المصالحة الإسرائيلية – التركية وآثارها المقبلة على الساحة الفلسطينية

المصالحة الإسرائيلية – التركية وآثارها المقبلة على الساحة الفلسطينية

تحليل وآراء

الأحد، ٣ يوليو ٢٠١٦

تحسين الحلبي

يبدو أن الإعلان عن المصالحة الإسرائيلية- التركية ما كان له أن يتم لولا وجود قرار أميركي مباشر على عدد من اللاعبين الرئيسيين في ملعب السياسة الأميركية فقد قام جو بايدين في آخر زيارة له إلى أنقرة قبل ستة أشهر بعرض مساعدته لتحقيق هذه الغاية واجتمع بنتنياهو بعد شهرين من اجتماعه بأردوغان وأعد للاثنين بموجب ما نشرته بعض الصحف الأميركية والإسرائيلية مخارج للمعيقات ولذلك كان أول من أبلغ الصحافة أنه اتصل أمس بنتنياهو وأردوغان لتهنئتهما.
وكان موقع «معهد واشنطن للسياسة في الشرق الأوسط قد أشار في تحليل نشره ميخائيل هيرتسوغ إلى وجود رغبة من أردوغان ونتنياهو معاً للإسراع في إعلان هذه المصالحة بل ذكر أن أردوغان ظهر بحاجة لهذه المصالحة أكثر من حاجة إسرائيل لها، وربما تعود أسباب ذلك إلى رغبة واشنطن وتل أبيب بدفع أردوغان إلى القيام بدور تدريجي في هذه المرحلة في قطاع غزة ويستند باحثون في إسرائيل إلى المكانة التي حققها أردوغان لدى حركة حماس في قطاع غزة ويشاركه في هذه المكانة قطر فهما الدولتان اللتان تجمعهما قواسم مشتركة في دعم الإخوان المسلمين في مصر وحركة حماس في جوار مصر وفي أنهما جزء من اللاعبين في الملعب الأميركي.. ولذلك ستتجه الأنظار بعد هذه المصالحة إلى قطاع غزة وإلى مصر أيضاً وفي هذا الموضوع كان أردوغان قد اتصل بعد الإعلان عن توقيع المصالحة الإسرائيلية- التركية برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لأنه ما زال يمثل السلطة الفلسطينية في القطاع وبالمقابل ترى صحيفة هآريتس الإسرائيلية أن المصالحة التركية- الإسرائيلية ستتجه بعد ذلك نحو توظيف دور سعودي لتحقيق تقارب بين تركيا ومصر وإذا ما وافقت مصر فإن حظوظ أي مشروع تركي- قطري ستتجه نحو القطاع ولذلك ستمر هذه المصالحة بموجب تقديرات الإسرائيليين بمرحلتين إحداهما: السماح لتركيا بإدخال مساعدات للقطاع عن طريق ميناء أسدود الإسرائيلي يوفر شعوراً للقطاع ببداية انفراج عبر البوابة التركية مع إسرائيل وعبر أموال قطر أما المرحلة الثانية فسوف يرتبط فتح بوابتها بشروط تدريجية أخرى يراد من خلالها إدخال قطاع غزة إلى ملعب تطلب فيه إسرائيل نزع أسلحة القطاع.. وهذا ما طالب به في أكثر من مناسبة وزير الدفاع الجديد ليبيرمان حين كان وزيراً للخارجية بل إنه دعا الدول العربية وخصوصاً دول النظام الرسمي العربي بالبدء بتطبيع العلاقات السياسية مع إسرائيل قبل التوصل لأي حل بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية واعتبر أن هذا الإجراء حين يقوم به عدد من الدول العربية سيشجع «الفلسطينيين» على التجاوب مع الشروط الإسرائيلية لحل النزاع معهم، والمعروف أن ليبيرمان هو صاحب «خطة تبادل الأراضي» و«تبادل السكان» في أي حل تريده إسرائيل فالنيات الإسرائيلية من أي مصالحة مع تركيا ستتجه الآن نحو توظيف أكبر عدد من الدول العربية بالإضافة إلى تركيا لاستغلال الظروف التي تمر بها المنطقة من أجل تجزئة الحل على الساحة الفلسطينية بين قطاع غزة والضفة الغربية وإلا فقد كان على الدول العربية المتنفذة في الساحة الفلسطينية العمل على مصالحة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس أولاً وليس الاستناد إلى مصالحة إسرائيلية- تركية ترسخ الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
الوطن