نفرتيتي الحلبية زوجة اخناتون.!.. بقلم: ماجدي البسيونى

نفرتيتي الحلبية زوجة اخناتون.!.. بقلم: ماجدي البسيونى

تحليل وآراء

الأربعاء، ٨ نوفمبر ٢٠١٧

ما أن ذكرت بكتابي "حلب من الحصار للانتصار" من أن موطن "نفرتيتي" جميلة الجميلات وملكة الملكات هو حلب ومن جبل "ليلون تحديدا" إلا وكثرت الأسئلة التي وصل بعضها لرفض هذه الحقيقة، للدرجة التي ذهب البعض يقولون : أن عشقك لسورية جعلك تنسب لها كل جميل..العشق حقيقة،ولكن كيف لى أن أنسب لملكة مثل نفرتيتي الجميلة موطنا غير موطنها ومسقط رأسها..
"...لملك مصر .. لأخي .. لصهري الذي أحب .. الذي يحبني .."
كانت هذه الجملة بداية الرسالة التي حملتها"تتوخبا" ابنة " توشراتنا " ملك بلاد ميتاني لملك مصر "أمنحوتب الرابع"1370 ـ 1336 ق.م.. وعلي من يريد التأكد يستقل اقرب طائرة إلي برلين حيث متحفها ويقرأ ما جاء بلوحات تحمل الأرقام من23 إلي 47 ،تحتوي هذه الرسائل موضوعات مستلزمات زواج الملك الفرعوني الموحد من الأميرة الميتانية التي حملت مع الرسالة ديانة التوحيد لإله الشمس، وعلي الباحثين ربط هذه الأحداث بقصة سيدنا يوسف وكيفية خروجه من سجن العزيز الوزير زوج زليخة وكيف حرره الملك بعد رؤيته بالسبع العجاف..
تعالوا نقرأ مقتطفاتً من الرسالة التي حملتها"تتوخبا" قبل أن يطلق عليها المصريون "نفرتيتي"التي تعني السيدة الجميلة" إلي"أمنحوتب الرابع" الذي هو "أخناتون" التي كانت بصحبة شاهدين "مان" الذي هو شقيق الملك توشراتنا و"كليا" هو مبعوث اخناتون.. الذي يحلو للملك أن يوصفه أيضا بـ اخي...
".. لملك مصر .. لأخي .. لصهري الذي أحب .. الذي يحبني ..
أحوالي جيدة، أتمنى أن تكون أحوالك جيدة أيضاً..
يا صهري أتمنى أن تكون أحوال نسائك وأبنائك وشيوخك.. وخيولك وعرباتك الحربية وقواتك العسكرية وبلادك وممتلكاتك جيدة...
وتمنى أخي زوجة له.. والآن ها قد أعطيتها وقد سارت إلى أخي.. والآن ها قد أعطيت أخي زوجة وهي مبهجة، وقد سارت إلى أخي ..
وإذا ما وصلت زوجة أخي وأظهرت نفسها لأخي فليت هديتي تكشف وليت أخي يجمع كل البلاد وجميع البلاد الأخرى والوجهاء.. وليكن كل الرسل حاضرين ولتعرض على أخي مهره.. ليت كل شيء يكون في نظر أخي مثيراً للسعادة .. وليت المهر يكون مثيراً للسعادة وليت هي تكون مبهجة والآن هاهي ابنة أبي أختي هناك .. والرقم الذي يتضمن مهرها موجود أيضاً.. ليت أخي يطلب رقيمها ويسمع الكلمات المدونة عليها وليته يطلب رقيمي ، رقيم المهر الذي قدمته أنا، وليته يسمع أن المهر كبير أنه جميل أنه لائق لأخي.. أود أن أقول لأخي أمراً آخر وليت أخي يسمعه.. إن الأشياء التي حققها "أرتتما"جدي لأبيك هي.. وقد جعلتها أكثر فيما أرسلته إليك وضاعفتها عشرة مرات.. وليت أخي يجعلني غنياً في نظر بلادي وليت أخي لا يمرض قلبي لذلك تمنيت من أخي تمثالاً لأبنتي مسكوباً من الذهب أنا أعلم أن أخي يحبني من أعماق القلب بدرجة كبيرة جداً جداً وأعلم أيضاً أن في بلاد أخي ذهباً كثيراً، ومن ناحية ثانية ليت أخي يقدم.. تمثالاً من العاج..
وأتمنى أن يسمع ما يأتي:
أتمنى ألا يوجد عدو لأخي ولكن إذا ما حصل أن تغلغل عدو لأخي في بلاده فليرسل إليّ خبراً وسوف تكون البلاد الحورية والمدرعات والأسلحة وغيرها تحت تصرف أخي لمواجهة العدو. .
من ناحية ثانية إذا ما وجد عدو لي وأتمنى ألا يوجد سأرسل إلى أخي خبراً وسوف يضع أخي البلاد المصرية والمدرعات والأسلحة وغيرها مما يخص صديقي تحت تصرفي .. وإذا ما قال شخص ما لأخي أي كلام سوء عني أو عن بلادي فعسى أخي لا يصدق تلك الكلمات إن لم يقلها (مان وكليا) أما الكلمات التي يقولها مان وكليا عني أو عن بلادي فهي حقيقية وصحيحة وعسى أخي يصدقها.. وإذا ما قال شخص ما لي أي شيء عن أخي أو عن بلاده فسوف لن أصدقه إن لم يقله كلياً ومان أما ما يقوله كليا ومان عن أخي أو عن بلاده فهو حقيقي وصحيح سأصدقه.. أتمنى من قلبي وبدرجة كبيرة أن أكون جيداً مع أخي، وأن أصون المودة المتبادلة،
وأن يرعى أخي هذا الإخلاص بدرجة كبيرة إننا نريد أن نكون جيدين مع بعضنا ونرغب من قلبينا أن نحب بعضنا .. ولنحب بعضنا بشكل أخوي وحميم لما يحب المرء إله الشمس هكذا نريد أن نحب بعضنا
أخوك..
حموك الذي يحبك ..
هذا ما جاء بالنص في كتاب جرنوت فيلهلم "الحوريون وحضارتهم" ترجمة الدكتور فاروق إسماعيل ص 70 إلى 73 لمن يريد التحقق.. يرجح علماء الآثار أن نفرتيتي نقلت معتقدات شعبها الميتاني إلى الفراعنة وهي عبادة إله الشمس.. ففي قبر أخناتون صورة الشمس المشرقة عبادة الميتانيين في تلك الفترة التاريخية.. العلماء يؤكدون بأنه بعد وفاة نفرتيتي وزوجها عادت العبادة في مصر إلى الآلهة القديمة .
نفرتيتي بقيت أرملة بعد موت زوجها اخناتون ولم تلد سوى الإناث لهذا سميت ملكة الملكات.. النصوص الأثرية التي عثرت عليها في تل العمارنة عثر عن رسالة من ملك الحثيين تفيد بطلب ملك الحثيين بزواجه من أرملة أخناتون (نفرتيتي)، لكن الزواج لم يتم بسبب موته وهو في الطريق إلى بلاد الفراعنة.
أين بلاد ميتاني..؟
في بحث بعنوان" جبل ليلون في مرآة التاريخ.. بحث جيولوجي تاريخي أثري اجتماعي موثق" لـ مروان بركات، الصادر في 27/4/2006 بموافقة وزارة الإعلام رقم 91641" كتب: إن منطقة جبل ليلون (شيراوا) شهدت العديد من الحضارات الإنسانية التي يكتنفها بعض الغموض، لذا فهي تستحق أن يبذل من أجلها الكثير من الجهد لتوضيح ما غمض من تاريخها ومعالمها.... هذه البقعة الصغيرة من بلادنا كانت مركزاً لمعتقدات وأديان مختلفة من وثنية ويزيدية ومسيحية ، في القرون التي سبقت الميلاد"
جبل ليلون"الزيتون"يقع جنوب شرقي مدينة عفرين ، وشمال غرب مدينة حلب مساحته /1200كم2 ،يمتد من سهل قطمة , كفر جنة شمالاً إلى سهل زرزيتا جنوباً تحده غرباً سهول (قيبار , طرندة , عين دارة , غزاوية )
وسهول قطمة كفر جنة شمالاً وسهول إعزاز التي تشمل (سهل منغ , دير جمال , نبل , حريتان ) شرقاً ويتصل بسهل أتارب جنوباً.
تتميز تضاريس منطقة ليلون بقلة الارتفاع.. تتخللها أودية جافة , تنحدر شرقاً (وادي كشتعار , صوراقية , خرنوفة, كوكبة , برجكة , كلوتة , باشمرة ، كباشين ) كما تنحدر باتجاه الغرب أودية.. وادي المغارة الحمراء وادي كُور وادي دودريية وادي النمر وادي حِسنيا وادي قرطل ووادي لُولْكِه وبه عدد من الكهوف والمغاور ونبع ماء بما له من أهمية لأهالي قرية كورزلة فقط، وكذا طريقاً هاماً للقوافل التي كانت تتجه من جبل الكرد إلى مدينة حلب
المناخ في جبل ليلون متوسطي شبه رطب في الغرب يتحول شرقاً إلى شبه جاف . الحرارة منخفضة شتاءً ، مرتفعة صيفاً. تتعرض لرياح غربية رطبة تهب في أغلب الفصول , قادمة من البحر الأبيض المتوسط عبر ممري (بيلان , إنطاكية) وتتعرض شتاءً لرياح شمالية شرقية باردة وجافة (قارية) كما تتعرض في قسمها الشرقي لرياح محلية قادمة من البادية وهي حارة وجافة محملة بالغبار أحياناً ..ويعتمد على مياه الأمطار يعتبر حبل ليلون أكبر غابة من السرو والصنوبر تبدأ من شمال مدينة نبل يتحول إلى خميلة ضاحكة من الورود في فصل الربيع وبخاصة نهاية شهر آذار وخلال شهر نيسان.. ومن أكثر المناطق التي تتواجد فيها السلاحف..
في الحد الشرقي من وادي عفرين تم اكتشاف كهف دودريية عام 1978م بداخله عظام لطفل عاش في العصر الحجري المتوسط أي /200 إلى 40/ ألف سنة قبل الميلاد قدر عمره بحوالي سنتين..
تذكر بعض الرقم التي عثر عليها في تل العمارنة في مصر بأنه في فترة حكم الحوريين لمنطقة شمال سوريا كان المصريون يطلقون على شمال وشمال غرب سوريا اسم (بلاد هورو) .
وبعد عام /1550 ق.م/ بقليل ظهرت مملكة مؤسسة على قواعد حورية تدعى (ميتاني) أو (ميتاهوري) وكانت هذه المملكة أقوى الممالك الحورية ، وقد ناوشت وأحياناً حاربت كلاً من الحثيين والمصريين وهما القوتان الرئيسيتان في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد..
وفي حوالي عام /1472 ق.م/ اصطدم أحد ملوك ميتاني مع تحتمس الثالث ملك مصر، وبعد هذا الصدام الميتاني المصري أرسل أحد ملوك الآشوريين هدية إلى مصر، يظهر من خلالها دعمه لملوك مصر، ولكن بعد هذا التاريخ بزمن قصير استطاع الملك الميتاني (زواستر ، شاوشتر) ضم آشور إلى حكمه...
أما أبرزالآلهة التي عبدها ملوك ميتاني في أواخر القرن الرابع عشر قبل الميلاد فهي :ميثرا, فارونا, إندرا, ناستيا، ولا يزال اسم (فارو) المؤنث دارجاً بين الكرد في عموم المناطق الكردية .
ـ الإله (تشوب) إله الطقس وملك الآلهة إله المطر والصاعقة وكانت عبادته تمتد من حلب حتى آسيا الصغرى وحتى (نوزي) شرقي دجلة .  الإلهة (خبات) والتي عبدت كقرينة (لتشوب حلب)
ـ الإلهة (عشتار ـ عشتروت). ولكن كانت عبادة (إله الشمس تحتل مركز الصدارة في عبادات الميتانيين ، وفيما بعد احتل هذا الإله مكانة عالمية .
خلال فترة التنافس الحثي الحوري على المنطقة الواقعة بين نهر الفرات والبحر الأبيض المتوسط , كان تحتمس الأول /1497 ـ 1482ق.م/ يعد لحملة على شمال سورية بعد أن أحس بتصدع السيادة الحثية , ومع حلول عام /1447ق.م/ أصبحت أغلب المناطق الميتانية في غرب الفرات تحت النفوذ المصري.
إذاً بهذا يمكننا القول بأن الصراع كان مستمراً بين الميتاهوريين والمصريين والحثيين على مناطق شمال سورية حتى عهد تحوتمس الرابع عام 1390ق.م .
وبعد دخول تحوتمس الأول إلى فلسطين واجه القوات الميتاهورية حتى سيطرعلى مناطق غربي الفرات , وأصبح المصريون في تماس مباشر مع الحثيين .
وبعد موت تحوتمس تمكن الميتاهوريون من استعادة أملاكهم في المناطق التي تقع غربي نهر الفرات
وبعد ذلك دخل الميتاهوريون في حرب ثانية مع الملك الفرعوني (أمونحوتب الثاني) 1447ـ 1420ق.م . في (قنال) وفيها خسر الفرعون أمام الميتاهوريين .
وفي عام 1411ـ 1397ق.م دخل الملك الفرعوني (تحوتمس الرابع) في مهادنة الميتانيين والتقرب منهم على حساب الحثيين .
فطلب هذا الملك الفرعوني الزواج من إحدى أميرات البيت الملكي الميتاني , وذلك من خلال الرسائل المتبادلة بين تحوتمس الرابع الفرعوني و( شوتنارنا) الملك الميتاني .
وبعد أن استلم الملك الميتاني الرسالة السابعة من الملك تحوتمس الرابع بشأن طلب الزواج , وافق (شوتنارنا) على تزويج إحدى الأميرات من تحوتمس الرابع .
وبهذا ظهرت علاقة قوية وقرابة راسخة بين ملوك الميتانيين وفراعنة الأسرة الثامنة عشر .
وتوجد في متحف برلين لوحات تحمل الأرقام (47 ـ 23) هي عبارة عن رسائل أرسلها( توشراتنا ) إلى كل من ( أمونحوتب الثالث وأمونحوتب الرابع أي أخناتون ) وتحتوي هذه الرسائل موضوعات مستلزمات زواج الفرعونيين المذكورين من الأميرات الميتانيات .
 وفي عام ( 1370 ـ 1336 ق.م ) كانوا يلقبون الأميرة الميتانية بـ ( نفرتيتي الجميلة *) وفي عام ( 732 ق.م ) إثر معركة " قرقر" الثانية فقد الميتانيون ما بقي لديهم من المدن في عهد الملك الآشوري (آشوربال الثالث ) وبهذا أسدل الستار نهائياً على المملكة الميتانية أواخر القرن الثامن قبل الميلاد .
وبعد توسع النفوذ الآشوري في مناطق شمال سوريا وانتهاء الإمبراطورية الميتاهورية ، كانت أوراراتو تتوسع وتتحرك بإتجاه الجنوب , وأثناء حكم الملك الآشوري (آشور نيراري) (753 – 745 ق.م) حصلت أوراراتو على مكاسب سياسية وربما عسكرية في شمال وشمال غرب سوريا .
وفي عام /613 ق.م / انسحب الميديون من آشور مؤقتاً وتتفق الروايات اليونانية مع التوراة في وصف السرور والغبطة عندما سقطت نينوى بيد الميديين .
ففي عام /610 -  595 ق.م / قرر الفرعون المصري (نخو الثاني) تقديم الدعم (لآشور أباليت) وقاد الجيش المصري إلى شمال وشمال غربي سوريا فوصل إلى كركميش لمنع المد الميدي من الشرق باتجاه الغرب ، وفي عام /605 ق.م / قام نابو بولاستر البابلي المتحالف مع الميديين الكرد بهجوم مباشر على الجيش المصري القوي في كركميش "جرابلس حالياً" وقد سجل (أرميا) الحادث كما يلي :
إن إله الجنود يود تقديم ضحية...
في البلاد الشمالية إلى جانب نهر الفرات...
آه أبتها البنت المصرية العذراء ...
لقد سمعت الأمم بما لحق بك من عار ...
ولقد امتلأت السماء بصراخك ...
وذلك لأن المحارب قد اصطدم بمحارب وقد سقطا معاً ..
ومع أن الأبيات الأخيرة تشير إلى أن كلا الطرفين قد لاقيا مذبحة ثقيلة الوطأة إلا أن الجيش المصري هو الذي واجه انكساراً معنوياً ، وهنا يصور أرميا الرعب والهلع أثناء هروب الناجين من الموت ورجوعهم إلى مصر :
لقد هزم محاربوهم وهربوا بسرعة ،ولم ينظروا إلى الوراء لأن الرعب كان يحيط بهم من كل جانب..وبعد هزيمة الجيش المصري استعاد الميديون بلاد أجدادهم الهوريين والميتانين وبلاد ما بين النهرين, بل كافة أنحاء كردستان وكبادوكية (مناطق الحثيين) في أواسط الأناضول حتى البحر الأبيض المتوسط غرباً , وبهذا تشكلت الإمبراطورية الميدية (ميديا الكبرى).
من كل ما سبق يتضح أن تحتمس طلب الزواج وأرسل عدة رسائل ولكن علي ما يبدو أنه لم ينل الزواج من امرأة حلبية،فقط اخناتون هو من فاز بالزواج من السيدة الجميلة نفرتيتي"تتوخبا"
فهل هذا يكمن سر التقارب مابين الشعبين المصري والسوري بداخل كلا الجينات ويفسر لنا نجاح الزيجات المصرية / السورية..أم أن هذا التعطش نابع من عشق لم يكلل مابين سيدنا يوسف وزوجة الوزير المصري..!