العدوان الجوي وتقييد الدور الأميركي.. بقلم: تحسين الحلبي

العدوان الجوي وتقييد الدور الأميركي.. بقلم: تحسين الحلبي

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢١ يونيو ٢٠١٧

يلاحظ الجميع أن لهجة التحذير والتصعيد بدأت تتزايد في ردود الفعل بين موسكو وواشنطن وخصوصاً بعد أن قامت واشنطن باعتداء غير مسبوق في مجال القتال الجوي وأسقطت طائرة حربية سورية قبل أيام قليلة حين كانت تقوم بمهامها الطبيعية والسيادية ضد مجموعات داعش شمال شرق سورية، فهذا العدوان الصارخ بموجب ما وصفته وزارة الدفاع الروسية، يمكن أن يجعل أي طائرة روسية عسكرية أيضاً هدفاً «بحجة أنها تقصف مجموعات متحالفة مع واشنطن» وليست مجموعات من داعش.
ولذلك كان الرد الروسي واضحاً وقاطعاً لا يحمل إلا تفسيراً واحداً وهو أن أي طائرة حربية أميركية أو بريطانية لم تعد بمنأى عن استهدافها فوق الأراضي السورية في منطقة شرق وشمال سورية سواء من سلاح الجو السوري أو الروسي، وهما سلاحا الجو اللذان يقاتلان داعش والقاعدة وجبهة النصرة بصدقية وشرعية قانونية ودولية، في حين أن طيران التحالف ما زال يعد غير شرعي لأنه لم يحصل على موافقة الدولة السورية ولا ينسق معها ولا مع سلاح الجو الروسي الذي أعلنت روسيا تجميده بعد إسقاط الطائرة السورية.
ولذلك يقول بات بوكانان وهو أحد أهم المعلقين السياسيين الأميركيين منذ عهد الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون: «إذا كانت موسكو جادة في هذا التحذير فإننا مقدمون على اشتباك روسي أميركي في سورية»، ويرى بوكانان أن واشنطن ستخلق أزمة ساخنة بين السوريين وبين الأكراد السوريين، لأنها تعمدت إعلان أنها تدافع عن «حلفائها» في تلك المنطقة رغم أن سلاح الجو السوري يقوم بمهام كبيرة في محاربة داعش التي يقال إن واشنطن وحلفاءها المحليين في سورية يحاربون داعش معاً، ويستنتج الكاتب الأميركي أن «توريط أميركا بحرب مباشرة ضد سورية وإيران وموسكو وربما تركيا من أجل أكراد سورية لن يكون في المصلحة الأميركية».
ويبدو أن ساحة تجربة الحرب على داعش في المنطقة بلغت مرحلة تسعى فيها واشنطن إلى تغيير أولويات جدول عملها من حجة الحرب على داعش، إلى تقييد حركة الجيش السوري في الحرب على داعش، بهدف توسيع سيطرة حلفائها المحليين على مناطق أخرى، وهو ما يعد بمنزلة إعلان حرب على سورية بلغة بوكانان والمعلق الأميركي في مجلة «أنتي وور» الإلكترونية جيسون ديتس، وهذا ما تدركه روسيا وإيران التي انتقلت قبل أسبوع إلى مرحلة المشاركة المباشرة من خلال صواريخها التي أطلقتها على مجموعات داعش من خارج الأراضي السورية في الحرب على هذه المجموعات، ولذلك سارع الناطق باسم «القيادة المركزية الأميركية» اللفتنانت جنرال داميان بيكارت، إلى الإعلان أن قيادته «تقوم الآن بإعادة تموضع الطائرات الأميركية التي تستخدم في الحرب على داعش» خوفاً من استهدافها بعد التحذير الروسي، كما أعلن رئيس أركان الجيوش الأميركية المشتركة الجنرال جو دانفورد أن واشنطن تتطلع إلى «إعادة التواصل إلى اتفاق الخط الساخن مع القيادة العسكرية الروسية» لكي يجري تجنب وقوع أي اشتباك غير مقصود، وهذا ما يشكل دعوة أميركية إلى الرغبة في الالتزام بالتنسيق مع موسكو وتلبية لما بعد التحذير الروسي الذي أوقف التعامل بالخط الساخن مع القيادة العسكرية المركزية الأميركية بعد إسقاط الطائرة السورية.
وفي ظل هذه التطورات المتسارعة يبدو أن واشنطن أدركت أن توسيع دورها بهذا الشكل ضد الجيش السوري سيحشد ضدها حرباً من إيران بل ومن قوى الحشد الشعبي داخل العراق على المستوى الإقليمي الذي ترجح فيه كفة ميزان القوى لمصلحة هذه الأطراف في الساحتين السورية والعراقية حتى إذا لم يتطور إلى صراع مباشر مع موسكو على المستوى العسكري في العالم.
ولذلك ربما بدأت المنطقة تشهد مرحلة انتقالية نحو المزيد من تقييد الدور العسكري الأميركي المباشر وليس تقييد دور الجيش السوري والسيادة السورية في هذه الحرب على الإرهاب.