«صفقات» الرياض لم ترفع سيف «قانون جاستا» عن آل سعود.. بقلم: تحسين الحلبي

«صفقات» الرياض لم ترفع سيف «قانون جاستا» عن آل سعود.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٢ مايو ٢٠١٧


في 15 آذار الماضي نشرت المجلة الإلكترونية الأميركية «ديلي كولر» رسالة لمنظمة «عائلات الضحايا من تفجيرات 11 أيلول 2001 والناجون منها» تحذر هذه العائلات التي تمثل 3000 ضحية أميركية فيها الرئيس الأميركي دونالد ترامب من عرقلة تنفيذ «قانون ضحايا الإرهاب» الذي صدق عليه الكونغرس لمقاضاة رعاة الإرهاب من المسؤولين السعوديين في المحاكم الأميركية وفرض التعويضات عليهم.
وكانت هذه المنظمة التي تمثل عائلات الضحايا والناجين من التفجيرات قد لاحظت وجود احتمال يعرقل فيه ترامب تنفيذ هذا القانون الذي أصبح جزءاً من الدستور الأميركي بعد اجتماع في واشنطن في الشهر نفسه عقده ترامب مع وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان ولذلك تضمنت الرسالة تحذيراً لترامب بمخالفة الدستور الأميركي إذا ما سمح لمجموعات ضغط وظفتها السعودية في مختلف مراكز القرار الأميركي بهدف منع السلطات الأميركية تنفيذ قانون مقاضاة السعوديين الذي أصبح يدعى قانون «جاستا».
وكان ترامب قد أعلن في حملته الانتخابية في أيلول الماضي عن تبنيه لهذا القانون ووصف الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بالعار لأنه استخدم حق الفيتو لمنع هذا القانون ولم يفلح أوباما مع ذلك في منع صدوره وتحوله إلى قانون ملزم.
وتقدر وكالة «بلومبيرغ» أن تبلغ قيمة التعويضات المالية التي يجب على السعودية دفعها للمتضررين من عائلات الضحايا بعشرات المليارات من الدولارات وستزداد على السعودية قضايا تعويضات أخرى لأضرار المباني وشركات التأمين الأميركية وهذا ما سوف يجعل ملف التعويضات من أكبر سجلات التعويضات في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.
ويرى ممثلون عن عائلات الضحايا أن العائلة المالكة السعودية ستكون قد ناقشت هذا الموضوع بشكل سري مع ترامب أثناء زيارته إلى الرياض قبل أيام ومن الطبيعي أن تكون الصفقات الكبيرة والتاريخية التي وقعتها مع ترامب بقيمة 380 مليار دولار للأسلحة ولاستثمارات أخرى جزءاً من محاولة إغراء ترامب ودفعه إلى سحب دعمه لقانون «جاستا» وإيجاد أي مخرج لتخفيض استحقاقاته المالية أو تجميده تمهيداً للتراجع عنه مقابل مبلغ مالي تمنحه السعودية لهذه العائلات بقيمة لا تساوي 10 بالمئة من القيمة الإجمالية التي ستفرضها المحاكم الأميركية على العائلة المالكة السعودية.
وهناك من يسأل عما إذا ناقش الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز مع ترامب موضوع قانون «جاستا» في اجتماعهما في الرياض؟ يذكر أن صحيفة «شيكاغو تريبيون» الأميركية كانت قد أشارت في 13 آذار الماضي إلى وجود صفقة جرى التوصل إليها بين ترامب والعائلة المالكة السعودية حول قانون «جاستا».
وقد تثبت الآن صفقة 380 مليار دولار أن العائلة المالكة السعودية ستنتظر من ترامب دوراً في تخفيف أعباء هذا القانون على السعودية، ومع ذلك يعتقد المحللون الأميركيون أن ترامب نفسه سيواجه في الولايات المتحدة دعوات لمقاضاته ومعاقبته وسوف ينشغل في الدفاع عن نفسه ولن يكون في مقدوره في أغلب الحالات اتخاذ أي عملية تجاه قانون «جاستا» تلحق الضرر بعائلات الضحايا وتتخلى عن التعويضات المالية الضخمة التي سيطالبون بها من السعودية.
وهذا ما جعل أحد أفراد هذه العائلات يتوقع أن يتخلى ترامب عما وعد به الملك سلمان تجاه تعديل قانون «جاستا» أو تخفيض التعويضات المالية لأنه من خلال هذا الموقف لن يلحق به أي ضرر من الملك سلمان بعد أن جرى تحويل مبالغ صفقات السلاح والأعمال إلى البنوك الأميركية، وسيجد الملك سلمان أنه لن يستطيع أن يفعل شيئاً ضد الإدارة الأميركية طالما وضع كل أوراقه في أيديها كما لن تنفعه كل الأسلحة التي لن يكون بمقدوره استخدامها إلا بعد سنوات.
الوطن