دماغ الحاخامات أم دماغ الأنبياء ؟!.. بقلم: نبيه البرجي

دماغ الحاخامات أم دماغ الأنبياء ؟!.. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

الخميس، ٦ يوليو ٢٠١٧

هو من قال «ان ازمة الشرق الاوسط ولدت حين ولد الله وتموت حين يموت الله»...
وتبعاً لما نقله الديبلوماسي الاميركي الراحل جوزف سيسكو، وكان ذراعه اليمنى (والحديدية) في وزارة الخارجية، بذل هنري كيسنجر جهوداً مضنية لكي يجمع نصف الله مع النصف الآخر الى مائدة واحدة...
الآن هو في الرابعة والتسعين. دماغه مازال يعمل. سيسكو قبل وفاته عام 2004 قال انه «يمتلك دماغ الانبياء». واذ كان اول من شق الطريق امام رئيس اميركي (ريتشارد نيكسون)، وبديبلوماسية البينغ بونغ، للقفز فوق سور الصين العظيم، فوجئ بالتنين يظهر حتى في الواجهات الفاخرة في نيويورك او لوس انجلس..
الغاية من غزو الصين كانت اقامة قوس استراتيجي في وجه الاتحاد السوفياتي الذي كانت مساحته سدس الكرة الارضية، ومثلما يتاخم الشرق الاوروبي يتاخم الشرق الآسيوي.
الآن ينظر هنري كيسنجر بهلع الى الصين التي اذا ما حافظ تطورها الصناعي (والاقتصادي) على ايقاعه الراهن، فقد يكون اول رجل يطأ ارض المريخ صينياً وليس اميركياً....
وزير الخارجية الاميركية السابق كان يعلم ان المارد الاصفر يتململ داخل القمقم لكنه لم يتصور ابداً ان باستطاعة هذا المارد ان ينفجر اقتصادياً على ذلك النحو، حتى ان الشركات او المصانع الاميركية الكبرى ذهبت الى ضواحي شانغهاي لتبدو كما لو انها تدخل في الزمن الصيني.
هذا لا يعني ان كيسنجر ينظر الى الصين، كما كان الرؤساء الاميركيون وآخرهم دونالد ترامب ينظرون الى كوبا. هنا اي حصار لا جدوى منه لان الصينيين عرفوا كيف يتسللون، بأحذيتهم الضيقة وبعيونهم الضيقة، الى كل اسواق العالم...
لنتذكر ان الرجل وضع اطروحة الدكتوراة حول المستشار النمساوي كليمنت ميترنيخ، نجم مؤتمر فيينا (1815) مع شارل تاليران. وحين كان يوصف بأنه «ميترنيخ القرن العشرين. كان يعقب غاضباً «بل ان ميترنيخ هو كيسنجر القرن التاسع عشر».
 في كل الاحوال اخذ عن ميترنيخ فلسفة التوازنات الدولية. لا يمكن للكرة الارضية ان تقف على قرن ثور، كما في الخرافة الاوروبية، ولا ان تقف على قرن وحيد القرن كما كان يتصور الرئيس جورج بوش الاب عقب زوال الامبراطورية السوفياتية...
الفرنسي جان دانيال هو من  طرح فكرة ان يقوم هنري كيسنجر بدور الوسيط بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، بالرغم من الاحاديث عن الخيوط (او الصفقات) الغامضة التي بينهما.
يفترض ان يحدث شيء ما قبل قمة العشرين في هامبورغ (7 و 8 تموز). اتفاق اطار حول قواعد النظام العالمي الجديد، حتى اذا ما التقى الرجلان في القمة، كان بالامكان بلورة  صيغة عملانية للتفاهم حول سوريا....
التفاهم الذي قد يفتح الباب امام سلسلة من التفاهمات ذات المنحى الاستراتيجي، وبعدما المح هنري كيسنجر الى ان استمرار تصاعد التوتر بين واشنطن وموسكو قد يفضي في لحظة ما الى الانفجار...
في رايه ان كل الاطراف الداخلية والاقليمية احرقت كل اصابعها في النيران السوري. الاتراك ضائعون، بعد كل تلك السياسات الصارخة، والايرانيون يدركون انهم اقتربوا كثيراً من الحائط...
هو صاحب نظرية «الدبابة والحقيبة». الآن يعتقد ان دور الدبابة على وشك الانتهاء. الكلمة الآن للحقيبة.
دماغ الحاخامات ام دماغ الانبياء؟
الديار