البعد الفكري.. بقلم: سامر يحيى

البعد الفكري.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الخميس، ٢١ يونيو ٢٠١٨

بعد أن شهدنا العديد من الأعمال الدرامية والبرامج في شهر رمضان المبارك الذي يتفق عليه الجميع موعداً لبث المسلسلات والبرامج التلفزيونية، منها ما يتمّ عرضه وقبوله، ومنها ما يتم إيقافه أو تأجيله، أو تجاهله، تتقبله هذه القناة وترفضه تلك إلى ما هنالك، من عيوبٍ وانتقاداتٍ لهذا العمل أو ذاك، وإيجابيات لبعضها.
وباعتبار الأعمال الدرامية بجزءٍ منها رسالة فكرية إعلامية بامتياز، بغض النظر عن طريقة العرض..... مما يرتّب على القائمين بالشأن الإعلامي والثقافي العمل معاً من أجل جعلها رسالةً صادقة معبّرةً عن واقع الشعب وتصنع رأياً عاماً وطنياً يعتز بانتمائه الوطني، ويتقن عمله أنى وجد.
من أين نبدأ وإلى أين سننتهي، وماذا نريد، وكيف نترجم الفكرة إلى فعل، وكيف نحوّل التنظير إلى عمل حقيقي بنّاء، كلّها تساؤلات مطروحة، وعلى  المؤسسة الإعلامية الإجابة عليها، باعتبارها مؤسسة وطنية بامتياز، دورها التواصل والتعاضد وتحقيق الربط بين كافّة مؤسسات الوطن من الناحية الفكرية والإعلامية، والمفترض أن تكون على صلةٍ مع مؤسسات الإنتاج والكتّاب والمثقفين، بالإضافة لدورها صوت المواطن لدى الحكومة وصوت الحكومة لدى المواطن، لكي تعبّر تلك البرامج الدرامية واللقاءات التلفزيونية عن الحقيقة الوطنية، وتمثل دوراً أساسياً في سد كل محاولات بث الفتنة، كما دورها في منع استغلال تصريحٍ أو حديثٍ أو نقاش، يحاول تثبيط الهمة، والعمل على رفع الوعي وتعزيز الانتماء والولاء.
هذه المسلسلات ستبث على مدار العام، والبعض قد يتابعها أكثر من مرة، وتغرس صورةً ذهنية لموضوعٍ ما، بالإضافة للبرامج اليومية المعتادة، كل ذلك يتطلّب تفاعلاً وتواصلاً بين المؤسسات الإعلامية نفسها، كالقنوات التلفزيونية والمكاتب الصحفية، وأصحاب الفكر، لبحث عملية بث الفكرة الإيجابية البناءة، واستقطاب المشاهدين، بعيداً عن اللقاءات الشكلية التي يتم خلالها التنظير وتبادل الإطراء والمديح ووضع التبريرات والمبررّات ..لكي نتمكن من صنع رسالةٍ إعلامية كاملةً متكاملة، تنبع من المبادئ والثوابت الوطنية، لا تدغدغ المشاعر، بل تصنع الرأي العام، لا تسرق الأفكار بل تخلق الأفكار التي تناسب أبناء الوطن، بعملٍ جماعيٍ بنّاء، لا ينكر دور الفرد والكفاءات، ويحقق الهدف المنشود.
إن تنسيق جهود المؤسسات الإعلامية، وما يرتبط بها هام جداً فدورها تكاملي لا تنافسي، تستطيع توزيع برامجها بشكلٍ يحقق العائد المادي لكل تلك المؤسسات وأبنائها، وإيصال الصوت الحقيقي لأبناء الوطن، وبالتالي نستقطب المشاهد ونصنع الرأي العام بعيداً عن التقليد والشتم والمديح .. فالإمكانيات موجودة، والقدرات والكفاءات متوفّرة فقط نحتاج تفعيل الحس الوطني بين الجميع، تعزيز الانتماء الوطني، ورفع الوعي وغرس التنشئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأهمية العمل المؤسساتي، إلى ما هنالك، ضمن احترام خصوصية وأداء كل مؤسسة، وهنا يكمن أهمية تفعيل دور دائرة العلاقات العامة بكل مؤسسة دون استثناء، بما فيها الإعلامية، وأهم تلك المهام:  
ـ تفعيل عملية التواصل والنقاش مع المؤسسات الأخرى لمنع التناقض والازدواجية، مع احترام خصوصيتها والحفاظ على صورتها الذهنية.  
ـ التشاركية والبحث والدراسة والحوار والرقابة المباشرة عند البدء بوضع الفكرة لا انتظار الانتهاء من تصويرها أو كتابتها، وبالتالي نوفّر الجهد والوقت والمال، وتظهر بالحلّة الأبهى وتوصل الرسالة المطلوبة.
ـ عقد لقاءات دورية بين معدي البرامج وكل تخصص مع التخصصات التي يتم بحثها ونقاشها، سياسيةـ اقتصادية، اجتماعية، إلى ما هنالك، للتمكّن من خلق الأفكار التي تنبع من الواقع السوري وضرورتها الحيوية.  
ـ عقد لقاء دوري أسبوعي بالحد الأدنى (وقد يكون موجوداً) للقائمين بالشأن الإعلامي، وكذلك المسؤولين كل ضمن تخصصه، وكذلك مع الكتّاب ومديري المؤسسات الإنتاجية، يكون تقييماً لبحث الأسلوب الأفضل لرفع الأداء وتفعيل التعاون والانسجام لتحقيق الظهور الأمثل.
ـ عقد لقاءات دورية أسبوعية مع مدراء المكاتب الإعلامية، وإقامة ورشات عمل تفاعلية، لتفعيل أداء المكاتب الإعلامية، التي من المفترض أن تكون مكاتب علاقات عامةٍ جديّة وبناءة، ويمكن تطبيقه عبر المحافظات بوجود وسائل التواصل التي تسهّل هذه المهمة.  
إن الجمهورية العربية السورية، التي استطاعت بفضل أبناء الجيش العربي السوري وحنكة وحكمة القيادتين السياسية والعسكرية، بتطهير معظم الأرض السورية من الإرهاب، وتعمل بالتعاون مع الحلفاء والأصدقاء، نداً لندٍ لاستكمال تطهير ثرى وطننا المقدّس، وعودة الاستقرار والازدهار لكامل التراب المقدّس، تحتاج منا بذل الجهد لتنشئة الوعي وتعزيز الانتماء الوطني لدى كلٍ منا دون استثناء، بعيداً عن التنظير والتبرير وتحميل المسؤوليات للآخر..