متى يَتوقّف “الابتزاز الترامبي” للسعوديّة ودُول الخَليج؟

متى يَتوقّف “الابتزاز الترامبي” للسعوديّة ودُول الخَليج؟

تحليل وآراء

الخميس، ٥ أبريل ٢٠١٨

متى يَتوقّف “الابتزاز الترامبي” للسعوديّة ودُول الخَليج؟ ولماذا مُطالَبتها بِدَفع ثَمن بَقاء القُوّات الأميركيّة في سورية؟ وهل العَرب سبب خَسارة أميركا سَبعة تريليونات دولار نتيجة تَدخُّلها في مِنطقة الشَّرق الأوسط؟ وماذا عن إسرائيل؟
*
السُّؤال المَطروح الآن بِقُوّة ليس حَول مَدى جِدِّيّة التَّصريحات التي أدلى بِها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسَحب القّوّات الأميركيّة من سورية، وإنّما متى ستتوقّف عمليّة “ابتزازه” للمملكة العربيّة السعوديّة، والحُصول على أكبرِ قَدرٍ من المِليارات من خَزينَتها.
جِهات عديدة داخِل الولايات المتحدة الأميركيّة وخارِجها تعتقد أنّه من المُبكِر الإقدام على هذهِ الخُطوة، وليس المملكة العربيّة وَحدَها، ولكن الرئيس ترامب لم يَذْكُر إلا المملكة، وقال في مُؤتَمرٍ صحافيّ عَقده مع قادَة دُول البِلطيق “إذا ارادت المملكة العربيّة السعوديّة بقاءنا في سورية فَعَليها أن تَدفَع أربعة مِليارات دولار على الأقل”.
جَشَع الرئيس ترامب بِلا حُدود، فهذا الرَّجُل لا يَعرِف غير البَيع والشِّراء والوُكلاء والعُمولات، ويَنْظُر إلى السِّياسة الدوليّة من مَنظورٍ آلتهِ الحاسِبة، ويَرى العالم أرقامًا، مِثلما يَنظُر إلى الحُلفاء العَرب خاصَّةً كأبقار حَلوب، يَجِب أن يَذْهَب مُعظَم إنتاجها، إن لم يَكُن كُلُّه، إلى الخزانة الأميركيّة، تحت ذَريعة الحِماية العَسكريّة، أو الفَزّاعة الإيرانيّة، أو دُون الحاجَة إلى هذهِ الذَّرائِع، والاكتفاء بأنّهم عَرب فقط يَجِب ابتزازهم من مُنطَلق عُنصري صِرف.
كان صادِقًا تصريح الرئيس ترامب الذي أعلنَ فيه بكُل وَقاحة أن المملكة العربيّة السعوديّة دولةٌ ثَريّة، ولا بُد أن تَحصُل بِلاده على جُزء من هذهِ الثَّروة، وما هو أكثر صَدمة من ذلك، أن يُحوِّل صَدر الأمير محمد بن سلمان، وليّ العَهد السعودي الزَّائِر لأميركا إلى “صَبّورة” لإسناد لوحة ابتزازِه التي تتضمّن صَفَقات الأسلحة الأميركيّة وأنواعِها التي يُريد بَيعَها للمملكة.
الرئيس ترامب أعلن أن بِلاده أنفَقت 70 مِليار دولار في سورية، و7 تريليون دولار أُخرى في الشَّرق الأوسط على مَدى السَّنوات الماضِية، ولم تَجْنِ غَير القَتل والدَّمار في المُقابِل، ونَسِي أو تَناسى أن الذي دَفَعَ الثَّمن دَمًا وخَرابًا هُما الأمّتان العَربيّة والإسلاميّة على مَدى عُقود.
أميركا خَسِرت تريليوناتها في الشَّرق الأوسط بسبب غبائها وعَنجهيّتها وعُنصريّتها، وكراهيّتها للعَرب والمُسلمين، ورؤيتها للمِنطقة وتطوّراتها من مَنظورِ المَصالِح الإسرائيليّة الصِّرْفَة، وليس المَصالِح الأميركيٍة، وإذا كان مِن طَرَف مُطالَب بتسديد أو تَعويض هذهِ الخسائِر الماليّة فهِي دولة الاحتلال الإسرائيلي واللُّوبيّات التي تُسانِدها، خاصَّةً في الولايات المتحدة الأميركيّة وأوروبا، وليس السعوديّة ودُوَل الخليج الأُخرى.
الرئيس ترامب لن يَتوقّف مُطلقًا عن مُحاولاتِه لابتزاز السعوديّة ودُوَل الخليج الأُخرى حتى آخر دولار في جُعبَتها، لأنّه لا يَجِد حتى الآن غير التَّجاوب الكامِل مع طلباتِه، ابتداءً من فَرْضْ صَفقات أسلحة وتَمويل استثمارات لخَلق وظائِف للعاطِلين الأميركيين، وانتهاء بقانون “جستا”، الذي يَتَّهِم مُعظَم هذهِ الدُّول بِدَعم الإرهاب ويُطالِبها بِدَفعِ تَعويضاتٍ لأُسَر ضَحايا هَجمات الحادي عشر من أيلول عام 2001، قد تَصِل إلى خمسة تريليونات دولار حسب التَّقديرات الأوّليّة.
 
لا بُد من وَقْفَةٍ صَريحةٍ وقَويّة لوَضع حَدٍّ لهذا الابتزاز الأميركي بأسرعِ وَقتٍ مُمكن، ليس لأسبابٍ تتعلّق بِقِيَم الكَرامة والهَيبة، وإنّما أيضًا لتَجنُّب الإفلاسِ الماليّ والغَضَب الشَّعبيّ.