واقع جيوسياسي جديد حيال سورية.. بقلم: عمار عبد الغني

واقع جيوسياسي جديد حيال سورية.. بقلم: عمار عبد الغني

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٨ أغسطس ٢٠١٧

إعلان الإدارة الأميركية وقف تسليح «المعارضة السورية»، وتخليها عن تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي واعتباره هدفاً لها، يشير إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب قد تكون تخلت عن أدواتها في سورية، إن كانت إرهابية أو «معتدلة»، والتي حاربت عنها بالوكالة لمدة ست سنوات، ما يعني أننا أمام إستراتيجية جديدة لأميركا فيما يتعلق بالملف السوري خطوطها العريضة رسم مقاربات مع الشريك الروسي لإيجاد تسوية للأزمة وفق مساري «أستانا» و«جنيف».
بعبارة أخرى يمكن اعتبار الإعلان بمثابة مؤشرات على بدايات لإنهاء الحرب على سورية، وما يجري العمل عليه من واشنطن هو لملمة أوراقها الإرهابية بمختلف مسمياتها، قبل أن تبدأ رحلة عودة «جهاديي» الأمس و«إرهابيي» اليوم إلى بلاد المنشأ لاستكمال مشروعهم «التنويري»، الأمر الذي يحتم على أميركا انعطافة كبرى تفضي إلى تبديل مواقفها والعمل على إيجاد صيغة للتعاون مع الحكومة السورية وروسيا لشن حرب بلا هوادة على الإرهاب وترك الشعب السوري يقرر مستقبل بلاده بنفسه، بعيداً عن أي تدخلات خارجية، مع اقتصار دور الخارج على تقديم العون في تنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بتجفيف منابع الإرهاب عبر وقف دعمه وتمويله وضبط الحدود وخاصة من الجانب التركي الذي يعد المصدر الأول لعبور جميع أشكال الدعم للتنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة.
أولى خطوات تنفيذ الانعطافة والإستراتيجية الأميركية الجديدة تمت من خلال عدم عرقلة أميركا مشروع قرار في مجلس الأمن قبل أيام يمنع التنظيمات الإرهابية من الحصول على السلاح، وكذلك تصريحات متزامنة أطلقها الكرملين والبيت الأبيض تقول، إن تحسناً طرأ على التعاون بين موسكو وواشنطن اتجاه ما يحدث في سورية وسبل حل الأزمة فيها.
جملة ما تقدم انعكس على ما يحدث في الميدان وما يدور في كواليس السياسة، فالجيش العربي السوري ومع تخفيف الدعم للميليشيات المسلحة تسارعت إنجازاته وتمكن من السيطرة على عدد كبير من القرى وآبار النفط في عمق البادية ويسير بخطا ثابتة لفك الحصار عن دير الزور واستعادة الرقة ومن المتوقع أن يتضاعف حجم الإنجازات خلال المرحلة المقبلة في ضوء انتفاضة الأهالي في دير الزور وريفها ضد تنظيم داعش وحالة التخبط والانهيار الدراماتيكي للتنظيم والتي أدت إلى اندلاع اقتتال داخل صفوفه وهروب أبرز متزعميه إلى مناطق مجهولة.
وقائع الميدان انعكست أيضاً على طاولة الحوار السياسي وجعلت من خالد المحاميد عضو «منصة الرياض» يعتبر أن «الحرب انتهت والرئيس «بشار» الأسد اقترب من الانتصار»، وأن المعارضة تنفذ أجندات خارجية، على حين لم تصدر عن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أثناء وبعد لقائه «الائتلاف» المعارض جملته المعهودة التي ملّ العالم سماعها بضرورة رحيل الرئيس الأسد قبل الدخول بأي مفاوضات، ومن التسريبات الأخيرة من رسائل الجبير لمعارضة الرياض، فإن السعودية تلقت أوامر من البيت الأبيض لتغيير الخطاب السياسي وهذا ما قد نلمسه واقعاً في جولة «أستانا» المقبلة المقرر انعقادها نهاية الشهر الجاري.
بالنظر إلى ما يحدث في ميادين القتال وما تصدر من تصريحات سياسية من الدول الإقليمية والغربية، فإنه من الآن وحتى نهاية العام الجاري سيتشكل واقعاً جيوسياسياً جديداً حيال سورية وجميع الملفات الساخنة في المنطقة ما يعني أننا دخلنا مرحلة التسويات الكبرى والأيام القادمة ستوضح المشهد أكثر.
الوطن