هل نرى دبابات «إسرائيلية» في طهران، أم دبابات إيرانية في مكة؟؟.. بقلم: إيهاب زكي

هل نرى دبابات «إسرائيلية» في طهران، أم دبابات إيرانية في مكة؟؟.. بقلم: إيهاب زكي

تحليل وآراء

السبت، ١٧ يونيو ٢٠١٧

منذ انطلاق إنتقاضة السكاكين في فلسطين المحتلة، وكان أبرز ما تميزت به هو عمليات الطعن والدهس، انطلقت في أوروبا عمليات تشبه عمليات الانتفاضة، ويسارع تنظيم داعش إلى تبنيها، وكنا نقول دومًا أنّ الأمر ليس مصادفةً أو مجرد محاكاة داعشية لأعمالٍ بطولية، بل هو سلوكٌ مع سبق الإصرار والترصد، وذلك لإلصاق الطابع الإجرامي بعمليات الإنتفاضة. وكثيرًا ما استغلت "الحكومة الإسرائيلية" هذا التشابه لتجريم العمل المقاوم، أو بالأحرى أنّ هذا الاستغلال هو أحد الأهداف الرئيسية لعمليات داعش في أوروبا، فلم تكن السكاكين ولا السيارات بعيدة عن متناول داعش قبل بدء انتفاضة السكاكين الفلسطينية، ولسنا بحاجة للكثير من الأدلة والشواهد على أنّ داعش صناعة استخبارية أمريكية-"إسرائيلية" خالصة، ولكننا بحاجة للكثير من التنبه لإدراك أنّ "إسرائيل" هي المشكلة وأنّ فلسطين هي الحل، ورغم أنّ فلسطين تذوي وتذوب في المشهد الإقليميى شديد الانصهار، إلّا أنها الحاضرة أبدًا وغصبًا، فما يحدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا هدفه إطالة عمر كيان الاحتلال، وتكريس ضياع فلسطين للأبد.

وكعادة النفط يبدو سخيفًا ولكن صوته عاليًا، دأب على اتهام إيران بصناعة داعش، وصنعتها لصالح "إسرائيل" أولًا، ولصالح مشروع مذهبي لإيران ثانيًا، ومن ضمن أدلته على ذلك الاتهام، أنّ داعش لم تقم بأيّ عمليةٍ في إيران أو في "إسرائيل"، رغم أن داعش لم يقم بأي عمليات في قطر أو الإمارات مثلًا ولا حتى في قبرص، وكان "وزير الدفاع الإسرائيلي" السابق موشيه يعالون قد كشف عن "أن تنظيم داعش أطلق النار بالخطأ باتجاه الجولان واعتذر على الفور"، وأردف "بأنّ كل عمليات إطلاق النار تجاهنا كانت تتم من أراضٍ تحت سيطرة الجيش السوري"، وأضاف بأنّ "إيران هي من تطلق النار تجاهنا دائماَ وليس داعش مطلقًا". فتنظيم داعش الذي أقصى لياقاته هو الذبح بسكينٍ حادة لا مثلمة، يقوم بممارسة لياقة الاعتذار عن نيرانٍ صديقة من "إسرائيل"، وهي "الدولة" التي أقصى لياقاتها مقارعة الحجر بالدبابة، واعتقال من يلقي بالحجر عشرات السنين، تقبل الاعتذار، هذا التنظيم الذي يمارس لياقة الاعتذار مع "إسرائيل" فقط، يقوم بتبني عملية القدس ويعلن أنّ أبو البراء المقدسي وأبو رباح المقدسي أو حسن المقدسي، هم من قاموا بالتنفيذ، وهي سابقةٌ داعشية، فلم يحدث أن قام التنظيم بتبني أيٍ من العمليات الفدائية في فلسطين المحتلة، ولكن اللافت أن هذا التبني جاء بعد تبني التنظيم عملية طهران الإرهابية.

لا أتفق كثيرًا مع القول بأنّ ما حدث في إيران من عمليتين إرهابيتين كان بتخطيط سعودي، استنادًا على التهديد الذي سبق وأطلقه محمد بن سلمان حين قال بأنّه "سينقل المعركة إلى قلب طهران"، وغالب الظنّ أنّ بن سلمان لُقّن القول ولم يقل، فالسعودية مجرد أداة أمريكية "إسرائيلية" مثل داعش لا أكثر، وهي تختص بالتمويل والتحريض الديني والمذهبي، ولا علاقة لها على الإطلاق بصناعة سياستها فضلًا عن سياسات الآخرين، فمن لقّن بن سلمان تهدديده هو من نفذ العملية في طهران، فيصبح اتهام السعودية أمرًا مسلمًا به، فتُستفز إيران فتقوم بارتكاب حماقةٍ ما في السعودية، وهو المستبعد نظرًا للعقلية الإيرانية، فيقوم من لقّن بن سلمان ذاته بافتعال عملية في السعودية، فيتم تصويرها على أنها انتقام إيراني من السعودية، وتسير الأمور باتجاه معركة مذهبية لا لبس فيها، وهو الهدف الأمريكي "الإسرائيلي" منذ اندلاع ما يسمى بـ"الربيع العربي". وفي خضم هذا المخطط يقوم داعش بتبني عملية فدائية في فلسطين المحتلة كذبًا وزورًا، وبعيدًا عن فكرة تجريم العمل المقاوم دوليًا، فإنّ هذا التبني الداعشي، وكأنّ "إسرائيل" تريد تبرير وجودها في حلف "عربي سني" لمحاربة داعش، فإيران التي ستستهدف السعودية عبر داعش، هي العدو الذي يحق للسعودية التحالف حتى مع "إسرائيل" لمواجهته، فالعرب سيفضلون رؤية الدبابات "الإسرائيلية" في طهران، على رؤية الدبابات الإيرانية في مكة.

لا يمكن نزع كل ما يحدث من سياق الاستعجال الأمريكي للسعوديين حلفهم بالتطبيع مع "إسرائيل"، والتطبيع الذي تريده أمريكا هذه المرة ليس مجرد تطبيع اقتصادي ورحلات جوية مباشرة، بل تريد تطبيعًا ينهي الحق العربي في فلسطين نهائيًا، وتريد تطبيعًا يجعل من "إسرائيل" حليفًا وحاميًا لممالك "سنية" في وجه "مدٍ شيعيٍ متغول"، يريد أنّ يأخذ الناس إلى جهنم عبر "دينٍ مزيف"، وقد يكون من السابق لأوانه توقع أنّ الانسحاب الأمريكي من المنطقة والإلتفات لمشكلة الصين، متوقفٌ على ترسيخ هذه الحماية "الإسرائيلية" واقعيًا وثقافيًا، فيصبح استبدال القواعد الأمريكية في الخليج بأخرى "إسرائيلية" أمرًا طبيعيًا بل مُحبذًا محمودًا، وكل هذا سيتم تحت طائلة الرعب المفتعل أمريكيًا و"إسرائيليًا" من رؤية دبابات إيرانية في مكة، وليس مستبعدًا في إطار الاستعجال تسعير الحرب باطلاق صواريخ "إسرائيلية" أو أمريكية سيُقال إنها إيرانية أو حوثية على مكة وإصابتها، إذا كانت عمليات داعش لا تؤتي أُكلها سريعًا، ونحن نتجه بسرعةٍ هائلة نحو هذا السيناريو، وإن كبحه يتطلب الكثير من العمل وزوال الكثير من ممالك النفط قبل أن تزيلنا.