الحريري ربح الجولة على السبهان.. بفلم: روزانا رمال

الحريري ربح الجولة على السبهان.. بفلم: روزانا رمال

تحليل وآراء

الاثنين، ١٣ نوفمبر ٢٠١٧

استبق رئيس مجلس النواب نبيه بري مقابلة الرئيس سعد الحريري أمس، بحوالي الساعة أو أقل ليطلق موقفاً موجهاً للرئيس الحريري قبل إعلانه الاستقالة من جديد، ويذكّره أن على هذه الاستقالة أن تكون دستورية ووفق الأصول والقانون عبر حضوره شخصياً إلى لبنان وتقديمها لرئيس الجمهورية ميشال عون ليُبنى على الشيء مقتضاه. أما الأخير، الذي لم يوفر جهداً في مداراة الوضع ومسايرة القريب والبعيد من أجل السلم الداخلي واستشارة الخصم والصديق طلب تخصيص ماراتون بيروت كهدف ومسار من أجل إعادة رئيس الحكومة إلى البلاد. وهو الأمر الذي يُضاف إلى سلسلة المواقف لعون التي صبّت بجانب اعتبار أولوية البلد الوحيدة هي عودة الحريري لفهم الصورة أفضل وترسيم شكل المرحلة المقبلة في وقت استمرّ عون برفض أي استقالة من خارج لبنان ورفض أي كلام يصدر عن الحوار «المفتعل» أو الخاضع للظروف الغامضة للحريري، حسب توصيف عون وبالتالي فإن مواقفه موضع شك والتباس. قد لا يكون ما جاء في المقابلة وحده ما قد يهمّ للمتابعة بل فكرة اللجوء السعودي إلى إخراج من هذا النوع بعد أيام من الغموض الذي يعيشه الحريري في ما حسم محلياً أنه وضع مريب أشبه بالخطف زادت عليه تأكيدات دولية عبر دبلوماسيين غربيين لبلادهم أن حرية الحريري مكبّلة. فهو لم يستطع مقابلة أي من ضيوفه منفرداً بل كان دائماً أحد رجال المخابرات موجوداً أو بحضور الوزير السبهان، حسب معلومات «البناء» مبادرات فرنسية تبدأ بلقاء وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل ومصرية تشمل ستة دول يقودها وزير الخارجية سامح شكري، وكلها مبادرات «منتظرة» من أجل معرفة مصير الحريري أرخت أجواء من الاستنفار لدى الرأي العام الدولي. أما الأحد المقبل فاجتماع لوزراء الخارجية العرب بطلب سعودي ينتظر فحواه بترقب ودعوات من الخارجية الإيطالية لاحترام سير المؤسسات الدستورية في لبنان.. كلها أجواء تصبّ عند مطلب واحد. هو إطلاق سراح الحريري من جهة وارتباك واضح لمحتجزيه من جهة مقابلة .

وبالعودة للمقابلة الكثيرة الدلالات فهي وقبل الدخول بتفاصيلها محطة استراحة وهروب إلى الأمام تضع فيها المرساة السعودية حبالها الثقيلة بعد أن تكثّف ضغط المجتمع الدولي عليها استيضاحاً واستنفاراً لمعرفة مصير الحريري أولاً ومنعاً لاعتبارها سابقة دولية في التعاطي مع رؤساء حكومات مفترض أن يتمتعوا بحصانة دولية تتكفل باحترام حيثيتهم وبعد نجاح الضغط الرسمي اللبناني أولاً وأخيراً المتمثل بتماسك الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والقيادات الروحية، أبرزها مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان كلها مواقف رفضت الاستقالة على هذا الشكل ما سرّع بحسم الجولة الأولى لبنانياً، ووضعت السعودية أمام إحراج المجتمع الدولي خصوصاً، بعد أن مورست ضغوط أوروبية على عدم المخاطرة بأمن واستقرار لبنان واعتبار الحريري أحد أوجه هذا الاستقرار. كلها معلومات أكدت عليها مصادر واسعة الاطلاع لـ «البناء». ظهر الحريري بصورة غير مشجّعة «شكلاً» خالية من أي حيوية تؤكد فشله في التمثيل والتمثيليات لكن معتدلاً بالموقف السياسي رغم الإرباك. وهذا يعني أنه صار بأجواء التراجع السعودي لجهة أنزل سقف الخطاب عن البيان المقروء الذي أصرّ أنه كتبه بنفسه. الحريري أصدر مفاجأة حين أعلن أنه مستعدّ للعودة إلى الحكم بشروط مقابل تضحيات من «الآخرين» وإذا كان الآخرون هم فريق حزب الله فمؤكد أن هذا يعني أنه يبدي استعداداً للتفاوض. وهنا صارت الاستقالة بحد ذاتها من مصدرها استقالة «ملتبسة» قد تحتمل الرجوع وكأنه نأي بالنفس.

أكد الحريري أنه يرغب للعودة إلى الحكم وشدّد على أنه يحافظ على علاقة ممتازة بعون، وفاض بكل الكلام الطيب باتجاهه من دون اعتباره إيرانياً، كما أراد السبهان عبر بيانات تحمل لبنان الرسمي واختياره بين الانضمام للعرب او إيران واعتبار حكومته حكومة حرب! أكثر من ذلك لقد حمّل الحريري الرئيس عون دوراً كبيراً باتجاه إقناع حزب الله بالأمور الخلافية وإمكانية التوصل لحل. وهذا وحده دليل على عدم صحة ما حُكِي عن نسف التسوية الرئاسية التي نعتْها أصوات من بيروت قد لا تُلام، لأنها نفذت تعليمات الوزير النشيط على خط أزمة لبنان «تامر السبهان» ليصبح الأكيد أن الحريري ربح على السبهان هذه الجولة!

من بين حسابات الربح والخسارة ما كشفته الأجواء عن فشل السبهان في إقناع الأميركيين حتى الساعة بضربة «إسرائيلية» وبفشل خلط أوراق الزعامة السنية في البلاد واستبدال الحريري بزعامة أخيه بهاء أو تعويم الوزير السابق أشرف ريفي وحماسة رئيس القوات سمير جعجع للانتقال لما بعد الاستقالة وغيرها.. وكلها اصوات زارت السعودية قبل الأزمة وعقدت اجتماعات محلية لاستنفارها .

الصورة التي رسمتها مقابلة الحريري تعني أن الجزء الأخطر من الأزمة بدأ يتراجع من دون أن يعني ذلك نهاية الأزمة كلها، بل الانتقال من عنوان شطب الحريري لحساب لغة الحرب، إلى عنوان العودة لاستثمار الحريري وعودته لتنشيط خيار التفاوض، وهو بالمناسبة وفق ما قاله الحريري وطلبه السعوديون تفاوض محكوم بالفشل .

الصورة ضبابية لجهة المستقبل الحكومي، لكنها واضحة لجهة المستقبل الانتخابي، حيث تجهز الحريري من جولة المواجهة الراهنة وربحه على السبهان وجماعة السبهان في لبنان وفي تياره، وبين حلفائه للربح على هؤلاء ومسحهم انتخابياً بموجة شعبية متعاطفة من جهة، وتشجيع من شركائه في التسوية التي أرغم على الانسحاب منها ليكون كما قال بعد الانتخابات لكل حادث حديث .