ممرّ الموت من السلمية الى خناصر..بقلم: عمر معربوني

ممرّ الموت من السلمية الى خناصر..بقلم: عمر معربوني

تحليل وآراء

السبت، ٢٠ مايو ٢٠١٧

52 شهيدًا وأكثر من 100 جريح حصيلة المجزرة التي ارتكبها تنظيم "داعش" الإرهابي في قرية عقارب شمال شرق مدينة السلمية التي تعتبر عقدة الربط الأساسية بين مدينتي حماه وحلب.
في الجانب الميداني المباشر، استطاع تنظيم "داعش" ان ينفذ إندفاعة سريعة من قرية قليب الثور التي تبعد عن عقارب 8 كلم وعن خط التماس 5 كلم، بعد أن جهّز كذلك قوات اندفاع اخرى من قرى صلبا وابو حنايا وابو جبيلات.

تقع بلدة عقارب ضمن قرى الممرّ الرابط بين سلمية ومدينة حلب وهي ليست القرية الأولى التي ينفذ فيها "داعش" مجازر مريعة، بل سبق ان نفذ مجزرة مماثلة في قرية المبعوجة شمال شرق عقارب في ظروف مماثلة.
إنّ ما قام به "داعش" لا يشكل على المستوى العسكري عامل تغيير لميزان القوى على الأرض، وانما يستهدف بشكل مباشر إحداث حالة رعب خصوصًا ان المنطقة التي انطلق منها لتنفيذ المجزرة تعتبر ضمن قطاع تابع لبلدة عقيربات، وهي إحدى مناطق الحشد الأساسية التي ينطلق منها التنظيم لشن هجماته المختلفة التي استهدفت طريق السلمية – خناصر في اكثر من نقطة، سواء بالقرب من إثرية او خناصر بهدف دائم هو قطع الطريق المتجه نحو مدينة حلب.

أمّا لماذا اسميت الممرّ ممرّ الموت، فلأنّ كلفة حمايته منذ ان تم شقّه في العام 2013 كانت عالية جدًا سواء بالأهالي او بقوات المُدافعة عن الطريق الذي يبلغ طوله حوالي 140 كلم بعرض يتراوح بين 7 و12 كلم، وهو ممرّ يحتاج لحمايته والحفاظ عليه عديدًا كبيرًا من القوات لتأمين تموضع محكم، وهو ما لم يتحقق حيث تم اعتماد بدائل أخرى من خلال نقاط المراقبة والدوريات ونقاط الإحتياط المتحركة.
المجزرة حصلت في الأطراف الجنوبية للقرية حيث لم يتمكن "داعش" من الدخول الى كامل القرية بسبب وصول قوة احتياط من الجيش السوري اشتبكت مع القوة المهاجمة، وهو ما منع حصول مجزرة اكبر فيما لو استطاع التنظيم الدخول الى القرية.

في الجانب الإنساني، ستترك هذه المجزرة كما غيرها من المجازر اثرًا سلبيًا في حياة ابناء البلدة ومحيطها وكل السوريين، وستكون شاهدًا على مدى توحش التنظيم التكفيري الذي امعن تمثيلًا في الجثث بعد قتلها.
في البعد العسكري الميداني المباشر، لم يتمكن "داعش" من احداث خرق دائم في الممر الرابط بين السلمية وحلب لكنه حاول ارسال رسالة دموية بأنه ما زال قادرًا على التحرك وعلى تنفيذ هجمات يبدو انه اختار مكانها بعناية. فمتابعة العمليات التي ينفذها الجيش السوري في منطقة شرق حمص وجنوب السلمية تهدف في الأساس الى القضاء على وجود التنظيم في منطقة واسعة والعمل على تحريرها، وهو ما تمثل في سيطرة الجيش السوري على جبل الشومرية جنوب شرق السلمية وكذلك توجه الجيش للسيطرة على جبل ابو ضهور المجاور لجبل بلعاس، ما يهدد اماكن تمركز "داعش" في جبل بلعاس وفي بلدة عقيربات خصوصًا اذا ما نظرنا الى خارطة السيطرة التي ارساها الجيش السوري شمال تدمر، وهو ما سيشكل قاعدة خلفية متينة ومترابطة للبدء بالعمليات باتجاه بلدة السخنة وتاليًا نحو دير الزور.
في البعد الميداني غير المباشر، يحاول تنظيم "داعش" عبر مشغليه وعلى رأسهم اميركا تشتيت جهد الجيش السوري الذي بدأ بتنفيذ عمليات البادية، واجبار الجيش على تشتيت جهده وابطاء عملياته من خلال تحريك "داعش" في قطاعات خلفية.

لهذه الأسباب حاول تنظيم "داعش" ان ينفذ عملية سريعة وخاطفة في قلب الممر بهدف قطع الطريق الى حلب والتأثير في زخم عمليات الجيش السوري التي اشرنا اليها.
وحتى يتم تحرير المناطق شمال تدمر وربط منطقة السخنة بمنطقة مسكنة في الريف الجنوبي الشرقي لحلب، سيبقى هذا الممر معرضًا لعمليات اختراق على غرار العمليات السابقة.