قرن على جريمة بلفور.. بقلم: نعيم إبراهيم

قرن على جريمة بلفور.. بقلم: نعيم إبراهيم

تحليل وآراء

الخميس، ٢ نوفمبر ٢٠١٧

يمر اليوم قرن من الزمن على جريمة بلفور بحق فلسطين الأرض والإنسان، فهل يعقبه قرن آخر أو اثنان أو أكثر من ذلك بكثير حتى تكتمل فصول الجريمة ويحقق العدو الصهيوني كامل أهداف مشروعه في المنطقة ما بين الفرات والنيل وربما أبعد من ذلك بكثير؟
ماذا يعني أن تعبر رئيسة حكومة بريطانيا تيريزا ماي، قبل أيام، عن فخرها بوعد بلفور، ودور بلدها في تأسيس إسرائيل؟ لماذا تسرع بعض الرسميات العربية الخطى للتطبيع مع الاحتلال الصهيوني في واقع «الربيع العربي» اليوم؟ لماذا أخفق التيار القومي العربي ومعه التيار الإسلامي في تحقيق أهدافهما فلسطينياً وعلى صعيد توحيد الأمة؟ ولماذا بقيت الفصائل والقوى الفلسطينية عاجزة عن استعادة الحقوق المغتصبة للشعب الفلسطيني المظلوم؟ وماذا يعني وصول متضامنين بريطانيين إلى فلسطين سيرا على الأقدام للتنديد بوعد بلفور في ذكراه المئوية، ورفضا للاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية؟
تساؤلات جمة مطروحة اليوم على بساط البحث علنا نجد إجابات موضوعية لها، لعل خطوة المتضامنين البريطانيين بالوصول إلى فلسطين سيرا على الأقدام أكثر من 135 يوما للتنديد بوعد بلفور تكون مقدمة لحراك واسع نصرة للحق الفلسطيني.
رسالة هؤلاء المتضامنين جلية إلى حكومة بلادهم برفض هذه الجريمة النكراء، فماذا عن رؤية ورد أبناء جلدتنا من عرب ومسلمين على إصرار حكومة بريطانيا الاحتفال بالذكرى المئوية للوعد المشؤوم؟
ما اتخذ من خطوات ومبادرات حتى الآن على هذا الصعيد لا يغني ولا يسمن من جوع، فلسطين لا تتحرر إلا بالقوة حيث سرقت منا جميعاً بقوة المؤامرة الدولية التي حاكتها الحركة الصهيونية ومعها حلفاؤها من عرب وعجم.
دعوة تيريزا ماي للاحتفال بـ«فخر» بمئوية وعد بلفور، لا تأتي من فراغ، بل نتيجة مواكبة للمراحل التي مرّ بها «الوعد المشؤوم»، واستشعار وصوله غايته، بعد أن حقق وعوداً عربية بالجملة، بإيصاله إلى خط النهاية، و«البصم» على القبول بوطن قومي لليهود على أرض فلسطين، وتصفية القضية الفلسطينية بشكل تامّ وشامل.
وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون قال قبل عدة أيام من ذكرى الوعد الباطل، إنه «حزن بشدة بسبب معاناة المتضررين والمطرودين في فلسطين» من إقامة إسرائيل، ولكنه لفت في الوقت نفسه أنه «صديق» لتل أبيب، موضحاً أن «وعد بلفور» لم يتحقق بالكامل، وأوضح جونسون، في مقال له نشرته صحيفة «التليغراف» البريطانية، أن وثيقة آرثر جيمس بلفور، التي وضعت قبل 100 عام كأساس لإقامة إسرائيل، «لم تنفذ بشكل كامل»، معربا عن تعاطفه إزاء الفلسطينيين. وفسر وجهة نظره قائلاً: إن «التحذير الهام في وعد بلفور، والذي غرضه حماية الطوائف الأخرى، لم يتحقق بالكامل»، حيث كان يرمز إلى الوثيقة التي دعت إلى ضرورة عدم الإضرار بالحقوق المدنية والدينية للطوائف الأخرى غير اليهودية، وأشار جونسون إلى قضية المستوطنات الصهيونية، قائلاً: إن حل الدولتين يجب أن يشمل دولة فلسطينية متصلة الأراضي وقابلة للحياة إلى جانب دولة «إسرائيلية آمنة»، واقترح السعي لاتفاق سلام استنادا إلى حدود عام 1967 مع تبادل الأراضي، وتابع الوزير البريطاني: «يعني هذا من الناحية العملية أن أي اتفاق من هذا القبيل يجب أن يكون منسقا بين الدولتين، ويجب توفير تعويضات دولية سخية»، وأضاف بوريس جونسون: «ينبغي أن يوافق الطرفان على القرار النهائي بشأن القدس، بما يكفل أن تكون المدينة المقدسة عاصمة مشتركة لإسرائيل ودولة فلسطينية، وأن تمنح حق الوصول والحقوق الدينية لجميع من يملكونها»، واختتم مقاله في الصحيفة البريطانية قائلا: «في نهاية المطاف، يجب على الإسرائيليين والفلسطينيين أن يتفاوضوا على التفاصيل وأن يكتبوا فصلهم الخاص في التاريخ، وستقدم بريطانيا كل ما في وسعها لاستكمال الأعمال غير المنجزة لوعد بلفور».
لا شك أن هذا الطرح يدلل مرة أخرى على إصرار الحكومة البريطانية على استمرار جريمة بلفور التي تفتخر بها تيريزا ماي رئيسة الوزير جونسون.
الكثير من الأنظمة العربية والإسلامية أزالوا كلّ حواجز التطبيع مع العدو الصهيوني، ويمولون اليوم حروب الإرهاب والتطرف ضدّ الدول التي تحمل راية تحرير فلسطين، وسورية وليبيا والجزائر وإيران وقوى عديدة على المستوى الدولي، استُهدفت لأنها تدعم المقاومة وقالت بحزم: لا للتطبيع ولا للتفريط بالثوابت القومية ولا لتصفية القضية الفلسطينية.
ينبغي إعادة المعركة مجدداً مع العدو الصهيوني مباشرة في سياق التصدي لنتائج ومفاعيل وعد بلفور وهذا لن يحصل قبل النصر النهائي على الإرهاب والتطرف في المنطقة بالمقاومة المسلحة التي يجب أن تمتد من المحيط إلى الخليج ضد المشروع الصهيوني الامبريالي الرجعي لأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها.