سلباً أو عكس مقصودها، مدّعين حصد نتائجها بالمستقبل، متجاهلين أن العمل الوطني إن لم يكن منطلقاً من الواقع المعاش، ونلمس جزء من آثاره مباشرةً، مآله الفشل، مهما كان مغلّفاً بالإيجابيات النظرية الرقمية.
لقد أظهرت لنا تجاربنا لا سيما في السنوات الأخيرة، فشل الكثير منها مما اضطررنا إلى إعادة النظر بها وتغييرها وبعضها بفترات أقل من أشهر، وأصبحنا قسماً يتجاهل الظروف ويسير ببطءٍ روتيني وفق نمو الحياة الطبيعي، ويعمل على التجريب، وتطبيق نظريات اعتقد صحّتها... وقسم يحمّل الآخر المسؤولية أو الظروف التي نمر بها، ويتجاهل دوره ومسؤولياته، وكلا القسمين مستفيدٌ من رسوخ مؤسساتنا الوطنية، وجهود الشرفاء والوطنيين الذين يعملون بجدٍ وكدٍ ليل نهار للحفاظ عليها، وقدسية التراب السوري وكرامة شعبه.
  نتكلم عن المؤامرات ومحاولات الأعداء تفتيت واستنزاف ثرواتنا وتدمير مواردنا، والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد، متجاهلين أنّ هذا مستمرٌ، مما يتطلّب منا القيام بالأسباب الموجبة والعمل البنّاء لتحدّي العقبات ومواجهة السلبيات، انطلاقاً من المبادئ الثابتة والقناعات الراسخة، بصوابية موقفنا وعدالة قضيّتنا وقدسية رسالتنا، التي دفعنا ثمناً لها دماء الشهداء، وتضحيات الأبطال، وجهود العقلاء، المستمدّ قوّته من صمود الشعب والجيش والقيادة في وجه كل محاولات الاستنزاف والتفتيت والتدمير.
   الإنسان السوري مبدعٌ وقادرٌ على العطاء والإنتاج، مهما كانت الظروف سلبية، وقادرٌ على التأقلم والإنجاز، ومؤهّل للعمل مهما كان تخصّصه أو دراسته الأكاديمية ودرجته العلمية، مما يعني أنّنا بحاجة لإعادة توجيه البوصلة، والانتقال من مرحلة التلقين إلى مرحلة التوجيه والحوار والنقاش، ومن الأنا إلى الكل، وألا ندين مرحلةً هامةً من تاريخنا، ولا مادةً من منهاجنا الدراسي والأكاديمي، متجاهلين مرحلةً هامةً من أعمارنا، درسنا بها مواد علمية وعملية، ورددنا خلالها شعارات وطنية وقومية وأخلاقية بناءة، كانت تحتاج ربط القول بالعمل، مما يتطلّب منا دراسة الأسباب والمسببات بالحكمة والحنكة والمنطق الحقيقي، بدلاً من إدانة الآخر وتحميله المسؤولية، وأن نتنبه إلى أننا نحن جزء من الآخر، ولولا تقصيرنا في هذا المجال أو ذاك لما أفسحنا المجال للآخر لاستغلال نقطة ضعفنا، فعلينا بذل الجهود والبحث عن الثغرات والإيجابيات للانطلاق منها بما يمكن تطبيقه على أرض الواقع، انطلاقاً من التالي:
     قيام الجهات المتخصّصة متمثّلة بوزارة التنمية الإدارية، بتشخيص دور وعمل كامل المؤسسات لمعرفة تشابكاتها وتداخلاتها وتعقيداتها، للتمكّن من معرفة دور وأداء ونشاط كل مؤسسة، بما لا يتناقض مع العمل اليومي لنهوض كل مؤسسة بدورها والهدف المطلوب منها، ومنها ننطلق لعملية دمج وإلغاء وإنشاء، كل ضمن اختصاصه ونطاق عمله، للخروج بهيكلية حكومية جديّة وبناءة، وأن تقوم كل مؤسسة بدورها المنوط بها على أكمل وجه، لا إهمال دورها وقيامها بجزءٍ من دور مؤسسات أخرى.. أو تحميل مسؤولية تعطيل قراراتها لجهات أو شخصيات أخرى.. وبذلك تتمكن من تطبيق رؤيتها على أرض الواقع بشكلٍ مباشر بعيداً عن التنظير وانتظار النتائج مستقبلاً، مستفيدين من الأسس الراسخة وصمود المؤسسات الوطنية رغم آلة الإرهاب والفساد، واليقين بأنّ كل مؤسسة جزء من بناء الوطن واستكمال مقوّمات نهوضه، ومساهمتها لا يمكن أن يستهان بها في الدخل القومي، مهما كان يسيراً، ولها دورها وخصوصيتها وهيكليتها ضمن إطار قدراتها وإمكانياتها والمهام الملقاة على عاتقها.
ـ تشخيص القوانين والقرارات والتعاميم القائمة، ومعرفة نقاط ضعفها وقوّتها، والفجوات التي يتسلل الفساد والإرهاب منها، مما يؤدي تلقائياً لتغيير وتطوير وتعديل وشطب وإلغاء، انطلاقاً من الأسباب الموجبة لتحقيق القرار الحقيقي الإيجابي البنّاء المستديم ..
ـ تقييم أداء المؤسسات، وتقويم هيكليتها الإدارية، يساهم تلقائياً بتقييم وضع العامل، ويضع الرجل المناسب في المكان المناسب، والتساؤل المطروح، أليس الموظّف الحكومي الذي التحق بعمله على الأقل لمدة ثلاثة أشهر، قد اكتسب خبرةً عملية بهذا المجال، وبالتالي علينا إعادة المهام ضمن المؤسسة الواحدة، وتقييم الإنتاج لاستنهاض الجهود، مستفيدين من الخبرة التي حصل عليها العامل، والعمل على تثبيت خطواته وتطوير أدائه، لتحقيق أمنه النفسي والعملي والمادي، ليتمكن من أداء الدور المنوط به، والإدراك بأن دوره خدمة مؤسسته، فهي ليست سلطةً يمارسها ضد أبناء وطنه، ولا هي مجرّد جمعية خيرية لمنحه مرتّباً شهرياً وفائدةً ماديةً، مما يمكّن المؤسسة من القيام بأداء الدور المنوط بها، وتلبية متطلبات ورغبات جمهورها، واستقطابها أبناء الوطن، ورفع مساهمتها في الدخل القومي، مما يؤدي تلقائياً لقيام دائرة التأهيل والتدريب والموارد البشرية وغيرها من المديريات، بتطوير أداء العاملين وزيادة مهاراتهم وخبراتهم، وحينها يكون مآل العامل الفاشل خارج المؤسسات الوطنية، ولسنا بحاجة لنقله لمؤسسة أخرى ليكون عبئاً جديداً عليها.
ما أكثر النظريات، والكتب والقراءات والقوانين والتشابكات والتجارب والخبرات، ولكن ما نحتاجه إسقاط ذلك على واقعنا المعاش لا أخذها كما هي، فنحن شعب أثبتنا حيوتينا، وقدرتنا على الإبداع والإنجاز مهما كانت الظروف، وكم من شعارات خلابة تعطي عكس المطلوب منها، لأنّها محقونة بالسم، وأكبر مثالٍ ما يتم تناقله مؤخراً عن "الربيع العربي والحرية و الديمقراطية وحقوق الإنسان، والمساواة بين الرجل والمرأة" إلى ما هنالك من نظريات وشعارات يستخدمها الانتهازيون لتدمير الوطن واستنزاف موارده المادية والبشرية بآنٍ معاً.
إن سر صمود سوريتنا بصمود مؤسساتها، التي هي نتاج صمود شعبنا وتلاحمه مع قيادته، مما يحتاج منا مضاعفة الجهود ليقوم كل منا بدوره في الحفاظ على الوطن واستمرار انطلاقته نحو المستقبل، لا عبئاً عليه في ظل الحرب الإرهابية المتعددة الاتجاهات والأشكال والأنواع.