واشنطن تستنزف أنقرة «بغصن الزيتون» كسباً للوقت .. بقلم: روزانا رمال

واشنطن تستنزف أنقرة «بغصن الزيتون» كسباً للوقت .. بقلم: روزانا رمال

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٢ يناير ٢٠١٨

أكد مصدر قيادي رفيع لـ «البناء» أنه من الخطأ التفكير أن المشاريع التركية توقفت عند حدود مسألة إسقاط الرئيس السوري بشار الاسد وتسلّم الاخوان المسلمين زمام الأمور بعد الربيع العربي، لأن هذا غير وارد في الوقت الراهن والأتراك يبحثون اليوم على ساحة أخرى للتعويض عن الفشل. وهذا ما يربك المنطقة قبل التوصّل لصيغة حلول واضحة يمكن لتركيا التأثير فيها نظراً لدعمها العسكري لمجموعات مسلحة في الشمال. وهذا ما يجعل فكرة الاستقرار بعيدة من دون الأخذ بعين الاعتبار المشاريع التركية. ويضيف المصدر «تركيا وبعد محاولة الانقلاب العسكري التي تعرّض لها أردوغان لن تترك فرصة لتعزيز وتقوية النظام ومهاجمة كل ما يشكل خطراً عليها، خصوصاً مشاريع الأكراد، فكيف بالحال بعد أن ظهر مشروع دولة كردستان جدياً الى العلن؟

ويختم المصدر لـ«البناء» تحاول تركيا فرض اوراقها على طاولة الحلّ السوري من خلال محاولة الحصول على مكاسب للتعويض عن فشلها أمام دول أساسية تجلس على طاولة المفاوضات كوصيّ وحاضن لعملية السلام السورية، في حين تبدو تركيا عاجزة عن فرض شروطها والذي يجري اليوم يجيب على فشل اجتماعات سوتشي الأخيرة وأستانة، ويؤكد أن تركيا اضاعت فرصة جدية للمشاركة بعملية السلام، لأن القتال على الأرض السورية لا يبدو أنه سينتهي لمصلحتها عملاً بتجربة الميدان التي صبّت لمصلحة الجيش السوري وحلفائه الذين يتقدّمون بشكل منهجي ومدروس.

وبالعودة الى عفرين، فليس هناك مقدمات لهذه القضية، ولا من أين جاء هذا التصعيد الذي يبدو انه وليد اللحظة. وكأن الأتراك علموا حديثاً بدعم أميركي للأكراد فبدا كل شيء بين ليلة وضحاها وصارت تركيا مضطرة لحماية أمنها القومي بشكل مفاجئ، فما هي حقيقة الأمر ومن الذي يريد أخذ الامور الى التصعيد؟

يشعر الأميركون أن داعش ينتهي ولا توجد حجة كي يبقى أكثر، لهذا السبب يخترع ذرائع للبقاء في المنطقة ويتم التحضير تحت إطلاق مبادرة في مواجهة المبادرة الروسية في سورية بشكل مبادرة مقابلة، فاستدعى من الأميركيين التفكير بمن هي القوى صاحبة المصلحة التي يمكن «اجتذابها» لمشروع واقعي ممكن ولديها إمكانات مادية عسكرية، لأن القوى التي راهنوا عليها تتقهقر وتضعف في شمال سورية وريف ادلب وبالتالي المسار واضح امام الأميركي انه وخلال مدة شهر على الأقل باستثناء المناطق التي يسيطر عليها الأكراد ستكون بيد الجيش السوري لهذا صار على أنقرة تقرير ماذا يجب أن تفعل، وهي التي تخلّت عن مسار «أستانة» فبدأت العمليات تستهدف النصرة والجماعات المسلحة من ورائها، وبدأ ذلك في الغوطة قبل أن يصل الى ريف ادلب والهدف الأساسي إشغال الساحة وتمرير وقت إضافي لعدم الخروج من الميدان بدعم الأكراد وتصفية حسابات مع الأتراك.

من الواضح اليوم أن هناك طياً لعنوان مؤتمر «أستانة» التي كانت مهمة محددة، وهي فرصة لتركيا تتولى فيها ترتيب وضع جبهة النصرة ونقل الجماعات التابعة لها من دائرة المشاركة بالحرب الى دائرة المشاركة بالسلام. لكن تركيا لم تقُم بما تعهّدت به وبعد انتهاء الحرب على داعش وإسقاط الخطوط الحمراء الأميركية تبيّن لدمشق أن تركيا لم تفِ بتعهداتها بعد استهداف حميميم فخلق مناخاً جديداً عند الروس لضرورة إبعاد الخطر عن القواعد الروسية وبدأت العمليات على هذا الأساس.

حذّر الجيش السوري الأتراك انه بحال عدم توقف عملية إدلب لن نتوقف عن معركة الغوطة، فلم يتوقف شيء، فبوشر التصعيد في عفرين مباشرة.

يحتاج الأميركيون الى عنوان لتبرير هذا الوقت والى عنوان لإبقاء قواتهم، خصوصاً أن الأكراد أرادوا فتح نوافذ الى «سوتشي». لهذا يقلق الأميركيون من مشاركة الأكراد في سوتشي ومن أي علاقة بين الأسد والأكراد وروسيا وبالتالي واشنطن بحاجة لضجيج يضع الكردي والتركي وجهاً لوجه لشراء الوقت. وكل هذا لمنع مسار الجيش السوري المتقدّم بشكل متتالٍ.

يؤكد القادة الميدانيون «أن الأميركيين يلعبون بعشرات الجنود أدواراً عبر الآلاف من الأكراد والأتراك بافتعال هذه الأزمة بينهما، والأميركي لا يتحمل اي مسؤولية عسكرية ولا يريد الذهاب الى تصعيد الأمر. يتعلق فقط باللعب على الوقت مع مجموعة خاسرين. الجيش السوري صاحب المبادرة مع حلفائه يحقق التقدّم فأتى الردّ لحرف المسار».

سورية أرادت التوضيح لأنقرة بلسان نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أن أي اعتداء على عفرين هو اعتداء على سورية، وعلى الأتراك أن يعلموا أن الدفاعات الجوية السورية استردّت قدراتها ما يعني أن سورية تعرف أن تركيا هربت الى عفرين من إدلب وقد أغلقت الزوايا وأن على تركيا أن تواجه معادلة التالية «لا بقاء في سورية للوجود التركي».

مصدر سياسي مقرّب من القيادة السورية يؤكد لـ «البناء» أن الموقف الروسي لم يتغيّر على الإطلاق. الموقف ثابت مع الدولة السورية. لم يعطِ فرصاً إضافية للأتراك الذين أخذوا فرصتهم وانتهى الأمر وبقي أمامهم جلب جماعتهم للمشاركة في مؤتمر سوتشي تحت سقف الدولة السورية. وإذا رفض الأتراك ذلك فإن هذا سيكون خسارة لفرصة هامة لهم ولا رهانات لانسحاب روسي ونقاط المراقبة الروسية باقية في مكانها، إضافة الى القوة الإيرانية المقاتلة من الحرس الثوري الى جانب الجيش السوري وحزب الله في الشمال وصولاً إلى أعزاز وعفرين لن تتحرك أي منها من موقعها».