سقوط أقنعة الوكيل مع الأصيل.. بقلم: رفعت البدوي

سقوط أقنعة الوكيل مع الأصيل.. بقلم: رفعت البدوي

تحليل وآراء

الاثنين، ١٩ يونيو ٢٠١٧

لم تزل إرهاصات الأزمة الخليجية تطغى على المشهد السياسي العربي لما لهذه الأزمة من تشعبات وألغاز وألغام لم تزل في طور الربط أحياناً لفهم الأسباب الحقيقية التي أدت إلى نشوب الأزمة والتفكيك أحياناً أخرى للفهم الحقيقي لما حيك ويحاك للمنطقة العربية وسورية العروبة وصولاً إلى فلسطين.
وأمام هذا المشهد المعقد، ظهرت عوامل عدة مهمة لا بد من التوقف عندها من أجل الإمساك بخيوط تلك الألغام المرعبة التي زرعت في منطقتنا.
العامل المؤكد الناتج عن الأزمة الخليجية هو التصدع القوي في منظومة مجلس التعاون الخليجي ويمكننا القول: إن مجلس التعاون الخليجي بعد النزاع الأخير لن يكون كما كان قبله.
والخطوة السعودية بتقليص ونزع صلاحيات من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف، هي دليل أن لهيب النزاع الخليجي بدأ يلفح الجدران الداخلية للبيت السعودي، وربطاً مع بعض المعلومات، فإن الأمور تشي بالمزيد من الخطوات السعودية وربما تصل إلى عزل ولي العهد السعودي محمد بن نايف من منصبه تمهيداً لتولي ولي ولي العهد محمد بن سلمان مكان الأول، والسبب المخفي هو مراهنة ولي العهد محمد بن نايف على الجهات الأميركية نفسها التي راهن عليها القطري في أزمته الخليجية.
مما لا شك فيه أن الإجراءات التصعيدية التي تم اتخاذها بحق قطر لم تكن وليدة الساعة أو نتاج الأسباب المعلنة، بيد أن السعودية والإمارات العربية قامتا بتجهيز ملف نشوب الأزمة مسبقاً بالتنسيق مع الجهات الأميركية الخاطئة التي لم تستطع امتلاك زمام القرار الأميركي الفعلي، بدليل أن الحكومة العميقة في الولايات المتحدة المؤلفة من أجهزة المخابرات الأميركية إضافة لجهاز البنتاغون، تعتبر الجهات التي تمسك بالقرار الأميركي الفعلي ولا تقيم لتصريحات ساكن البيت الأبيض دونالد ترامب أي اعتبار.
مما لا شك فيه أن الصمود القطري في مواجهة الأزمة الخليجية فاجأ السعودية والدول التي تدور في فلكها، وهذا الصمود القطري هو نتاج ربط مصالح حكم الإمارة في قطر مع مصالح أجهزة المخابرات الأميركية والبنتاغون معاً، والرهان عليها نظراً لترابط مصالح قطر مع مصالح الحكومة العميقة في أميركا.
صحيح أن النزاع الخليجي ما زال في حال تصاعد ولا مؤشرات حول إمكانية تطويق الأزمة، أقله في المدى القريب، وذلك لما فيه مصلحة أميركية في استجلاب المليارات الخليجية إلى الخزينة الأميركية من خلال تسعير النزاع الخليجي، وفي إشارة إلى تذبذب وتناقض الموقف الأميركي، وافق البنتاغون والكونغرس الأميركي على صفقة الطائرات إف15 لمصلحة قطر والبالغة 15 مليار دولار كدفعة أولى، إضافة إلى الإعلان عن مناورات مشتركة بين البحرية الأميركية والقطرية وذلك فور الإعلان عن الصفقة القطرية، إذ لا مصلحة لأميركا بالانقلاب على حكم الإمارة القطرية وبذلك تكون قطر قد نجحت في رهانها على المؤسسة العميقة في أميركا التي أثبتت بدورها أنها لم تزل تمسك بالقرار الأميركي.
بعد المواقف الأميركية التي ذكرناها أعلاه إضافة إلى مساعدة إيران والمغرب والجزائر، وتخفيف قيود تحليق الطيران القطري في الأجواء المصرية، التي أسهمت في فك الحصار المفروض على قطر تدريجياً، نستطيع القول: إن قطر تجاوزت مرحلة الخطر، وهذا العامل شكل سداً منيعاً أدى إلى إخفاق الهجوم السعودي الذي حاول جاهداً تسجيل هدف الفوز في مرمى قطر.
في ظل تصاعد حدة الأزمة الخليجية ظهر رئيس وزراء قطر السابق ومهندس المؤامرات الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في مقابلة متلفزة مع محطة PBS الأميركية، اعتبرت بأنها مقابلة مثيرة، لما تضمنته من تصريحات تجاوزت بمضمونها الأزمة الخليجية لتصل إلى تفكيك خرائط الألغام التي تم زرعها في منطقتنا وخاصة في سورية وفلسطين بالشراكة بين قطر ودول الخليج وأميركا.
ما قاله حمد بن جاسم: أميركا طلبت منا التواصل مع حماس واحتضان قادتها والتحاور معهم بهدف وقف تهديد إسرائيل والدخول في مفاوضات بين حماس وإسرائيل تمهيداً للوصول إلى حل للقضية الفلسطينية، ولو كان مذلاً يؤدي إلى طمس القضية برمتها، تماماً كما طلب إلينا الأميركي فتح مكتب لحركة طالبان في الدوحة، وهكذا فعلنا نزولا عند الطلب الأميركي.
أما في الشأن السوري، فقد اعترف ابن جاسم أن الجميع ارتكب الأخطاء هناك بعد انطلاق «الثورة» السورية بمن فيهم الأميركيون، وأضاف: عملنا في غرفتي عمليّات واحدة في الأردن والثانية في تركيا، شارك فيه العديد من الجهات في هاتين الغرفتين كالسعودية والإمارات والولايات المتحدة وحلفاء آخرين في تركيا.
حمد بن حاسم حاول إيصال رسالة مفادها، أن أحداً لا يمكنه اتهامنا برعاية الإرهاب ولا يستطيع إلباسنا ثوب الإرهاب وحدنا، فنحن كلنا شركاء في الجريمة، وأنه مستعد للكشف عن المزيد من الأسرار والكشف عن خرائط الألغام التي زرعت بالتنسيق مع الشركاء.
من هنا يتبين لنا أن دور دول النفط العربي، هو دور وظيفي بصفة الوكيل المتعهد عند الأميركي، وأن الإرهاب المزروع في سورية والمنطقة هو صناعة أميركية بتمويل وإدارة خليجية صافية.
إن صمود سورية الأسطوري مدعومة من محور المقاومة، أدى إلى انفجار تلك الألغام بوجه زارعيها لتسقط معها أقنعة الوكيل مع الأصيل ليصبح الإعلان عن هزيمة المشروع التآمري على سورية أقرب من أي وقت مضى.