جحيم الروهينغا..بقلم: رشاد أبو داود

جحيم الروهينغا..بقلم: رشاد أبو داود

تحليل وآراء

الاثنين، ١١ سبتمبر ٢٠١٧

ذنبهم أنهم مسلمون. يتعرضون للذبح والاغتصاب والتشريد. العالم صامت على مأساتهم. والمسلمون، أشقاؤهم في الدين، يدعون لهم بالرحمة دون أن يفعلوا شيئاً لإنقاذهم. لكأن الرسول الكريم محمد لم يقل فيهم «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

لقد أخذ الروهينغا اسمهم من «الرحمة» حيث يؤكد بعض مؤرخيهم أن مصطلح روهينغا مشتق من كلمة «رحمة» العربية، حيث تتبع هؤلاء المؤرخون المصطلح إلى القرن الثامن الميلادي فيما عرف بقصة حطام السفينة. ووفقاً لما قالوه فإن سفينة عربية تحطمت بالقرب من جزيرة رامري بها تجار عرب، وقد أمر ملك أراكان بإعدام هؤلاء التجار الذين كانوا يصيحون: «الرحمة الرحمة»، فأطلق على هؤلاء الناس اسم راهام ومع مرور الزمن تبدل المصطلح إلى رهوهانغ ثم روهينغا.

يسكن الروهينغا في ولاية «اراكان» غربي بورما أو ميانمار. ووفقا لتقارير الأمم المتحدة تعتبر أكثر الأقليات اضطهاداً في العالم على يد الأكثرية البوذية التي تمارس ضدهم حرب إبادة بشرية منظمة بإشراف الحكومة وأجهزتها الأمنية عبر مذابح جماعية تتم بطريقة وحشية، من القتل والحرق بالنار وقتل الأطفال والاغتصاب الجماعي، وتدمير البيوت ورمي الجثث في الأنهار والمستنقعات، وتدمير البيوت وحرقها، وممارسة التطهير العرقي والتشريد نحو جنوب بنغلادش.

وفي عملية «التنين» التي قام بها الجيش البورمي عام 1978م تم تشريد (200000) شخص إلى بنغلادش، وما بين عامي (1991- 1992) حدثت موجة أخرى من العنف المبرمج من الحكومة تم خلالها تشريد ربع مليون روهينغي. مئات الآلاف من الشعب الروهينغي يعيشون في مجتمعات لجوء بائسة بدون مساعدات ودون عناية، سواء في بنغلادش أو تايلاند، وبعضهم يمكث في سفن في عرض البحر لمدة طويلة بسبب المنع من استقبالهم، إنهم أتعس أهل الأرض جميعاً.

الآن يتعرضون لموجة أخرى أشد بشاعة، حيث تم رصد تهجير ما يقارب (40000) خلال الأسبوع الأخير من شهر أغسطس الماضي.

لقد صمت العالم فترة طويلة على مأساة الروهينغا، لكن ثمة في هذا الكون من لا يزال «إنساناً» يتحرك ضميره لقتل دولفينات البحر أو جراد الصحراء فما بالك ببشر؟!

أخيراً قالت صحيفة «إندبندنت»، البريطانية، في تقرير لها، كتبه أحد أعضاء فريق الأمم المتحدة في بنغلادش، إن المنظمة الدولية حذرت من أن القوات الحكومية البورمية «المينامارية» تقوم بنحر الأطفال والرضع بالسكاكين أثناء حملات التطهير التي تشنها على قرى مسلمي الروهينغا بولاية أراكان. وقال التقرير إن رضيعا يبلغ ثمانية أشهر وطفلين عمرهما 4 و6 سنوات طعنوا حتى الموت في منازلهم أثناء عمليات التطهير التي تقوم بها القوات الحكومية، والتي تشير تقارير سابقة إلى قتلهم المئات منذ أكتوبر الماضي، في القرى المسلمة بالولاية. وقد أصدرت الأمم المتحدة هذه التقارير بعد مقابلات مع 200 لاجئ من الذين نجحوا في الوصول لمخيمات اللجوء في بنغلادش.

لم تنته الفظائع البورمية ضد المسلمين. فقد روى عدد من اللاجئين، في مقابلات منفصلة، أن الجيش قام باحتجاز أسرة بكاملها بمن فيهم المسنون والمعاقون، داخل منزل وأضرموا النار، وقضوا عليهم جميعاً حرقاً.

وقال العديد من الشهود والضحايا أيضاً إنه أثناء تعرضهم للضرب والاغتصاب كانت القوات البورمية والقرويون البوذيون يقولون لهم: «إنكم بنغلادشيون ويجب أن تعودوا«أو»ماذا يمكن أن يفعل الله لكم؟ انظر ما يمكننا القيام به؟«. وكشفت أكثر من نصف النساء الـ101 اللواتي تمت مقابلتهن تعرضن للاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي.

وقالت لينا أرفيدسون، وهي واحدة من أربعة من موظفي الأمم المتحدة الذين قابلوا لاجئي روهينغا في بنغلادش، والتي كتبت التقرير لـ«إندبندنت»، إنها لم تواجه مثل هذا الوضع «الصادم» من قبل.

لقد تزامنت المذابح ضد مسلمي الروهينغا مع عيد الأضحى. فأي عيد أسود عاشه هؤلاء الذين استمسكوا بدينهم الحنيف ورفعوا راية الإسلام فوق جثث قتلاهم فيما الدم يسيل من رقاب أطفالهم. نحن نضحي فيما أشقاؤنا هناك هم الضحية !