غارة هجوميّة ومناورة دفاعيّة!.. بقلم: نبيل هيثم

غارة هجوميّة ومناورة دفاعيّة!.. بقلم: نبيل هيثم

تحليل وآراء

الجمعة، ٨ سبتمبر ٢٠١٧

دخلت إسرائيل على الخطين اللبناني والسوري، عبر مناورات عسكرية ضخمة قرب الحدود الجنوبية، وغارة جوية أمس، هجومية على مواقع للجيش السوري. فهل هذا الدخول محدود، ام أنه في سياق التمهيد لعمليات اسرائيلية اكبر واخطر؟ واكثر من ذلك، هل تستطيع اسرائيل أن تجرّ المنطقة الى حرب؟

بالتأكيد انّ العقل الاسرائيلي يمكن ان يفرز في اي لحظة خطوات غير محسوبة وغير متوقعة ضد لبنان او سوريا او اي من دول المنطقة، ولا احد يسكن في هذا العقل ليعرف إن كان سيفرز فعلاً أيّاً من المفاجآت العدوانية ومتى وكيف.

وبالتأكيد انّ اللبنانيين وفي سياق اختلافهم على الاولويات وحتى على البديهيات، يختلفون في قراءة هذا التدخل بين قائل انّ اسرائيل غير قادرة على خوض اي حروب، وبين قائل انها لن تسكت طويلاً على «حزب الله»، وايضاً على تبدّل ميزان القوى في سوريا لصالح النظام السوري وايران والحزب.

الّا انّ قراءة ديبلوماسية للمشهد يرسمها سفير دولة كبرى، تَشي بالآتي:

– وضع المنطقة مختلف عمّا كان عليه من قبل، وايّ عملية عسكرية اسرائيلية تصل الى مستوى الحرب مطوّقة بمجموعة عوامل تمنع حدوثها:

* الاول، المنطقة تسير نحو تسويات للأزمات الراهنة وتحديداً في سوريا، وبرعاية اميركية وروسية مباشرة. وغير مسموح لأيّ طرف اقليمي او دولي ان يعطّل قطار التسويات حتى ولو كان يسير ببطء في بعض الاحيان.

* الثاني، الخيمة الدولية التي تُظَلل الاستقرار في لبنان، والتي تشكل واشنطن احدى اهم ركائزها، أقوى من اي وقت مضى، والحرب الاسرائيلية عليه اضعف الاحتمالات.

* الثالث، اميركي، حيث ان اي حرب او عملية اسرائيلية كبيرة لا بدّ أوّلاً ان تحظى بتغطية اميركية لها، وهو امر ليس متوافراً اميركياً. فواشنطن مشغولة بأزماتها الداخلية مع ترامب، وبأزمات المنطقة، وبالازمات الطارئة وأخطرها الازمة الكورية. ما يعني انّ واشنطن بغِنى عن اي ازمة جديدة تفتعلها اسرائيل، وقد تكون لها تداعيات شديدة الخطورة غير محصورة.

* الرابع، الداخل الاسرائيلي غير مؤهل لمماشاة او تغطية اي حرب اسرائيلية، او عملية عسكرية كبيرة في المنطقة، لأنه ليس محصّناً امام الارتدادات التي تصيبه في الحرب، خصوصاً بعد فشل مناورة «الحماية الداخلية» التي أجرتها اسرائيل وخرجت بنتيجة مُرعبة للطاقم الاسرائيلي الحاكم بحيث أبقَت الداخل مكشوفاً خلال ايّ حرب، ما يعني انّ الاثمان ستكون مرتفعة وشديدة الكلفة.

ومن هنا انتقلت اسرائيل من المناورات الهجومية الى المناورات الدفاعية، كمثل التي بدأتها على الحدود مع لبنان وتحاكي فيها هجوماً مُفترضاً من الحزب على المستوطنات الاسرائيلية. وكأنها تقول من خلالها: «اذا فكّر «حزب الله» بالهجوم علينا فنحن جاهزون لردعه».

وامّا الغارة على سوريا بحسب السفير المذكور، فلا تغيّر شيئاً في الواقع الميداني، لأنها تشكّل من ناحية تعبيراً عن امتعاض من تقدّم النظام السوري و«حزب الله» في سوريا، واذا ما نَبشنا بالذاكرة نرى غارات مماثلة شنّتها اسرائيل بعد كل إنجاز نوعي يتحقق في سوريا، وقد تتالت الغارات بعد حلب، وحماة، وحمص، والغوطة، والآن بعد دير الزور ومعارك الجرود في لبنان.

كما يمكن قراءتها على انها غارة تذكيرية بأنّ اسرائيل موجودة وتعطي إشارة الى عدم عبور قطار التسويات في المنطقة بمعزل عن حضورها ومصالحها. وبالتالي، من الخطأ اعتبارها غارة تمهّد لإعادة خلط الاوراق.

ولـ«حزب الله» قراءته: «لا نعتقد انّ هناك ما يبعث على القلق على لبنان، والاستقرار الداخلي والاستمرار الحكومي مؤمّنان. وبالتالي، لا يوجد خطر. والوضع على الحدود مع سوريا صار مستقراً وآمناً بعد طرد المجموعات الارهابية منها، امّا المناورات الاسرائيلية فـ«حزب الله» يرصدها كما يجب، على رغم انها دفاعية يُراد منها طمأنة الداخل الاسرائيلي ورفع معنويات الجيش، واسرائيل التي لم تكفّ يوماً عن التفكير كيف تهزم او تقضي على «حزب الله»، هي الوحيدة التي تعرف أكثر من غيرها معنى وأثمان انزلاقها في اي حرب ضد لبنان او ضد سوريا».