انقسام سرطاني داخل المعارضة.. المتغيرات الكبيرة قادمة

انقسام سرطاني داخل المعارضة.. المتغيرات الكبيرة قادمة

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٨ أغسطس ٢٠١٧

تنقسم المعارضة كانقسام الخلايا وتفتتها بمرض سرطاني، فيما يقودها نقص وطنيتها المكتسب إلى الهلاك الحتمي على سرير الخيانة الذي مارست عليه الرذيلة مقابل دراهم بخسة.
الانقسام بات منتشراً داخل ما تُسمى بالهيئة العليا للمفاوضات، إذ أن جزءاً لا بأس به من أعضائها بات مقتنعاً بأنه من المستحيل فرض شروط قبل مفاوضات جنيف المقبلة أولها عدم وجود الرئيس بشار الأسد في المرحلة الانتقالية، وهو ذات الأمر الذي شددت عليه منصة موسكو، برفضها فرض أي شروط من أي نوع كانت قبل المفاوضات.
على المقلب الآخر تستمر الملحمة الإلهية في عزف أنشودة الخلاص، جندي يقطر من فوهة بندقيته سوء العذاب للإرهابيين، وآخر ينبت الغار من خوذته بعد أن ارتقى إلى الملكوت شهيداً.
تقدم كبير للجيش العربي السوري في البادية ونحو دير الزور وفي القلمون، وسط حالة من الموت السريري بدأت الميليشيات المسلحة دخولها في هذه المرحلة، المعارضات متناحرة، ومسلحوها أشبه بقطاع ضباع هاربة من صولة ليث في الساح.
فيما يخص الأداء السياسي للحكومة السورية، قامت دمشق بالتأكيد على فكرة أنها أم الصبي بالنسبة لكل السوريين، وذلك بعدما بعثت وزارة الخارجية ، رسالتين إلى مجلس الأمن دعته فيهما لوقف قصف التحالف الدولي، مؤكدة أن طيرانه يستهدف مدنيين سوريين ويدمر البنية التحتية، وينتهك بذلك ميثاق الأمم المتحدة، لاسيما سقوط 78 مدنياً وجرح العشرات في أحياء سكنية بمدينة الرقة، هذه الحركة ليست من سبيل الولع بالإبراق للأمم المتحدة ودبج عبارات التنديد على ورق أنيق، بل كان المقصد منها سياسياً بحتاً يناسب مرحلة المتغيرات السياسية والميدانية الحالية، بمعنى آخر فإن دمشق أرادت أن تقول للمجتمع الدولي بأنها لا تفرق بين سكان مناطقها فسكان الرقة المدنيين شأنهم شأن سكان اللاذقية وغيرها من المدن، مما يؤكد هذه الفكرة لجوء مئات الآلاف من السوريين إلى مناطق سيطرة الدولة هرباً من مناطقهم التي سيطرت عليها ميليشيات مختلفة لا تقتصر على داعش والنصرة فقط بل تشمل جماعات زُعم بأنها كانت معتدلة، أيضاً فقد أرادت الدولة السورية تثبت نظرية رفضها لاستهداف المدنيين أينما كانوا وازدواجية معايير واشنطن وحلفها الغربي.
لو كانت تلك الرسائل الدبلوماسية في زمن التراجع الميداني والسياسي للحكومة السورية لكانت مثار استياء ورد فعل سلبي من المواطنين، لكنها الآن خطوة إعلامية ودبلوماسية وسياسية في زمن التقدم الميداني السياسي الكبير بعبارة أخرى تلك الخطوة كانت بمثابة توابل للمشهد السياسي والميداني، خصوصاً بعد اتفاق مناطق خفض التصعيد والحديث عن مصالحات مع الدولة.
في سياق آخر فإن تضارب المصالح الإقليمية والدولية حيناً وتقاطعها في حين آخر يمكن في بعض الأوقات أن يدفع بعجلة الحل، ما يجري في إدلب مثال على ذلك، إذ أن تركيا تحاول محاصرة النصرة هناك وفرض طوق عليها، بالتعاون مع الروسي، والأخير من مصلحته التعاون مع أي كان في أي منطقة سورية ما دام الهدف هو القضاء على تنظيمات تكفيرية  كالنصرة والفكرة الأهم أنها أيضاً تقاتل الجيش السوري، وهذا على مبدأ التعاون مع عدو للجيش السوري ضد عدو آخر للجيش السوري، أو لنقل التعاون مع ميليشيات محسوبة على تركيا هي بالأساس تعادي الدولة السورية ضد عدو آخر لدمشق هو النصرة.
آخر هذا التعاون الحديث عن منطقة خفض تصعيد لتكون المنطقة الرابعة في إدلب، هذه المدينة إلى تحولت إلى مكب نفايات بعد تجميع كل أنواع الإرهابيين فيها، بالمحصلة فإن كل ما سبق ذكره يدل على أن المتغيرات السياسية والميدانية الكبيرة قادمة في القريب العاجل.